حينما يُصبح الأسد أقل الشرور!
ترجمة: حسن شعيب
هذه ليست مزحة أو طرفة تقال أو أنه درب من خيال, لكنه واقع يسعى الغرب لإقراره وفرضه على السوريين بل المجتمع الدولي, وذلك بعد إلتقاء مصالحهم بين روسيا والولايات المتحدة مع إيران, بينما يحاولون الضغط على داعمي الثوار للكف عن تقديم الدعم.
بداية هذا الأسبوع, وُجهت إليّ دعوة للمشاركة في محاضرة بعنوان "لعبة السلام" في سوريا التي استضافتها, والتي كانت تهدف إلى البحث عن طرق مناسبة لإيجاد حل سياسي, 45% من المشاركين – معظمهم ليسوا مثلي خبراء فعليين اتفقوا على أنه لا يوجد أي احتمال لحل يمكن أن يرضي المخاوف التي يحملها المتمردون, مع ذلك فإن الممارسة أجبرتنا على أن ننظر فيما إذا كان هناك احتمالات ضئيلة تستحق أن نكتشفها.
مشرف الجلسة, ديفيد روثكوبف, قدم عرضا مختصرا أوجز فيه رأينا الجماعي حيث قال "إنه لا يوجد أي احتمال لإنهاء حالة الجمود القاسية دون تدخل دبلوماسي (أو عسكري) قوي من قبل لاعبين خارجيين, لهذا السبب, فإن القياس الأكثر مقاربة للحرب الأهلية الطائفية في سوريا – لبنان في السبعينات والثمانينات والبلقان في التسعينات- لا تنطبق على هذه الحالة, لأنه في تلك الحالات فإن اللاعبين الخارجيين وجدوا أن العنف يمثل تهديدا غير مقبول ضد مصالحهم.
يبدو أن تنامي قوة النظام لا يترك للداعمين الرئيسيين, روسيا وإيران, أي فرصة لتقديم تنازلات, في حين أن داعمي الثوار, السعودية وقطر وتركيا لا يشعرون بالرضا عن الوضع الحالي, ولكنهم غير قادرين على القيام بأي شيء لتغيير توزان القوة الحالي على الأرض, كما أن الولايات المتحدة تبدو راضية بالتعايش مع الوضع الراهن, حيث كان خطاب أوباما مؤخرا في معهد بروكنغز, والذي بالكاد ذكر فيه سوريا, وعندما ذكرها من أجل التعبير عن الرضا على التقدم الذي تشهده عملية التخلص من الأسلحة الكيماوية.
كما أن جميع المسئولين السابقين والحاليين في الإدارة الأمريكية, مثل نائب مستشار الأمن القومي أنثوني بلنكن, ومستشار الأمن القومي السابق توم دونيليون, ووزير الخارجية جون كيري, وصفوا اتفاق الأسلحة على أنه تقدم دبلوماسي كبير, بينما لم يؤكد أي منهم أن الصفقة تتطلب تعاون نظام الأسد وبالتالي كيف يمكن أن تقود إلى إضعاف النظام – لسبب بسيط وهو أنها لا يمكن أن تفعل ذلك.
علاوة على ذلك, فإن استراتيجية البيت الأبيض في بناء مجموعات معرضة معتدلة أصبحت استراتيجية غير صالحة., لأنها هذه المجموعات, التي أُضعفت نتيجة للقتال الداخلي وغياب الدعم المستمر, أصبحت غير قادرة على الدفاع عن المستودعات التي تخزن فيها المساعدات الأمريكية, كما ردت الولايات المتحدة بقطع المساعدات, وبالتالي المزيد من تهميش هذه المجموعات.
يبدو أن الإدارة التي تأمل خلال اللقاء المزمع في جينف 2 الشهر القادم بأن يتمكن المتمردون تقديم لائحة شاملة من القادة السوريين ليكونوا بدائل عن أسرة الأسد, وهذا السيناريو, غير المعقول, يبدو أقل احتمالا مع تشظي قوات المعارضة وتفكك قيادتهم الهشة,
فإذا لم ينتج عن جينف 2 حلا مفاجئا للمشاكل, فإن بإمكاننا أن ننسى الحل السياسي على المدى القصير.
من المؤكد أن هذا يطرح سؤالا حول الأمور التي يمكن أن تثير غضب الروس أو الإيرانيين حيال الوضع الراهن, ولكن من ناحية أخرى, فإنها ما يمكن أن يحول سوريا إلى حالة أقرب إلى لبنان والبوسنة – أماكن تبدو مخيفة بالمقارنة مع أي مكان آخر عدا سوريا؟
المشاركون في مؤتمر "لعبة السلام", الذين يحالون التنقيب عن أي بصيص من الأمل, يتكهنون بأن حصول تقدم في المحادثات النووية مع إيران يمكن أن يؤدي إلى تحولات كبيرة في المنطقة. من جابنه قال أنثوني بلنكن " لا أضع الكثير من الإيجابية في الجواب, ولكن علينا أن نختبر ذلك" في إشارة إلى المرونة التي قد يظهرها الجوانب كاف, مضيفا "أأية محاولة أمريكية لإضافة قضايا إقليمية على المحادثات النووية تخاطر بخسارة أمريكا لشركائها في المفاوضات", كما أشار إلى الكثير من التطورات السلبية الأخرى, من بينها تشديد قبضة الجهاديين الأجانب على المدن والبلدات الرئيسة شمال سوريا والتي بدأت.
باختصار لا تعولوا على روسيا أكثر من تعويلكم على إيران, بينما قال مسئولو الإدارة الأمريكية "إن السعوديين بدأوا بالاعتراف بأن التمرد خرج عن سيطرتهم, ولهذا فإن الولايات المتحدة ربما تكون قادرة على اقناع السعودية وقطر وقف دعم الثوار, والتي ترى الإدارة أنه أمر لا مفر منه, سوف يبدأ الغرب بالنظر إلى سوريا على أنها جبهة جديدة في الحرب على القاعدة وليست كابوسا لحقوق الإنسان.
من المؤكد أن هذا التطور يشكل انتصارا في واقع الأمر لصالح الأسد, فالأسد طالما وصف الصراع بأنه حرب بين العلمانيين والمتطرفين, بينما لم يكن الأمر كذلك في البداية, ولكن الآن وبفضل قراره الغريب بإطلاق سراح المئات من المتطرفين من سجونه عام 2012, فإن الأمر كذلك, حتى يغدو الأسد بذلك أقل الشرين, ليس فقط بالنسبة للغرب ولكن بالنسبة للعديد من السوريين.
طالع .... المصدر
تعليقات