ميركل .. سيدة هذا العصر!


ترجمة: حسن شعيب
عندما قامت طفلة في الثامنة عمرها بسؤال أمها في قطارات أنفاق برلين, إذا كان من الممكن أن يكون للبلاد مستشار رجل، فهذا يعني أن شيئا متجذرًا قد تغير في ألمانيا, حيث أن وجود امرأة تحكم البلاد ليس شيئا عادياً جديداً فحسب بل بالنسبة لكثير من أطفال الألمان، ومن بينهم ابنتاي وهما في السابعة والعاشرة من العمر، هو الشيء الطبيعي الوحيد الذي لا يعرفون سواه.
صحيح أني قد أُثني على المثال الذي ضربته أنجيلا ميركل لطفلتي, لكن ثورتها الهادئة تثير تساؤلات عما يعنيه أن تكون هناك امرأة مسئولة.
وبأي حال من الأحوال لا يمكن اعتبار ألمانيا رائدة في المساواة بين الجنسين, حيث لا يزال من الصعب على المرأة الصعود في مضمار العمل المؤسسي, وفي التقرير العالمي للفجوة بين الجنسين الصادر عن المنتدى الاقتصادي العالمي تحتل ألمانيا المرتبة الثالثة عشرة "تتصدر آيسلندا القائمة بينما تحل الولايات المتحدة في المرتبة الثانية والعشرين".
برغم هذا, ميركل لها تأثير إيجابي هائل على البلاد, فعندما أصبحت رئيساً لحزب الاتحاد الديمقراطي المسيحي قبل 13 عاماً، كانت الحياة السياسية في ألمانيا يُسيطر عليها الرجال, وأمثال هؤلاء الرجال حالياً، مثل خصمها الرئيسي في الانتخابات الأخيرة بير شتاينبروك من الحزب الديمقراطي الاشتراكي، متخلفون عن ركب الزمن فيما يبدو.
ويبدو أن هؤلاء الرجال يجدون من العسير العثور على خطاب ملائم عندما يخوضون سباقا أو منافسة ضد امرأة مثل ميركل, فكل هجوم يُعتبر استعلائياً تجاهها كامرأة يُكبدهم ثمنا
باهظا في أصوات النساء, وهذا هو السبب في أداء شتاينبروك بالغ السوء بشكل خاص وسط النساء.
ويفتح مثال ميركل مجالاً لصعود النساء في مجال السياسة, ففي عام 2005، عندما انتخبت ميركل للمرة الأولى كمستشارة لم يكن هناك إلا امرأة وحيدة قد حكمت إحدى ولايات ألمانيا الست عشرة، والسياسة على مستوى الولايات هي الموئل الأساسي للحياة السياسية في ألمانيا. والآن، يحكم أربع نساء ولايات بالنيابة وعدد كبير من المتنافسين على مواقع قيادية في الأحزاب الألمانية نساء.
والأهم من ذلك, أن ميركل غيرت بقايا الصور النمطية, قبل قرن من الزمن اعتقد كثير من الناس أن النساء انفعاليات بشدة ويحتجن إلى وصاية من رجل، وهو التحامل الذي يتوارى لكنه لم يختف تماما, وقلبت ميركل هذا الزعم رأسا على عقب وأصبحت قاعدة راسخة للعقلانية في وقت من عدم عقلانية الرجال.
في أزمة اليورو, بدت المستشارة ميركل، باعتبارها ملاذا للعقلانية، الصوت الغالب فعلى خلاف بعض الزعماء السياسيين البارزين تستطيع ميركل أن تبقي ذاتيتها بعيداً عندما تدخل واحدة من المفاوضات التي لا تنتهي في القمم الأوروبية.
في هذا الصدد قال سيلكا مولر، كاتب في صحيفة "دي فيلت" ويغطي الشؤون السياسية في بروكسل, عنها "إنها تُركز على القضايا المطروحة فحسب وليست مغرورة مثل بعض زعماء الدول والحكومات الآخرين", حيث أن إحدى الحيل التي تستخدمها ميركل هي إنها تدع الرجال يتصارعون لتستغل الحفر التي يحفرونها لأنفسهم.
كما يُساعدها في مبتغاها أنهم يقللون دوماً من قيمة الفتاة البسيطة، كما وصفها المستشار السابق هيلموت كول ذات مرة، وكان هذا قبل أن تطيح به هذه الفتاة البسيطة من السلطة في الاتحاد الديمقراطي المسيحي, وأحد العوامل التي تجعل ميركل ذات نفوذ كزعيمة محافظة
ونموذج يحتذى أنها لا تركز على قضايا المرأة. لكن هذا يثير قلق كثيرين من المدافعين التقليديين عن قضايا المرأة.
كما قالت أليس شوارتزر, رئيسة تحرير مجلة "ايما النسوية", "هناك ضيق وسط النساء لأنها قدمت الكثير من التنازلات غير المحابية للنساء", لكن النساء الشابات العاملات في ألمانيا يحترمن الطريقة السلسة التي تعمل بها ميركل في المنصب, لذا فما الذي تعنيه ميركل لفتياتنا الصغار؟ سيعتبرن إنه من الغريب جداً أن يتولى رجل في نهاية المطاف منصب المستشار.
آمل ألا يخطر ببالهن حتى أنهن قد لا يصلحن لأعلى المناصب لمجرد كونهن أناثاً, وآمل كوالد أنه بعد فترة ولاية أخرى لميركل أن تبدأ الثقافة التي يسيطر عليها الرجال في الشركات في ألمانيا في الانفتاح، وليس فقط أمام نساء مثل ميركل التي أثبتت أنها تستطيع أن تهزم الرجال في ساحات قتالهم. 
طالع .. المصدر

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

عين على 1433 هـ

حجاب تركيا .. نصرٌ جديد!

ألف شخص يعتنقون الإسلام في ماليزيا خلال عام 2009