القضية الفلسطينية .. بحاجة إلى مانديلا!


ترجمة: حسن شعيب

في الوقت الذي ينظر الناس في شتى بقاع الأرض إلى نيلسون مانديلا بوصفه زعيماً أنشئ جسورًا فوق الشقاق المرير بين القامع والمقموع، يكن الفلسطينيون محبة عميقة لأشهر مقاتل من أجل الحرية في جنوب أفريقيا.
بيد أن كثير من مديح الفلسطينيين في الوقت الراهن يتركز على كيفية تصدي مانديلا لنظام الفصل العنصري، وليس كيفية تبنيه لغة وأدب هذا النظام وتقاربه مع زعمائه بحثا عن مصالحة وطنية.
صحيحٌ أن الفلسطينيون يرون مانديلا بطلًا، لكن قلة منهم ينظرون إليه كنموذج للقيادة يمكن أن يحتذى في نضالهم, بينما يشعر البعض بالإحباط من القادة الفلسطينيين الذين خاب سعيهم, ولدى فلسطينيين آخرين اعتقاد راسخ بأن إسرائيل لا تريد المصالحة, إلا أن الجميع يتفقون على أن فلسفة مانديلا في المصالحة لا يناسبها المكان، ولم تأت ساعتها بعد مع إسرائيل لأن الوضع مختلف.
في هذا الصدد, قال علي صالح, الذي يبيع النباتات في مشتل صغير في رام الله, "إن الشعب الفلسطيني حاول تطبيق الكثير من مبادئ مانديلا لكن الوضع مختلف لأن العالم كله يدعم الاحتلال الإسرائيلي ضد الشعب الفلسطيني", فضلا عن الكثير من الاختلافات بين نظام الفصل العنصري في جنوب أفريقيا والصراع الإسرائيلي الفلسطيني.
من الواضح أن الصراع السياسي المحوري هنا ليس كيفية حكم دولة مفردة ولكن كيفية تقسيم فلسطين التاريخية التي تدعي إسرائيل سيادتها على 78 بالمائة منها بالفعل حاليًا بعد الحروب المتعاقبة مع الجيران العرب, كما يقول منتقدون "إن القمع الإسرائيلي المؤسسي ضد الفلسطينيين يرقى إلى درجة الفصل العنصري، فهذا لم يؤد إلى رد فعل قوي حتى الآن من المجتمع الدولي مثل تلك العقوبات التي فرضها على جنوب أفريقيا بسبب سياستها العنصرية.
كما يرى كثير من الفلسطينيين أن خسائرهم المتوالية للأراضي ومحاولات إسرائيل الحصول على مكانة دولية، يجعل معركتهم أصعب من المعركة التي خاضها مانديلا وأنصاره في جنوب أفريقيا, حيث قال جميل رباح, المتخصص في إجراء استطلاعات الرأي في رام الله "إن مواطني جنوب أفريقيا لم يطالبوا بوطن للبيض دون غيرهم", مضيفا "بدون التقليل من شأن مانديلا فإن الفلسطينيين يواجهون شريكًا أشد شراسة بكثير وغير مستعد للمصالحة معهم".
جدير بالإشارة أن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو رفض حضور جنازة المناضل الأفريقي الكبير بذريعة كلفة الرحلة, برغم أن نتنياهو غير معروف عنه الاقتصاد في الإنفاق, وتساءل رباح "لماذا تيسر إسرائيل هذه العملية؟ لماذا؟" حيث يرى أن الإسرائيليين يجلسون على قمة الجبل بينما الفلسطينيون مثل سيزيف في الأسطورة اليونانية يحملون صخرة إلى قمة الجبل يركلها الإسرائيليون بمجرد وصول الفلسطينيين إليهم، هكذا تباعاً، لتسقط على رؤوس الفلسطينيين.
ربما يكون هناك شبه بين مانديلا ومروان البرغوثي, صانع سلام اكتشف أوهام اتفاق أوسلو للسلام عام 1993 وأصبح زعيماً للانتفاضة الفلسطينية الثانية، فاعتقل ومثل أمام محكمة إسرائيلية وأدين بالقتل والضلوع في منظمة إرهابية وانتهى به المقام في السجن.
وبرغم أن كثير من الفلسطينيين أشار إلى الزعيم الفلسطيني السابق ياسر عرفات أو البرغوثي باعتبارهما مانديلا فلسطيني, فقليل منهم يرون في المشهد السياسي الحالي زعيما يستطيع أن يقود الشعب مثل مانديلا, لكن البعض يشيرون إلى أن جزءاً من اللوم يتحمله الجمهور الفلسطيني الذي أصبح يعارض بشدة أي تعاون مع إسرائيل.
من جانبه قال أنس عروري, شاب من رام الله يرتدي الجينز ويلف كوفية حمراء حول عنقه "إن الفلسطينيين ليس لديهم زعيم يستطيع أن يتواصل مع الجانب الآخر دون أن يُتهم بالتواطؤ, وقد يشعر غالبية الفلسطينيين بالريبة في أي زعيم فلسطيني يتقارب مع إسرائيل فيما يشبه ما فعله مانديلا الذي تناول الشاي، بينما كان رئيساً، مع أرملة مهندس سياسة الفصل العنصري".
يشار أن نيلسون مانديلا قام بزيارة إسرائيل وأبدى تعاطفاً مع كفاح الشعب اليهودي رغم انتقاداته للحكومة على مدار أعوام, حيث كانت إسرائيل من أشد المؤيدين لحكومة الفصل العنصري في جنوب أفريقيا بينما كان مانديلا يقبع في السجن.
كما يعتقد أسامة, طالب في المرحلة الحادية عشرة من رام الله وقد درس تاريخ نضال مانديلا في المدرسة العام الماضي "أنه بعد سنوات من الاحتلال الإسرائيلي، فإن نضال مانديلا قد يُقدم دروساً تستفيد منها القضية الفلسطينية" مضيفا "ربما يكون هناك طريق واحد لتحرير فلسطين يتمثل في التواصـل مـع الآخر. 

طالع  .... المصدر

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

النوبة .. ملاذُ السكينة على ضفاف النيل

اليمين النمساوي يطالب بحظر الرموز الإسلامية وسياسيون أيرلنديون يحثون على استيعاب المسلمين.. الأقليات المسلمة في أسبوع

اكبر حديقة ازهار في العالم.. 45 مليون زهرة وسط الصحراء