عنف المستوطنين .. الفلسطينيون يستغيثون!


ترجمة: حسن شعيب

في وقت سابق من هذا الشهر, عندما سمع أحمد ملحم أن المستوطنين اليهود قد رسموا عبارات مسيئة على جدران مسجده المحلي خاف على جيرانه من العرب واليهود كلاهما على حد سواء, حيث قال ملحم "إذا أمسك السكان العرب من الشباب بالجناة، فسوف يعدمونهم من دون محاكمة", مضيفا "لقد حالفنا الحظ هذه المرة، ولكن ذلك اليوم سيأتي قريباً".
لم تكن هذه الحادثة إلا إحدى الهجمات التي ترتكبها "جماعة تاج محير" بمعنى "دفع الثمن" التي تضم مجموعة من اليهود المتشددين, الذين يقولون إنهم سيفرضون ثمناً على كل محاولة من جانب الحكومة الإسرائيلية لكبح الاستيطان اليهودي في الضفة الغربية، وكذلك عقابًا على هجمات العرب ضد اليهود.
وفي ظل الركود الذي يخيم على محادثات السلام والتوترات الجارية، فقد تؤدي هذه التوترات إلى مواجهات كبيرة وعنيفة, حيث تتراوح جرائم هذه الجماعة بين تدنيس المساجد والكنائس إلى قطع الأشجار المملوكة للفلسطينيين, كما استهدفت أيضاً قوات الأمن الإسرائيلية، حيث تتخذ الحكومة خطوات مترددة للتنازل عن أراض للفلسطينيين.
جدير بالذكر أن معظم أعضاء الجماعة من المراهقين والبالغين الصغار من سكان
المستوطنات الواقعة في الضفة الغربية, إلا أن خلال العامين الماضيين، ظهرت أيضاً حركة مناهضة تسمى "تاج مئير" أو "سحابة من الضوء" وبدأت في العمل, حيث يسافر نشطاء هذه الحركة إلى مواقع المجتمعات العربية المستهدفة في بادرة تضامن بين العرب واليهود من قبل القادة المحليين، مثل السيد ملحم والحاخام رون كرونيش، مدير منظمة بين الأديان الإسرائيلية.
كما تضم هذه الحركة يهوداً ومسلمين ومسيحيين، بما في ذلك بعض المستوطنين اليهود الذين ينأون بأنفسهم عن المخربين الذين يقيمون بينهم, حيث قال الحاخام كرونيش "إن هدفهم هو تذكير العرب واليهود على حد سواء بـصوت آخر، هو صوت التعقل والاعتدال".
كما تساعد الجماعة أيضاً الضحايا على التعامل مع الإجراءات البيروقراطية، مثل تسجيل الهجمات لدى الشرطة وشركات التأمين. وهم يقولون إنهم قد أحرزوا تقدماً في رفع مستوى الوعي حول تأثير العداء ضد الفلسطينيين في جميع أنحاء المجتمع الإسرائيلي، وزيادة الضغط على الكنيست لمكافحة عنف المستوطنين.
وفي جو يعاني من زيادة اللامبالاة والعداء، لا تكون مثل هذه المهام عادة بالعمل اليسير, وفي يوم الأحد، نظم زعماء عرب ويهود مظاهرة متواضعة خارج مكتب نتنياهو. وعلى رغم أن مسؤولين إسرائيليين قارنوا حركة تاج محير بالإرهاب، إلا أنه يتعين على الحكومة إعطاء وعود بوقف أنشطتها بشكل جدي، حسبما قال المتظاهرون يوم الأحد في خطاب مباشر موجّه لنتنياهو.
ووفقاً لما قالته المحامية العامة عينات هوروفيتس "إن عدم العقاب يعتبر مسألة إرادة سياسية، وليس عدم مقدرة", مشيرة إلى "أن الشين بيت أوالشاباك (وكالة الاستخبارات الإسرائيلية) يشتهر بسرعة تحديد وحبس المسلحين الفلسطينيين".
في الصيف الماضي، قالت الحكومة إنها ستتشدد مع جماعة "تاج محير" عقب إلقاء القبض على إسرائيلي يهودي متشدد يبلغ من العمر 22 عاماً لقيامه بتخريب دير مسيحي في الضفة الغربية, حيث قال المنتقدون "برغم ذلك لم يتغير أي شيء على أرض الواقع", في حين أن منظمة حقوق الإنسان الإسرائيلية ذكرت أنه "خلال الفترة بين عامي 2005 و 2013، من بين آلاف الشكاوى التي تتعلق بتدمير بساتين الزيتون الفلسطينية في الضفة الغربية، لم يتم القبض سوى 3 بالمائة فحسب من الحالات من قبل شرطة المنطقة".
من جهة أخرى قال د. أفينوم روزيناك، رئيس قسم الفكر اليهودي بالجامعة العبرية "تتعامل الحكومة بوجه عام مع هذه الحوادث كحالات عشوائية لطيش المراهقين،" مشيرا إلى "أن عنف المستوطنين يرجع إلى عام 2005، عندما قامت إسرائيل بإخلاء المستوطنات وسحبت القوات من قطاع غزة, ومنذ ذلك الحين، تعهد المستوطنون اليمينيون بالمحافظة على ميزان الرعب الذي سيردون من خلاله بعنف وعلى الفور على كل تحرك لتقييد وجودهم".
بينما زعم كتاب لحاخام مستوطن، صدر عام 2009، أن الديانة اليهودية تسمح بقتل غير اليهود, ويقول النقاد إن هذه المقولة قد عززت الحركة الهامشية ووترت العلاقات الهشة بالفعل بين معسكر المستوطنين والدولة العلمانية.
من جانبه، حذر مدير حركة "تاج مئير" جادي جفرياهو أ"نه إذا استمرت الحكومة في سياستها فيما يتعلق بالإفلات من العقاب، فإنها ستواجه خطراً كبيرا", مضيفا "أن الثمن سيكون ثقيلًا للغاية بالنسبة لنا جميعًا".

طالع  ... المصدر

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

النوبة .. ملاذُ السكينة على ضفاف النيل

اليمين النمساوي يطالب بحظر الرموز الإسلامية وسياسيون أيرلنديون يحثون على استيعاب المسلمين.. الأقليات المسلمة في أسبوع

اكبر حديقة ازهار في العالم.. 45 مليون زهرة وسط الصحراء