بنجلاديش تضطرب سياسيا واقتصاديا!


ترجمة: حسن شعيب

برغم وجود تقارير تحدثت عن ضعف المشاركة, أغلقت صناديق الاقتراع في الانتخابات العامة في بنجلاديش، مما أثار تساؤلات بشأن إذا كانت هذه الانتخابات قد زادت من فرص تعميق الصراع السياسي في تلك الدولة، لا سيما بعد أن لقي 18 شخصًا على الأقل مصرعهم في أعمال عنف مرتبطة بالتصويت.
ومن المؤكد أن ضعف المشاركة تعكس نتيجة طبيعية لمقاطعة الانتخابات من قبل الحزب الوطني، الذي يعتبر أكبر أحزاب المعارضة في بنجلاديش، إلى جانب 26 حزبًا آخر، وهو ما قلص المنافسة على الدوائر البرلمانية إلى أقل من النصف.
وعلاوة على ذلك, طالبت أحزاب المعارضة رئيسة الوزراء شيخة حسينة بالاستقالة والسماح لحكومة تسيير أعمال محايدة بإدارة الانتخابات، إلا أن رفض رئيس الحكومة إلى جانب استمرار المقاطعة، قوض فرص حصول حكومتها على شرعية جماهيرية واسعة النطاق على بعد الانتخابات.
جدير بالذكر أن حزب "رابطة عوامي", الذي ينتمي إلى يسار الوسط ويدير البلاد منذ عام 2008، وصل إلى سدة الحكم بقيادة شيخة حسينة، بعد أن حصل على أغلبية طفيفة في البرلمان بسيطرته على 160 مقعداً من 300 دائرة انتخابية نيابية، منها 127 دائرة من دون
منافسة، واستمر حصر عدد الأصوات حتى بعد منتصف الليل بالتوقيت المحلي.
وحصد العنف السياسي في أنحاء تلك الدولة الجنوب آسيوية أرواح ما يربو على 500 شخص في غضون الأشهر الـ12 السابقة للانتخابات، وهي أعلى حصيلة في تاريخ البلاد قبل أي اقتراع.
فقد أُضرمت النيران في الحافلات وتعرض المدنيون إلى هجمات بقنابل مولوتوف، وأدت عمليات الإغلاق التي فرضتها أحزاب المعارضة على الطرق الرئيسة إلى شلّ البلاد وتقليص الصادرات، بينما تكبدت صناعة الملابس خسائر فادحة بلغت 3,8 مليون دولار على الأقل في ديسمبر بعد إلغاء طلبيات خارجية.
يشار أن اقتصاد بنجلاديش وصل إلى طريق مسدود نتيجة للعنف السياسي المتواصل وتعطيل سلسلة إمداد الصادرات، التي تنتج بشكل رئيس الملابس الجاهزة لشركات تجزئة غربية وأوروبية كثيرة.
وكان العقدان الماضيان فترة نجاح نسبي للاقتصاد في بنجلاديش، إذ قلصت البلاد (التي تعتبر ثامن أكبر دول العالم من حيث عدد السكان إذ يقطنها نحو 160 مليون نسمة) نسبة المواطنين الذين يعيشون تحت خط الفقر من 58 بالمائة في 1990 إلى 32 بالمائة في 2010، حسب تقديرات البنك الدولي.
بيد أن الاضطرابات السياسية ألقت بظلالها على النمو الاقتصادي، وتراجع إجمالي الناتج المحلي إلى 6 بالمائة العام الماضي مقارنة بـ 6,7 بالمائة في 2011, حيث يخشى كثير من
خبراء الاقتصاد من أن يتباطأ النمو بدرجة أكبر خلال العام الجاري بسبب استمرار الاضطراب السياسي.
في هذا الصدد قال آصف صالح, المسئول في إحدى منظمات التنمية غير الحكومية في دكا، "إن هناك ركودًا اقتصاديًا بالفعل في بنجلاديش، ويبقى السؤال, إلى متى سيستمر، لأنه كلما طال أمده تعمق ضرره", ويعزى قدر كبير من التقدم الاقتصادي في بنجلاديش إلى قفزة صادرات الملابس التي زادت من 9,2 مليار دولار في 2007 إلى 21,5 مليار في 2013.
وأسهم أيضاً نمو صناعة الملابس في تمكين النساء، لا سيما أنهن يشكلن نحو 80 بالمائة من بين أربعة ملايين عامل، وهو ما أحدث تحولًا جذريًا في دور المرأة في المجتمع، إذ انتقلت ملايين منهن من أعمال محلية ضعيفة الأجر إلى العمل في مصانع، حيث زاد الحد الأدنى للراتب الشهري من 38 إلى 67 دولاراً.
إلا أن خبراء الاقتصاد وأصحاب المصانع يخشون من أن يصعّب استمرار الاضطرابات السياسية على الموردين تحمل الأجور المرتفعة, برغم أن عضو البرلمان التابع لـ "رابطة عوامي" قاضي نبيل، متفائل بأن الاضطراب السياسي سيُنحّى جانبا في الوقت الراهن بعد أن انتهت الانتخابات، وبمرور الوقت، سيتم حل الخلافـات السياسية عن طريق الحوار".
بينما أكد أعضاء بارزون في المعارضة أنهم مختلفون تماما مع نبيل، زاعمين أن الاحتجاجات ستستمر إلى أن يتم عقد انتخابات يعتبرونها عادلة. 

طالع  ... المصدر

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

النوبة .. ملاذُ السكينة على ضفاف النيل

اليمين النمساوي يطالب بحظر الرموز الإسلامية وسياسيون أيرلنديون يحثون على استيعاب المسلمين.. الأقليات المسلمة في أسبوع

اكبر حديقة ازهار في العالم.. 45 مليون زهرة وسط الصحراء