أيها البرازيليون.. انبذوا التعصب


ترجمة: حسن شعيب
في السنوات الأخيرة, برز في المجتمع البرازيلي- الذي يجمع تشكيلة متنوعة من الأديان تمزج بين الشرق والغرب- ظاهرة التعصب الديني لدى بعض المسيحيين الإنجيليين، الذين يُمزقون كتب الديانات الأخرى المقدسة علانية، وينشرون مقاطع مصورة لهذه المشاهد على موقع "يوتيوب"، فضلا عن استخدامهم لوسائل الإعلام المختلفة في تعزيز الكراهية الدينية.
في الواقع، يبدو هذا التعصب الديني جديدا على المجتمع البرازيلي, الذي يحتضن مختلف الديانات، ويجمع بين أتباعها يعيشون تحت مظلة من التسامح وقبول الآخر, على اعتبار أن الوطن الكبير يتسع للجميع، فضلا عن وجود قوانين تحارب أي نوع من التعصب الديني. 
من أجل ذلك وردا على انتشار موجة التعصب الديني تلك, قام عشرات الآلاف من البرازيليين، الشهر الماضي, بتنظيم مسيرة على شاطئ "كوبا كابانا" بمدينة ريو، للاحتجاج ضد التعصب الديني الذي تظهره بعض طوائف المسيحية الإنجيلية، والتنديد باضطهادهم للأديان الأخرى.
وتأكيدا منهم على نبذ التعصب ومحاربته, انضمت الجالية المسلمة في البرازيل إلى هذه التظاهرة, وشارك اتحاد المؤسسات الإسلامية والجمعية الخيرية الإسلامية بمدينة ريو, حيث تحدث الشيخ خالد تقي الدين مدير الشؤون الإسلامية بالاتحاد في مؤتمر صحفي جمع للقيادات الدينية قائلا: "إن الإسلام دين السلام والتسامح والحث على حرية الإنسان الدينية. ونحن في البرازيل ينبغي علينا أن نعمل سويا حتى تسود قيم المساواة في الحقوق والتعايش السلمي بين أتباع الأديان المختلفة ونكون بذلك نموذجا للأمم والدول الأخرى".
وقال ايفان دوس سانتوس, أحد منظمي المسيرة: " في الواقع, هذه المسيرة ليست دينية, ولا تدعو لأي دين, لكنها فقط من أجل توفير الاحترام لكل الأديان, والتأكيد على أن التعصب الديني ثغرة مشرعة أمام الفاشية", مضيفا: "لقد قمنا بجمع جميع ممثلي الأديان معا من أجل الحوار ونبذ التعصب الديني الذي يولد العنصرية ويهدد الديمقراطية", مشيرا إلى هدف المسيرة التي شارك فيها 18 ألفًا، هو فصل الكنائس المسيحية الإنجيلية بسبب ما أشاعوه من تعصب ديني تجاه الأديان الأخرى.
من جانبه, يقول عالم الاجتماع البرازيلي مونيز سودري: "إن المجتمع البرازيلي يتميز بالتعددية والتنوع العرقي, ولا يمكن السيطرة عليه من قبل نظام ديني واحد". أما جيزيل كوسراد عالم الاجتماع الفرنسي الذي عاش في البرازيل قرابة 40 عاما, فقال: "بالفعل ينكر بعض المسيحيين الانجيليين في البرازيل جزءًا كبيرًا من الثقافة البرازيلية، لأنهم عنصريون".وتجدر الإشارة أن الطوائف المسيحية وخصوصا الإنجيليين يمثلون حاليا 15.5% فحسب من مجموع سكان البرازيل.
يشار إلى أن العديد ممن شاركوا في المسيرة من القيادات الدينية أظهروا قلقا بالغا فيما يتعلق بمستقبل البرازيل، لا سيما بعد زيادة نفوذ وتعصب الإنجيليين، وقيامهم بتوجيه الرأي العام لمعاملة المسلمين كأعداء, برغم أن الكثيرين منهم لا يدرون شيئا عن الإسلام، بدليل أنهم يصفون المسلمين بأنهم أعداء المسيح عليه السلام، وإذا ما استمرت وتيرة حالات الكراهية والتعصب الديني بهذا الشكل فإن هذا يعطي مؤشرا خطيرا ربما يهدد التعايش السلمي الذي تنعم به البرازيل.
وفي أبلغ رد على هذه الادعاءات, ارتدى شباب المسلمين في البرازيل خلال هذه المظاهرة زيًا موحدًا كُتبت عليه عبارات تدل على التسامح والاعتزاز بالدين الإسلامي, مثل:"الإسلام سلام" و "الإسلام حب" و"تعرف قبل أن تتهم"، كما قامت مجموعة "اعرف الإسلام"، وهي مجموعة تابعة لاتحاد المؤسسات الإسلامية بالبرازيل، بتوزيع 3000 كتاب ومطوية تتحدث عن الإسلام.
جديرٌ بالذكر أن أتباع بعض الأديان في البرازيل قاموا بتأسيس لجنة مناهضة التعصب الديني, بعد تزايد حالات الاضطهاد وبخاصة في  مدينة ريو دي جانيرو, وقد تمكنت هذه اللجنة من تحقيق الكثير من المكاسب, منها وضع أساس لخطة وطنية لمكافحة التعصب الديني, التي قدمت لرئيس دولة البرازيل في عام 2008، ومن ثم قامت الشرطة المدنية بمدينة ريو بتفعيل قانون ينص على عقوبة بالسجن تصل من عام إلى خمس أعوام, لمن يثبت ضده جرائم بالإساءة للأديان الأخرى.
وفي ظل هذا المناخ الملبد بالتعصب الديني, كانت مشاركة المسلمين في المجتمع البرازيلي متميزة برغم أن عددهم لا يزيد عن مليون ونصف نسمة، من أعراق مختلفة "أفارقة وعرب وبرازيليون", ويمثلون نسبة تقل عن 1% من مجموع عدد سكان دولة البرازيل البالغ 180 مليون نسمة. 
------------------
طالع..المصدر

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

النوبة .. ملاذُ السكينة على ضفاف النيل

اليمين النمساوي يطالب بحظر الرموز الإسلامية وسياسيون أيرلنديون يحثون على استيعاب المسلمين.. الأقليات المسلمة في أسبوع

اكبر حديقة ازهار في العالم.. 45 مليون زهرة وسط الصحراء