الإغاثة الإسلامية لـ "هايتي"
ترجمة: حسن شعيب
من
كل حَدبٍ وصَوْب تدفقت المساعدات على هايتي، التي تعرَّضت لمعاناة هائلة
يصعب وصفها إثر زلزالٍ خلَّف وراءه ما يزيد عن 150 ألف قتيل، وأكثر من
ثلاثة ملايين مشرَّد، وقد كان من الطبيعي أن تسارع المنظمات والحكومات
والأشخاص من جميع أنحاء العالم لمساعدة منكوبي الزلزال المدمِّر، لا سيما
أن رحلة إعادة بناء هايتي ستكون طويلةً ومضنية وتحتاج إلى تضافر كافة
الجهود.
وقد
كان للإغاثة الإسلامية والعربية دورها الفعال في دعم الجهود الإنسانية,
نظرًا لطبيعة الدين الإسلامي الذي يدعو إلى نشر الخير ومساعدة المحتاجين،
ولو من غير المسلمين.
فور
وقوع الكارثة بدأت المنظمات الإسلامية في أوروبا بجمع التبرعات لإغاثة
المنكوبين, حيث قامت منظمة "يد العون للإغاثة والتنمية", وهي منظمة إسلامية
مقرّها بريطانيا, بإطلاق موقع إلكتروني للتعريف بالكارثة وجمّ المساعدات,
كما قامت ببثّ خمس ساعات على الهواء مباشرة تدعو فيها بلدان العالم لمساعدة
منكوبي الزلزال، مع عرض واقع المأساة الإنسانية هناك, إلى جانب استخدامها
تقنية "التيليتون" الرقمية، والتي تعتمد على جمع التبرعات عبر الهاتف من
خلال مشاركات الجمهور على الهواء مباشرةً وإرسال فِرق الإغاثة الطبية إلى
هايتي.
كما
ساهم عددٌ من المنظمات الإسلامية بقوة في جهود الإغاثة، من بريطانيا وكندا
والولايات المتحدة وغيرها، ومنها "المنتدى الخيري الإسلامي" والـ"الإغاثة
الإسلامية"، ومنظمة "الأيادي المسلمة"، وهيئة العمل الخيري، ومقرّها
بريطانيا، والمنظمة الدولية للمسلمين بمدينة تورنتو الكندية، وغيرها.
وفي
ألمانيا، قامت الجمعيات والمنظمات الإسلامية بدعوة أعضائها للتبرع لضحايا
الزلزال في هايتي، وفي مدينة آخن، شارك مسجد بلال والمركز الإسلامي هناك في
مبادرة دعا إليها عمدة المدينة لجمع التبرعات، وقام بالتعاون مع ممثلي
الكنائس المختلفة في المدينة بحملة لجمع التبرعات لضحايا الزلزال, وكذلك
قامت منظمة الإغاثة الإسلامية في مدينتي برلين وكولونيا، بحملة شهدت
إقبالًا كبيرًا من مسلمي ألمانيا، وقد ساهمت هذه المساعدات في إغاثة مئات
الأُسَر المتضررة.
وبالرغم
من سوء الوضع الاقتصادي والسياسي في باكستان، لم تتوانَ الجمعيات الخيرية
الإسلامية هناك عن تقديم المساعدات, حيث قال "نعمة الله خان"، رئيس جمعية
الخدمات: "الإسلام يحثُّنا على مساعدة من يتعرضون للمتاعب، فالإنسانية تأتي
أولًا".
وفي
المنطقة العربية قامت جمعية "دبي كير" بتقديم مساعدات عاجلة لـ 200 ألف
طفل في هايتي. وفي قائمة للدول المانحة لبرنامج المساعدات الطارئة الخاص
بالأمم المتحدة, جاءت السعودية في المرتبة الثالثة للدول المانحة بـ 50
مليون دولار, حيث صرح نائب الأمين العام للأمم المتحدة المكلّف بالشئون
الإنسانية جون هولمز في المقرّ الأوروبي للأمم المتحدة بمدينة جنيف
السويسرية، قائلًا: "نحن جدُّ سعداء لسماع أن المملكة العربية السعودية
ستشارك بـ 50 مليون دولار في النداء العاجل لمساعدة هايتي، وهو ما سيسمح
لنا بالتعجيل بتقديم المساعدات لمستحقِّيها في هذا الوقت الحَرِج".
وبحسب
التقرير الذي كشف عنه هولمز كانت للدول العربية مساهمة متميزة، حيث بلغت
مشاركة تونس مليون دولار، كما قدمت البحرين والكويت والمغرب وتركيا
مساعدات، كل منها بقيمة مليون دولار، إضافةً إلى إرسال طائرة محملة
بالإمدادات الطبية والطعام والخِيم والبطانيات, وأرسلت لبنان طائرة تحوي 25
طنًّا من الخيم وثلاثة أطنان من الأدوية، ووصلت مساعدات إندونيسيا، كبرى
الدول الإسلامية من حيث تعداد السكان، إلى 2.1 مليون دولار.
حتى
الشعب الفلسطيني في غزة، برغم ما يعانيه من الحصار المضروب عليه، إلا أنه
من منطلق الإحساس بالكارثة التي ابتُلِي بمثلها, قام بتقديم تبرعات عينية
مثل البطاطين والبضائع والأطعمة وحليب الأطفال، لكن مدير الصليب الأحمر
هناك لم يستطعْ قبول هذه التبرعات واكتفى بالتبرعات المالية، وذلك لاستحالة
نقل البضائع بسبب الحصار.
من
جانبه قال جمال الخضري رئيس لجنة كسر الحصار: "ربما قد يندهش العالم
بقدرتنا على جمع التبرعات من أبناء شعب غزة المحاصر, إلا أننا نجيبهم أن
هذه حملة إنسانية وشعبنا يحب الحياة والسلام".
ولا
تعدّ هذه الأعمال جديدة على الإسلام والمسلمين, وفقًا لما ذكرته "حبيبة
حميد"، الباحثة في كلية لندن للاقتصاد: "إن هذا النوع من الأعمال الخيرية
ليس غريبًا على الإسلام، بل إنه متأصل في المجتمعات الإسلامية"، مضيفة:
بدون الدول الإسلامية، لم يكن بالإمكان إنشاء برنامج الغذاء العالمي التابع
للأمم المتحدة الآن، والذي أثبت فائدته المهمة في هايتي في الوقت الراهن.
----------------
طالع ..المصدر
تعليقات