السودان.. المجاعة سلاحٌ يفتك بالجميع
ترجمة: حسن شعيب
"رحلنا
عن بيوتنا وليس بها كوب ماء مثل هذا".. كلمات تلخص مأساة ملايين
الصوماليين، نطقت بها السودانية أسماء، التي فرَّت بحياتها من المجاعة إلى
أحد مخيمات اللاجئين في إثيوبيا, وهي تشير إلى كوب من البلاستيك ملقى في
التراب بجانب قدمها. وتضيف أسماء- وهو ليس اسمها الحقيقي بالمناسبة حفاظا
على سلامتها- إن الميليشيات المقاتلة قصفت قريتها ولم يسلم منهم الأطفال
والحوامل, وكانت الميليشيات تصرخ "أمسكوا بالعبيد". كما أنها تحكي رحلتها
المروعة إلى مخيم اللاجئين, التي استمرت طيلة أسبوع, مع 50 سيدة أخرى, حيث
كان لزاما على العديد منهن ترك أطفالهن ورائهن.
من جانبها قالت مجلة "تايم الأمريكية" إن الأمر
الذي لا يصدق, أن أسماء وغيرها من عشرات الآلاف من السودانيين الذين نجوا
بحياتهم عبر الحدود الدولية محظوظين, فقد فروا من مناطق تندلع فيها الحروب
في السودان (مثل النيل الأزرق وجنوب كردفان وأبيي ودارفور) والتي تتحطم
فيها كل القوانين الدولية التي تجرم مثل هذه الحروب, إلا أن القصف الجوي ضد
المدنيين وعرقلة المساعدات الإنسانية أدى في نهاية المطاف إلى جريمة أخرى
وهي المجاعة التي لا تستثني ولا ترحم أحد.
وأضافت
المجلة الأمريكية أن استخدام استراتيجية المجاعة كسلاح أو وسيلة للسيطرة
هي أحد أقدم الأساليب وأكثرها فعالية من إعلان الحرب العسكرية, حيث نجح الاسبارطيون في انهاء حروب
البيلوبونيسية في عام 400 قبل الميلاد عن طريق تجويع اليونانيين خلال
حصارهم لأثينا, مؤكدة أنها تصورت أن استخدام سلاح التجويع اختفت من ترسانة
أسلحة الحرب, بحلول العقد الثاني من القرن الحادي والعشرين مع تطور
المساءلة الدولية وآليات الوقاية, لأنها تكلف الجميع تكاليف باهظة, إلا أن
تكتيكات هذا السلاح أعيد استخدامه من جديد على خلفية تجدد الحرب في السودان
بين الشمال والجنوب, وإذا ما استمر وانفجر هذا الصراع فإنه بسهولة قد يصبح
أكبر حرب تقليدية على وجه الأرض.
وأشارت
المجلة الأمريكية إلى ضرورة تحرك المجتمع الدولي على وجه السرعة من أجل
الحفاظ على سلامة المدنيين والمواطنين وبعدهم عن تهديد المجاعة وذلك ببذل
كل الجهود لإرساء السلام وتوفير الحماية لهؤلاء السودانيين بضرورة محاربة
هذه المجاعة والحد منها, وبطبيعة الحال سرعة إرسال المساعدات إلى السودان
بأي وسيلة ضرورية واستخدام الضغوط الدولي الكثيفة بمساعدة الدول المجاورة
اللازمة لمنع المجاعة على نطاق واسع حتى تسمح حكومة الخرطوم لوصول
المساعدات الإنسانية الكاملة, فضلا عن توقف القصف الجوي والمعارك الضارية
التي يذهب ضحيتها المدنيين
من
جانب آخر, بعثت حكومة جنوب السودان خطابا سريا للرئيس الأمريكي باراك
أوباما، يشمل كافة التطورات بالدولة الجديدة والمجاعة التي تفتك بمواطنيها،
وتردي الأوضاع الأمنية بجانب الانشقاقات العنيفة التي تضرب صفوف القوات
النظامية وما يجري من صراعات كبيرة.
وعلى
الرغم ان السودان يوصف بأنه سلة غذاء العالم, فإنه مهدد بمجاعة حقيقية,
حسب ما قاله بعض الخبراء الاقتصاديين السودانيين, والذين حذروا من فجوة
غذائية قد تصبح مجاعة حقيقية, إذا
ما فشلت الحكومة في دعم مخزونها الإستراتيجي ولم تضع في الحسبان حاجة
البلاد المستقبلية من الغذاء, مرجعين أسباب ذلك إلى ضعف هطول الأمطار هذا
العام تارة بعض السياسات الحكومية الخاطئة تارة أخرى
اصبح
من الضروري أن ينظر المجتمع الدولي بعين الرأفة إلى المواطنين في السودان
الذين قد يكونون ضحية لهذه الحروب الناشبة في السودان وينبغي تعزيز جهود السلام, على خطين متوازيين, سواء بالمبادرات الدبلوماسية رفيعة المستوى والتركيز على التوصل إلى اتفاق سلام شامل في جميع المناطق في السودان
ودون تحرك دولي قوي, سيشكل خطر
المجاعة القادم معضلة على الجميع وربما يكون سلاح فتاك, لأن بوادر هذا
الخطر قد ظهرت في الأفق, وقد تكون السودان بانتظار ربيع آخر كنظيراتها في
الحكومات العربية التى سقطت بسبب دكتاتورياتها وتجويعها لشعوبها وهذه
الأسباب تتوفر بقوة في السودان وبذلك تقع حكومة السودان بين خطرين داهمين
إما المجاعة القادمة أو الثورة.
---------------------
طالع...المصدر
تعليقات