الفلبين .. رُبَّ نافعة ضارة!


ترجمة: حسن شعيب 
بحسن نية أراد العالم أن يُساعد المناطق التي دمرها إعصار هايان، الذي ضرب الفلبين الشهر المنصرم, إلا أنه وكما نشهد عشية الكوارث الكبيرة، قد تتسبب المساعدات حسنة النوايا المقدمة للمجتمعات التي أصابها الدمار في ضرر أكثر من النفع.
سويا نفند خمسة أوهام خمسة فيما يتعلقبأفضل الطرق لمساعدة ضحايا الكوارث والمحن:
الأول: أن المحليين في المناطق المنكوبة ينتظرون حتى يساعدهم المجتمع الدولي, بلى، فالمغيثون الأوائل بعد أي حالة طوارئ يكونون دوما من الناجين من أهل البلد, فقبل وقوع إعصار هايان كان لدى منظمة إغاثة دولية كبيرة 95 موظفاً من المحليين في الفلبين.
وفي غضون أسبوع من وقوع الإعصار وظفت المنظمة ما يقرب من ثلاثة آلاف فلبيني, ويذكر مدير برنامج الطوارئ أن الناس جاءوا إلى مقر المنظمة وقالوا بوضوح إنهم لا يريدون أن يتقاضوا أجراً بل مساعدة أهاليهم وكفى.
من المؤكد أن الفلبين ليست بحاجة إلى البشر الذين يُريدون المساعدة في إعادة إعمار بلادهم، فهم يساعدون جيرانهم الذين لا يجدون المأوى ويبحثون عن الآباء المفقودين ويقدمون الطعام والرعاية للأطفال الذين يتمتهم الكارثة, وهذا ما يحدث بعد أي كارثة طبيعية، فبعد زلزال هايتي لم ينتظر المحليون فرق البحث والإنقاذ بل نقبوا عن بعضهم البعض، فالمساعدات الدولية تسد ثغرات مهمة لكن الفلبينيين لن ينتظروا حتى يأتي من ينقذهم.
الثاني: البضائع والخدمات تبرعات مجانية, تلقى صديق يعمل في منظمة إغاثة مكالمة هاتفية بعد وقوع الإعصار, وكانت واحدة من مكالمات كثيرة تلقاها من أشخاص في الولايات المتحدة, حيث قالت سيدة "لدي خمسة آلاف زجاجة ماء في مخزني من أجل الفلبين هل يمكنكم أخذها ونقلها إلى هناك؟, أجابها بالنفي لأن منظمته لا تأخذ إلا المال وليس السلع أو الخدمات واستاءت المرأة, فهل لا يحتاج الفلبينيون للماء النظيف الذي أكدت أنه مجاني؟
وما لم تفهمه هذه المانحة المحتملة هو الكلفة التي تتكبدها الوكالة لنقل زجاجات مياهها, وبكلفة النقل هذه تستطيع المنظمة أن تبني نظاماً للتنقية يوفر المياه لسنوات, ووكالات الإغاثة لا تحتاج إلا أسبوعابعد وقوع كارثة ما كي توفر الضروريات محلياً وهو ما يحقق نفعاً مزدوجاً من إعادة بناء الأسواق وإنقاذ الأرواح.
الثالث: المنكوبون لن ينفقوا المال في الوجهة الصحيحة إذا حصلوا عليه من وكالات الإغاثة، بلى، فالشخص المتضرر من عاصفة أو زلزال هو أعلم من غيره بما يحتاجه, حيث أن منظمات الإغاثة تستطيع أن تقدم الأساسيات مثل المياه والصرف الصحي والكهرباء والمأوى المؤقت والغذاء الأساسي.
بيد أن الوكالات لا تستطيع أن تعرف أي الأمور أفضل للناس؛ هل بناء منازلهم ودفع مصروفات مدارس أطفالهم أم تدشين نشاط اقتصادي. ودفع النقود مباشرة إلى الأسر يترك حسم هذه القرارات لكل فرد- ومما شاهدته فإنهم يحسنون استخدام المال.
ولتحويل المال أهمية خاصة عندما تستأنف الأسواق عملها كما يحدث حالياً في تاكلوبان، عاصمة أكثر الأقاليم تضرراً في الفلبين، لأن تحويل المال يحفز الاقتصاد المحلي. فالسلع التي تقدمها جماعات الإغاثة غالباً ما يبيعها متلقوها في نهاية المطاف للحصول على ما يريدونه حقاً المال.
الرابع: تخصيص التبرعات يضمن حسن الإنفاق، بلى، فتخصيص التبرعات يجعل من الصعب على الوكالات أن توزع المساعدات بشكل متعادل وأن تتكيف مع وضع يتطور أو أن تعالج ثغرات غير متوقعة في التمويل.
وقد يأمل المانح أن يمول برامج بعينها مثل توفير المياه أو الصرف الصحي لكن هذا قد لا يكون أولوية، ربما لأن مانح آخر قدم ما يكفي من المال في هذا المجال. وقد يريد آخرون أن تصل مساهماتهم إلى شريحة ما من السكان مثل الأطفال أو النساء.
لكن هذه الشريحة قد لا تكون الأكثر تضرراً لأنها حصلت على ما يكفي من المساعدات أو لأن الأوضاع تغيرت, وقد تعلم وكالة الإغاثة هذا، لكن تخصيص التبرع يجبرها على إنفاقه في الموضع الذي قد لا يكون الأفضل. التبرعات غير المقيدة بجهة إنفاق معينة جيدة لأنها تسمح لوكالات الاغاثة بأن تتكيف مع الوضع ومع الحاجات الآنية.
الخامس: المتطوعون في الميدان مفيدون دوماً، بلى، فالمتطوعون حسنو النوايا الذين يذهبون لتقديم المساعدة قد يتسببون في ضرر أكثر من النفع, وبعد زلزال هايتي جاء عدد قليل من الفرق الطبية من الولايات المتحدة لاجراء جراحات.
في أغلب الأحيان لم تكن الفرق على اتصال جيد بالجماعات الأخرى ولم تستطع التنسيق لتقديم رعاية طويلة الأمد لمرضاها, كانت النتائج ضارة بالمرضى الذين تركوا العيادات دون أن يعلموا موعداً لازال خيط الجراحة أو لتغيير الضمادات أو المكان الذي يذهبون إليه لمتابعة الرعاية. وأصيب بعضهم بالتهابات خطيرة.
تلقى عمال الإغاثة المحترفون تدريبا للعمل في ظل ظروف الطوارئ, لكن الأهم من ذلك أنهم يعملون مع السلطات المحلية لإعادة بناء البنية التحتية مثل الطرق والمستشفيات والمدارس التي يمكن أن تساعد السكان على المدى الطويل.
وفي نفس الوقت، فالمتطوعون غير المتمرسون قد يشكلون عبئا على وكالات الإغاثة التي تحتاج أن توافر لهم الأمن والمأوى والنقل كما أنهم ينافسون الناجين من الكارثة في الحصول على السكن والطعام والماء النظيف. 

طالع  .... المصدر

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

النوبة .. ملاذُ السكينة على ضفاف النيل

اليمين النمساوي يطالب بحظر الرموز الإسلامية وسياسيون أيرلنديون يحثون على استيعاب المسلمين.. الأقليات المسلمة في أسبوع

اكبر حديقة ازهار في العالم.. 45 مليون زهرة وسط الصحراء