السياسيون القادمون في الشرق الأوسط
ترجمة: حسن شعيب
تشهد
منطقة الشرق الأوسط حاليًا مرحلة انتقال سياسيَّة, يُفسح فيها جيل الزعماء
والقادة, الموالين للولايات المتحدة, الساحة لمجموعة من القادة الجدد،
الذين لم يتضح بعد ولاؤهم، أو مواقفهم الكاملة، وهو التحوُّل الذي يتوازى
مع تهاوي قوَّة الولايات المتحدة في المنطقة، وضعف تأثيرها.
ويمكن
رصد عملية التغيير, بأشكالها المختلفة, بوضوح في عدة بلدان عربية، مثل:
المملكة العربية السعودية ومصر والعراق، وهي البلاد الثلاثة الأقوى في
العالم العربي، التي تتعرض للمكائد من قبل إيران الثورية وهجمات القاعدة,
فضلا عن وجود المعارضة للنُّخب الحاكمة.
ففي
المملكة العربيَّة السعوديَّة، الدولة الأكثر ثراءً وتأييدًا وولاء
تاريخيًّا للولايات المتحدة بين الأنظمة العربيَّة, بدأ التغيير بالفعل,
حيث اهتمت عناوين الصحف في الآونة الأخيرة بزيارة الملك عبد الله بن عبد
العزيز إلى الولايات المتحدة من أجل العلاج بسبب انزلاق غضروفي, وكذلك عودة
ولي العهد الأمير سلطان, وزير الدفاع إلى المملكة, وهو ما اعتبره البعض من
إرهاصات التغيير، بيد أن هناك أخبارًا حقيقيَّة أخرى عن السعودية, تتعلَّق
بتعيين متعب نجل الملك عبد الله رئيسًا للحرس الوطني, أحد أعلى المناصب
العسكرية في البلاد, وهو ما اعتُبر نقلًا للسلطة إلى ما يعرف باسم "الجيل
الثالث", وهم أحفاد مؤسّس المملكة, الملك عبد العزيز آل سعود, وكذلك
الإشارة المبكِّرة التي ظهرت في الأفق بتعيين الأمير منصور بن متعب, نجل
وزير البلديات, لخلافة والده.
من
جانبهم قال المحللون السعوديون: إن هذه التغييرات تؤسّس لشكل الخلافة
المرتقبة؛ حيث سيخلف الأبناء آباءهم في المناصب الوزاريَّة في صفقة لتقاسم
السلطة, فعلى سبيل المثال من المحتمل أن يتمَّ تعيين محمد بن نايف, المسئول
عن مكافحة الإرهاب, لخلافة والده, الأمير نايف, وزير الداخليَّة عندما
ينتقل ليصبح ولي العهد القادم.
أما
مصر, فيدور الحديث فيها حول عمر وصحة الرئيس المصري حسني مبارك، الذي يقود
البلاد منذ اغتيال أنور السادات، الرئيس السابق في 1981، كذلك تبرز توقعات
بأن يورّث مبارك ابنه جمال, مع فرض ضوابط صارمة على المعارضة.
وقد أثبت مبارك أنه حصن متين في بعض الأحيان، لكن على حساب الإصلاحات الديمقراطيَّة.
وهذه
العمليَّة, "خلافة الابن لأبيه" كانت واضحة تمامًا في سوريا, حيث خلف
الرئيس السوري بشار الأسد والده حافظ, وقد احتاج الرئيس الشاب لعدة سنوات
كي يعزّز سيطرته على البلاد, إلا أنه فعل ذلك بأسلوب ذكي وبلا هوادة, حتى
إنه صار يُعد في الوقت الراهن أحد أقوى زعماء العرب من جيله، ويتحدَّى
الولايات المتحدة باستمرار، أما سعد الحريري رئيس الوزراء اللبناني الحالي
فهو أقل حظًّا، فقد اغتيل والده رفيق الحريري, بعد رحيله عن منصبه بوقتٍ
قصير في عام 2005.
وتقع
العراق أيضًا في قلب عمليَّة التغيير السياسي, وهي دولة لا يمكن التنبؤ
بما سيحدث بها؛ فمنذ غزو العراق عام 2003 وتدمير هيكل السلطة القديم، نصبت
القوات الأمريكيَّة نفسها في مقام الوالد, وظنَّ البعض أن الصفحة طويت مع
تشكيل حكومة ائتلافية برئاسة رئيس الوزراء نوري المالكي، لولا أن أوضح
بايدن، نائب الرئيس الأمريكي، لمجموعة من الصحفيين مؤخرًا في البيت الأبيض
كيف قدّمت أمريكا المساعدة للحكومة الجديدة، وفي إجابة على سؤال طرح عليه
أعلن بايدن أن الولايات المتحدة لن تتدخَّل لإنقاذ البلاد حتى إن لم تتحمل
الحكومة الجديدة المسئوليَّة؛ مما سيودي بالبلاد إلى هاوية الحرب الأهلية
مرة ثانية. وبالرغم من أن الحكومة الجديدة تتكون من جميع الفصائل
السياسيَّة الرئيسيَّة, فإنها تبدو هشَّة كحال السياسة العراقيَّة ذاتها.
ما الذي سيحدث في المستقبل؟ (الأيام وحدها كفيلة بالإجابة عن هذا التساؤل!)
------------------
طالع..المصدر
تعليقات