فيسك: كان من المفترض أن يلقي أوباما خطابه من غزة


ترجمة: حسن شعيب
قد يكون اختيار أوباما لمصر لتوجيه "الرسالة الكبرى" للعالم الإسلامي، بسبب أنها تضم ربع سكان العالم العربي, ولكن عليه أن يعرف أنه قادم إلى دولة من أكبر الدول البوليسية والديكتاتورية (غير الديمقراطية) وأكثرها قمعًا في المنطقة. فقد سجلت جماعات حقوق الإنسان المصرية قائمة بسياسات التعذيب وعمليات القتل والاعتقالات السياسية والهجوم على شخصيات المعارضة، وهو الأمر الذي تُقِرُّه الدولة والمستمر حتى اليوم.
الحقيقة المحزنة حتى الآن هي أن السياسة الأمريكية مازالت تتأثر بالسلطة المعنوية لجورج بوش؛ حيث إنه كان من المفترض أن يُلقيَ أوباما خطابه من الضفة الغربية, أو حتى قطاع غزة, لتغيير الاستياء العميق والغضب والأسى الذي تراكم في العالم الإسلامي خلال الثماني سنوات الماضية. لكن أوباما, بالطبع, لم يفعل. ومع ذلك فإن مصر, وللأسف, كانت المختارة لإلقاء الخطاب, رغم البؤس والخوف الذي يعيشه المصريون.
على سبيل المثال، ما حدث قبل أسبوع واحد فقط لزعيم حزب الغد المعارض أيمن نور- والذي تم إطلاق سراحه في فبراير الماضي- حيث تقدم بشكوى لتعرضه لاعتداء في أحد شوارع القاهرة على يد مجهولين يحملون قاذف لهب، ما أسفر عن إصابته بحروق من الدرجة الأولى في وجهه. ولقد عبر أيمن نور, الذي سجن لسنوات ثلاث, عن رفضه لزيارة أوباما قائلاً: "يبدو أن هناك نية لتعزيز قوة هذه الأنظمة وليس الشعب. فنحن مندهشون للغاية من تجاهل مجتمعنا المصري السياسي والمدني, فهذا يعطي انطباعًا بأن المصالح الأمريكية أكثر أهمية من المبادئ الأمريكية". إن تحقيقات منظمات حقوق الإنسان تُظهر أن نور لديه ما يكفي من الأسباب لكي يكون غاضبًا. فقد رصد أحدث تقرير صادر عن جمعية القاهرة لحقوق الإنسان الانتهاكات الحكومية في العالم العربي والمدعَّم بنماذج من وحشية الدولة، بما في ذلك 29 حالة تعذيب في مراكز الشرطة المصرية خلال ستة أشهر.
المنظمة المصرية لحقوق الإنسان، وهي منظمة مستقلة، اكتشفت أن عشرة حالات من الـ29 ماتت بعد التعذيب. وفي إحدى هذه الحالات قدمت جماعات حقوقية شريط فيديو لسجين يتم هتك عرضه من قِبَل أحد ضباط الشرطة، كما أظهر شريط آخر إحدى السيدات المعارضات لمبارك وهي تتعرض لتمزيق ملابسها من قبل الشرطة في أحد شوارع القاهرة. وذكرت نقابة الصحفيين أن ألف صحفي مَثَلُوا أمام التحقيقات الحكومية في عام 2007 فقط.ا
القضية البارزة, كما ذكرت جمعية القاهرة لحقوق الإنسان, إبراهيم عيسى، رئيس تحرير جريدة الدستور، الذي حُكم عليه بالحبس لمدة شهرين بتهمة نشره أخبارًا كاذبة عن صحة الرئيس مبارك، ومن ثم "تكدير الأمن العام". عندما دعا سعد الدين إبراهيم، مدير مركز ابن خلدون للدراسات الإنمائية، الولايات المتحدة أن تكون المعونة السنوية التي تقدمها لمصر مشروطة بالتقدم الذي تحرزه الدولة في الإصلاح الديمقراطي، صدر ضده حكم غيابي بالحبس لمدة عامين. وكذلك اعتقال العديد من المدونين لدعوتهم إلى إضراب عام على ميلاد مبارك الثمانين في العام الماضي. كما حكم على المعدة بقناة الجزيرة هويدا طه العام الماضي بستة عشر شهرًا بتهمة الإضرار بسمعة مصر بتصوير فيلم عن التعذيب في أقسام الشرطة.
العاملون في المنظمات الحقوقية تعرضوا للهجوم الجسدي والاعتقال. فقد تعرضت د.ماجدة عدلي, من مركز النديم لإعادة تأهيل ضحايا التعذيب, حيث تُركت في أحد أقسام الشرطة في كفر الدوار بعد أن أجرت مقابلات مع أربعة سجناء قالوا إنهم تعرضوا للتعذيب, وتم تعرضها للضرب حتى فقدت وعيها وكُسرتْ ذراعها.
لماذا يسمح مبارك باستمرار هذه التجاوزات؟ هل يصدِّق حقيقة أرقام الانتخابات الرئاسية التي يحصل عليها؛ حيث حصل  في استفتاء 1999 على نسبة 93.7%، وفي استفتاء عام 1993 السابق حصل على 96.3% ، أو في عامه الأول عام 81 19. إنه خائف من خصومه السياسيين ، ولكن ربما يكونون عاجزين. هل سيقوم ببحث كل هذا مع أوباما؟ إن هذا من غير المرجح.
وبإنصاف قامت جمعية القاهرة لحقوق الإنسان بحصر سلسلة من الهجمات المشينة على الصحفيين بفرض الغرامات عليهم. كما سردت سلسلة ضخمة من التعذيب والإعدام من المنظمات العربية من تونس إلى سوريا، بما في ذلك الضفة الغربية المحتلة. لذلك فمن المحتمل أنه يجب على أوباما أن يبقى بعيدًا.

---------------------
طالع.. المصدر

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

النوبة .. ملاذُ السكينة على ضفاف النيل

اليمين النمساوي يطالب بحظر الرموز الإسلامية وسياسيون أيرلنديون يحثون على استيعاب المسلمين.. الأقليات المسلمة في أسبوع

اكبر حديقة ازهار في العالم.. 45 مليون زهرة وسط الصحراء