إرث مانديلا.. بعدٌ إنساني!
ترجمة: حسن شعيب
ثروة تُقدر بنحو 4٫1 مليون دولار (ثروة صغيرة مقارنة مع ثروة الكثير من الزعماء الأفارقة) هي التي تركها نيلسون مانديلا لزوجته جراسا ماشل، وأفراد آخرين وبعض الموظفين ومؤسسات تعليمية، حسبما أوصى في وصيته التي أذيعت في جنوب أفريقيا الأسبوع الجاري.
كما أوصى بجزء سخي من إيرادات مبيعات كتبه ومواد أخرى لحزب المؤتمر الوطني الأفريقي، بحيث تُوزع عبر صندوق خاص وتُستعمل للترويج لأفكار الحزب الحاكم في جنوب أفريقيا وللمصالحة الوطنية, حيث وافت الزعيم السابق المنية في الخامس من ديسمبر الماضي بعد صراع طويل مع الالتهاب الرئوي.
وفي الوقت الذي ساد فيه الحزن على البلاد لرحيله, احتفى الجنوب أفريقيين بإرثه السياسي والأخلاقي، حيث قُرأت الوصية على أفراد عائلته, والتي وصفت بأنها حدث مفعم بالأحاسيس، كما تم نشرها حتى يطَّلع عليها الجمهور في إطار الشفافية والوضوح – في حدث نادر آخر يقطع مع السرية التي تلف الوضع المالي للعديد من الزعماء الأفارقة. في هذا الصدد, قال ديكجاج موسينيكي, أحد منفذي الوصية ونائب كبير القضاة، في مؤتمر صحفي "إن قراءة الوثيقة تمت في ظروف جيدة" مشيرا إلى "أنه كانت هناك طلبات للتوضيح من حين لآخر".
جديرٌ بالإشارة أن مانديلا كتب وصيته في عام 2004 وأجرى عليها تعديلات طفيفة في 2005 ثم 2008, حيث قال موسينيكي "إن مانديلا حرص على أن يشرح جيدًا أسباب تحديده كل حصة من إرثه أوصى بتركها لفرد أو جهة، وذلك في 40 صفحة، واصفًا إياها بأنها قراءة مثيرة للاهتمام" مضيفا "أنه لا يعلم بشأن أي طعون في الوصية في الوقت الراهن، غير أنه أمام أي شخص يرغب في الطعن فيها مدة 90 يوما للقيام بذلك".
يشار أن عائلة مانديلا انغمست في نزاعات قانونية محتدمة العام الماضي؛ حيث رفعت ابنتان من زيجات سابقة، هما ماكازيوي وزيناني، دعوى قضائية لإزالة مديرين من مجلسي شركتين تدعمان صندوقاً للعائلة، وذلك بهدف الاستفادة من أموال مانديلا، ولكنهما ما لبثتا أن سحبتاها لاحقاً.
كما انقسمت العائلة في أعقاب موت مانديلا، على من يتولى تسيير الأمور في العائلة وخاصة بين ابنته الكبرى ماكازيوي وحفيده مانديلا, وفي لحظة من اللحظات، زعم مانديلا أن إخوانه غير شرعيين, وقد جعلت هذه العلاقة العائلية المتوترة البعض يذهب إلى أن وصية مانديلا الطويلة والمعقدة قد تتسبب في مزيد من النزاعات القانونية حول العائدات المالية من اسمه المشهور.
وبموجب القانون الجنوب أفريقي، فإن جارسا ماشل لها الحق في نصف ثروة مانديلا، غير أنها إذا تخلت عن ذلك الحق في غضون 90 يوما، ترث ثلاثة منازل بمحتوياتها، وملكا في موزمبيق، إضافة إلى سيارات وحلي وأعمال فنية وأموال في حسابات بنكية مسجلة باسمها, كما سيتلقى أبناؤها من زواج سابق نحو 300 ألف دولار لكل واحد منهم إذا تخلت عن حقها في 50 في المئة من الثروة، بينما سيحصل أبناء سامورا ماشل من زواجه السابق قرابة 9 آلاف دولار لكل واحد منهم.
منح مانديلا بناته اللاتي ما زلن على قيد الحياة قبل ذلك، وهن ماكازيوي وزيندزي وزيناني، وحفيدتان، هما ناندي ونديليكا، حوالي 300 ألف دولار لكل واحدة منهن؛ ولذلك فإنهن لن يتلقين أي مبالغ أخرى, كما أوصى مانديلا بــ 300 ألف دولار لكل واحد من أربعة أحفاد (مانديلا، وندابا، ومبوسو، وأنديلي)، وما يربو عن 9 آلاف دولار بقليل لأحفاد وأبناء أحفاد.
كما أفادت بعض وسائل الإعلام في جنوب أفريقيا بأن زوجة مانديلا الثانية، ويني ماديكيزيلا، لم تحصل على أي إرث, كما ترك مانديلا حوالي 4500 دولار لكل واحد من تسعة موظفين، مثل سكرتيرته وسائقه ومساعديه الشخصيين وطباخيه. في هذا الإطار، كتبت مساعدته الشخصية زيلدا لاجرانج في تغريدة على "تويتر" قالت فيها "إن النصيب الذي تركه لها مانديلا هو "التفاتة غير متوقعة لا تقدر بثمن وشهادة على كرم شخصية ماديبا وسخائها", كما قالت زوليسوا ندوييا, إحدى طباخاته "إنه أمر يسعدني حقا", مضيفا "لم أكن أظن أن تاتا "مانديلا الوالد" كان يفكر في أن يترك لي شيئا".
ومن جانبه، قال آدم حبيب، نائب رئيس جامعة ويتووترسراند "إن الهبات التي تقدر بنحو 9 آلاف دولار التي تركها مانديلا للمؤسسة ولمدارس أخرى درس فيها أو عاش تمثل "التفاتة رائعة من إنسان عظيم", أما نصيب الحزب الوطني الأفريقي من الوصية، فسيُقدَّم له من خلال صندوق العائلة، الذي لديه السلطة التقديرية ليدفع للحزب ما بين 10 و30 في المئة من العائدات المستحقة لحساب مانديلا, كما ترك مانديلا منازله في هوجتون بضاحية جوهانسبرج في عهدة الصندوق من أجل استعمالها من قبل أفراد العائلة والتشجيع على الحفاظ على وحدة العائلة والتحامها.
طالع ..المصدر
تعليقات