طبيبة.. سفيرة للإسلام في أمريكا!


ترجمة: حسن شعيب
بابتسامة هادئة دافئة, تحكي الطبيبة "ماهجابين حسن" تجربتها في الولايات المتحدة بعد أحداث 11 سبتمبر متجنبة الحديث عن التجارب المريعة التي خاضتها؛ "لأنني إيجابية".

 منذ نعومة أظفارها, ارتادت المدارس الكاثوليكية, ولرغبتها في أن تصبح طبيبة التحقت بالمدرسة الطبية في باكستان, وفيها اهتدت إلى الله؛ حيث تقول: "كنت أدرس الخلية البشرية, وهيكلها وعملها, فأخذت أفكر: لابد أن هناك إلهًا خلق هذه الخلية, فهي معقدة وتحتاج للتخطيط, ولا يمكن أن تكون مجرد حادث".

رحلة فريدة
وفي عام 1977, قدِمت الدكتورة ماهجابين إلى الولايات المتحدة، وأصبحت مواطنة أمريكية في عام 1983, كما ذهبت إلى الحج في عام 1996, وسريعًا بدأت في تدريس القرآن الكريم للمسلمين في وستشستر, وارتدت الحجاب أواخر التسعينات, كما أعطت بعض المحاضرات القليلة عن الإسلام في مكتبة بليزنتفيل.
خلال الأيام المظلمة (عقب هجمات 11/9), بدأت الدكتورة ماهجابين رحلتها الفريدة والعميقة, حيث دُعيت للحديث عن الإسلام في كنيسة "ايرفنجتون", وكنائس أخرى, والمكتبات والجامعات, وفي أي مكان.
في البداية, قبلت الدكتورة ماهجابين كل دعوة جاءتها, ثم تطور الأمر لتصبح أكثر الوجوه المألوفة للإسلام في المنطقة. ومن خلال حديثها عن دينها مرارًا وتكرارًا, وإجابتها على بحر من الأسئلة، وتقديم نفسها على أنها سيدة مسلمة محجبة تمتلك من بلاغة المنطق ومواكبة الجديد, استطاعت أن تتواصل مع العالم بعد 11/9.
للوهلة الأولى, قد يخيل لك أن ماهجابين (61 عامًا), غير ملائمة لهذا الدور, حيث إنها تنحدر من عائلة عسكرية في شمال باكستان, حيثما تشن أمريكا الحرب على الإرهاب, لكنها جراحة تجميل، تعرف جيدًا كيف تضمد جراح ضحايا الحوادث في جنح الليل, لذلك كانت تعرف كيف تحسّن صورة الإسلام في أمريكا.
تقول ماهجابين: "هناك شيء ما وجهني للذهاب إلى أمريكا, وكأنه صوت داخلي يقول: سيكون لك هدف من حياتك هناك, وعندما وقعت أحداث 11/9 عرفت وقتئذ لماذا كان وجودي هناك، وقلت: سأبذل قصارى جهدي لتحسين صورة الإسلام".
في أعقاب 11 سبتمبر
في الذكرى السنوية الأولى لأحداث 11 سبتمبر, التقت ماهجابين مع أكثر من 200 من اليهود والمسيحيين والمسلمين خارج مركز ويستشستر الإسلامي في ماونت فيرنون للتفكير, حيث عبرت عن أسفها من عدم التواصل قبل 11 سبتمبر.
ودومًا ما كانت تقول عن 11 سبتمبر: "شعرت وكأن جزءًا مني قد أصيب", برغم ذلك فلم تسلم من التحرش في الأماكن العامة, لارتدائها الحجاب, من جانبها لا تريد أن تكشف عن تفاصيل ما حدث لها بعد 11 سبتمبر من اضطهاد, لكنها تقول: "كان الألم شديدًا جدًّا لتحمله".
ونظرًا لتفوقها في مجالها الطبي, جاءتها مكالمة من القس تشارلز كولويل بعد ما سمع عنها, والذي عبر عن أمله في زيارة كنيسته التي تعاني من الحيرة والذهول عن الإسلام, والتي كانت معبأة بعد شهر واحد من أحداث 11 سبتمبر, وتقول ماهجابين: "لم أستطع أن أصدق أنهم أرادوا أن أتحدث إليهم في كنيسة".
حضور مميز
أما كولويل, (متقاعد حاليًا), فيقول: "لم يكن الموجودون بكنيستي يعرف عن الإسلام كثيرًا, لكن الدكتورة ماهجابين كانت رائعة, وودودة, ومتفتحة, ومتحمسة. إنها سيدة تمثل أيقونة للسلام, وقد لمسنا فيها ذلك", ومن بعدها توالت دعوة الدكتورة, التي وصلت إلى ثلاث دعوات في الأسبوع لمدة عام بعد 11 سبتمبر.
خلال هذه اللقاءات, كانت ماهجابين الشخص الوحيد من غير علماء الدين الذين يشاركون في هذه الفعاليات, حيث يشارك بعض الأئمة للتعريف بالإسلام لجمهور المشككين, الذين يعرفون عن تنظيم القاعدة أكثر من معرفتهم كيف تعيش أسرة مسلمة في كوخ في جبال أفغانستان.
وغالبًا ما تبدأ حديثها بدعاء من القرآن الكريم: "رب اشرح لي صدري ويسر لي أمري واحلل عقدة من لساني يفقهوا قولي", موضحة أن هذا الدعاء ينسب لنبي الله موسى عليه السلام, لأن الإسلام يعترف بجميع أنبياء التوراة,كما يعترف بالمسيح عليه السلام، (لكنه لا يؤمن بصلبه أو موته).
بعد ذلك, تُقدم ماهجابين الأركان الأساسية في الإسلام, شهادة ألا إله إلا الله, وأن النبي محمدًا خاتم الأنبياء, وإقامة خمس صلوات في اليوم, والزكاة, وصيام شهر رمضان, والحج إلى مكة المكرمة في المملكة العربية السعودية.
يشار إلى أن الدكتورة ماهجابين دومًا ما تتعرض لسيل من الأسئلة عن بعض الأشياء الموجودة في الدول الإسلامية: لماذا لا يمكن للنساء قيادة السيارة في المملكة العربية السعودية؟ وغياب الحرية الدينية في بلدان إسلامية عديدة؟ لكنها تحاول أن تشرح لهم أن الممارسات الثقافية في البلدان الإسلامية تختلف عن تعاليم الإسلام الحقيقية, مؤكدة أن من أكبر العقبات هو فصل الثقافة عن الدين.
أما عن حادثة ملاهي بلاي لاند, والتي ألقي القبض فيها على خمسة عشر شخصًا بعد أن طلب من السيدة المحجبة المسلمة إزالة الحجاب تطبيقًا لقواعد السلامة في قيادة السيارات, فتقول ماهجابين: "إن الشرطة بالغت في رد الفعل, وبطبيعة الحال فقد المسلمون السيطرة على عواطفهم, حيث يشعرون بحساسية استهدافهم من قبل المجتمع", مضيفة: "إن شعور الضحية سلبي للغاية, بل إنه قد يؤدي للأسوأ في الأمور البسيطة".
أما رموز المجتمع في الولايات المتحدة فيشهدون للدكتورة ماهجابين بالكفاءة, حيث يقول الشيخ أنيس, من مركز وستشستر الإسلامي: "إنها من الرائدات التي حظيت بقبول الكثير", مضيفًا: "لقد كانت من الأوائل الذين أدركوا حاجة مجتمعنا إلى بذل الجهد للمشاركة في المجتمعات للتعريف بالإسلام".
وأشار بعض المراقبين إلى تركيز ماهجابين الشديد للغاية على المتفق عليه في الأديان والبعد عن الخلافات, حيث يقول القس بول ايجنيتسر, راعي الكنيسة في إيمانويل بليزنتفيل: "إنها تتناول المسائل المعقدة في وقت قصير أمام الجمهور العريض".
وحسب ما قالته فوزية خان, من رابطة المسلمات الأمريكيات التي شاركت ماهجابين في تأسيسها: "لم يكن يعنيها الأعداد التي ستلقي عليها المحاضرة للتعريف بالإسلام, وقد كانت تثير حوافز كثيرة في المجتمع", مضيفة: "إنها تخاطب العقل، لكنها أيضًا تتحدث إلى القلب".
في النهاية, تقول الدكتورة ماهجابين أنها لن تكف عن إلقاء المحاضرات للتعريف بالإسلام، طالما أن هناك أناسًا يستمعون, ولو قليلين, فإن كل دعوة تأتيني تمنحني الطاقة لبذل الجهد الكثير, ولأن تخصصي هو الوجه البشري فإني أقرأ الوجوه عند دخولهم إلى المحاضرة وعند المغادرة وأرى التغيير فيها".
------------------

طالع.المصدر

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

النوبة .. ملاذُ السكينة على ضفاف النيل

اليمين النمساوي يطالب بحظر الرموز الإسلامية وسياسيون أيرلنديون يحثون على استيعاب المسلمين.. الأقليات المسلمة في أسبوع

اكبر حديقة ازهار في العالم.. 45 مليون زهرة وسط الصحراء