تقويض الحرية الدينية في أمريكا .. حظر الشريعة نموذجًا


ترجمة: حسن شعيب
 
يبدو أن عام 2014 سيكون ساخنًا في الولايات المتحدة بالتشريعات المقترحة التي تطالب بحظر تطبيق الشريعة الإسلامية في عدد من الولايات الأمريكية ومحاكمها, بعد أن قدمت تسع ولايات في الآونة الأخيرة عدد من مسودات القوانين التي تهدف إلى حظر الشريعة الإسلامية ومعظم هذه القوانين تم تقديمها في عام 2013 باستثناء فيرمونت.

بزعم أن المسلمين يحاولون تقوض دستور الولايات المتحدة، وفرض الشريعة الإسلامية, قدموا مثل هذه القوانين لحظرها, برغم أنه لا يوجد مسودة قانون واحدة من المقدمة تذكر الشريعة أو القانون الإسلامي بالتحديد, وبدلا من ذلك اختاروا لغة أكثر حيادًا، مثل القوانين "الخارجية" أو "الدولية"، إلا أن عزمهم على تشويه سمعة المسلمين لا يزال هو الهدف.

بيد أن هذا الخوف المفاجئ من الإسلام والشريعة الإسلامية لم يأتي من فراغ, حيث يبحث بعض الأفراد والمنظمات والسياسيين بطبيعة الحال عن تحقيق مآرب سياسية ومادية من وراء استغلال وتعزيز مخاوف الشعب الأمريكي وتأجيج هذا الخوف المرضي من الإسلام, لا سيما أن الراعين للتشريعات الجديدة يأتون على نسق, ديفيد يروشالمي, ولي برايت وغيرهم, وهم أشخاص لديهم تاريخ من القرارات والتصريحات العنصرية ضد السود والمسلمين.

فعلى غرار مشروع "القوانين الأمريكية للمحاكم الأمريكية" والذي تقدم به أحد أبرز المعاديين للإسلام والمسلمين في أمريكا, ديفيد يروشالمي, قدمت مسودات قوانين أخرى تدور حول نفس المعني دون الإشارة إلى الشريعة أو الإسلام, وذلك بسبب الدعوى القضائية التي حكم فيها القاضي الفيدرالي في ولاية أوكلاهوما بأن التشريعات التي تستهدف الشريعة مباشرة تعتبر انتهاكًا للحقوق الدستورية للمسلمين, ومع ذلك، تم تعديل مشروع القانون وأصبحت أوكلاهوما سادس ولاية تمرر مثل هذا القانون, بل وجعل العديد من الولايات تسعى لتمرير نسختها من حظر الشريعة.

كما يمثل لي برايت, سناتور ولاية "ساوث كارولينا", كذلك أبرز المشرعين الذين يحاولون تمرير تشريعًا يحظر الشريعة في ولايته, كما أنه على ما يبدو يعتبر نموذجا واضحا على جنون العظنة والغوغائية المناهضة للمسلمين بسعيه وراء هذه التشريعات, حيث اتهم برايت, الذي أعلن ترشحه عن الجزب الجمهوري عن ولاية "ساوث كارولينا" في مجلس الشيوخ, بأن ليندسي جراهام, منافسه في الانتخابات, بأنه "منظم لمجتمع الإخوان المسلمين", فضلا عن خطابات برايت اللاذعة المناهضة لهجرة المسلمين إلى الولايات المتحدة.

لم يكن برايت السياسي الوحيد أو ممثل الولاية الأمريكية, الذي يسعى لسن قوانين تحظر الشريعة, وهذه كل التشريعات المقدمة في عام 2014 لحظر الشريعة: 

- قامت ولاية فلوريدا بتقديم مشروع قانون رقم "386", برعاية سناتور الولاية ألان هايز والذي وصف الشريعة من قبل بأنها "المرض المرعب" وأن القوانين المقدمة بمثابة تطعيم لمناهضتها.
- ولاية جورجيا الأمريكية قدمت مشرع قانون 895  يمنع المحاكم من الاعتراف بالقوانين الأجنبية والدولية
- أما مجلس نواب ولاية "أيوا" فقد قدم مشروع 76 وذلك في عام 2013 وقد أحيل للجنة القضائية في مجلس النواب.
- كما أن قانون مجلس نواب ولاية كنتاكي رقم 34 فقد أحيل إلى اللجنة القضائية بمجلس النواب
-كما أعادت ولاية ميسوري تقديم مشروع قانون, من خلال السناتور الجمهوري براين نيفيس, والذي يعتبر كذلك من المعاديين للهجرة.
- أما ساوث كارولينا فقد قدمت ثلاثة قوانين: تطالب بحظر الشريعة, واحد منهم في عام 2014 والإثنين الآخرين منذ العام الماضي.
- ولاية ميسيسبي قدمت مشروع قانون, وقد أحيل للجنة القضائية لمجس النواب للبت فيه.
-كما قدمت ولاية فيرمونت أول قانون لها لحظر الشريعة ومكافحتها.
- كما قدمت غرب فيرجينيا قانونا يحظر الشريعة كذلك, وقد أحيل للجنة القضائية لمجلس النواب.
- أما واشنطن فقدمت قانونين أمام مجلسي النواب والشيوخ.

برغم ذلك, لا تزال تشريعات حظر الشريعة الإسلامية في محاكم الولاية غير ضرورية, وتعتبر أمور مشتتة للأنظار عن موضوعات أكثر إلحاحا, حيث أن خلفية القوانين المقدمة والجهات الراعية لها تظهر النية الحقيقية من وراء القانون وليس بغرض العملية التشريعية.

بات من الواضح أن الحركة المناهضة للشريعة الإسلامية تسعى لعزل المسلمين الأمريكيين وتصويرهم بأنهم أجانب, ومع ذلك, فإن التاريخ يثبت أن المسلمين الأمريكيين لديهم علاقة طويلة الأمد، ربما تعود إلى ما قبل كولومبوس, فضلا عن وجود العديد من الشخصيات الأمريكية المسلمة المشهورة, بل ويشير الواقع أيضًا إلى أن العديد من المسلمين الأوائل ساعدوا في بناء أمريكا.

أما وإن معظم مقدمي مسودات القوانين التي تنادي بحظر الشريعة ينتمون إلى الحزب الجمهوري, فلم أجد ردا على ترهاتهم مما قاله أحد أعضاء الحزب الجمهوري, كريس كريستي, حاكم ولاية نيوجيرسي, حينما علق على انتقادات ترشيح أحد المسلمين للمحكمة العليا, حيث قال "هذا الكلام عن الشريعة هراء, ومجرد ضرب من الجنون, وقد تعبت من التعامل مع المجانين, ولا داعي لتوجيه مثل هذه الأشياء للرجل بسبب خلفيته الدينية فقط".

ومن الأفضل للمعاديين للشريعة الإنصات لكلام كريستي, وإلا فإنهم ينشرون الكراهية ضد المسلمين, وينتهكون أيضا دستور الولايات المتحدة, حيث أن استهداف معتنقي إحدى العقائد والديانات سيؤدي إلى تقويض أحد أهم المبادئ الأساسية لتأسيس حضارة الولايات المتحدة, وهي الحرية الدينية.
 

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

النوبة .. ملاذُ السكينة على ضفاف النيل

اليمين النمساوي يطالب بحظر الرموز الإسلامية وسياسيون أيرلنديون يحثون على استيعاب المسلمين.. الأقليات المسلمة في أسبوع

اكبر حديقة ازهار في العالم.. 45 مليون زهرة وسط الصحراء