روحاني إيران لا يشبه جورباتشوف
ترجمة: حسن شعيب
على نطاق واسع, غدت المقارنة بين مفاوضات وزير الخارجية، جون كيري، مع إيران وتوصله لاتفاق نووي معها وبين المفاوضات التي أجرتها إدارة ريجان مع الاتحاد السوفييتي متداولة كثيرا، لكن السؤال هو هل يعتبر حسن روحاني شبيها لميخائيل جورباتشوف الذي كان هو الآخر زعيمًا لبلد تعاونت معه أمريكا في مرحلة من المراحل؟
من جانبه لم يكن جورباتشوف مهتمافحسب بالتوصل إلى اتفاق مع أمريكا لتقليص الأسلحة الاستراتيجية للبلدين، بل كان عازما على إصلاح كامل للاتحاد السوفييتي والمجتمع الروسي، هذه الإصلاحات التي تلخصها الموسوعة البريطانية كالتالي:
"بموجب سياسة الانفتاح التي انتهجها جورباتشوف، عاد الدفء إلى الحياة الثقافية الروسية، حيث توسعت حرية التعبير والحصول على المعلومات، وفُسح المجال أمام الصحافة والإعلام على نحو غير مسبوق، فيما تخلصت الحكومة نهائيًا من إرث النظام "ستالين" السابق، كما أن جورباتشوف ومن خلال سياسة البروسترويكا أدخل الإصلاحات الديمقراطية الأولى على النظام السياسي السوفييتي، حيث اعتمدت بعض الانتخابات الخاصة بالحزب ومناصب حكومية على تعدد المرشحين".
وبرغم أن فاعلية هذه الإصلاحات على الأرض ظل محدودًا، ولم يُساهم في إنقاذ الاتحاد السوفييتي من أزمته بسبب تصلب النخبة البيروقراطية السوفييتية، إلا أن جورباتشوف كان بالفعل صادقًافي رغبته القطع مع عهود القمع السابقة في الداخل والمغامرات الخطيرة في الخارج، فمنذ أن وصل إلى قمة الحزب الشيوعي عام 1985 أبدى تصميمًا راسخًا على سحب القوات السوفييتية من أفغانستان، وهو ما تأتى له في عام 1989.
في صيف العام ذاته, بينما كانت أوروبا الشرقية تشتعل تحت وقع المظاهرات المناوئة للشيوعية، سمح جورباتشوف بانهيار تلك الأنظمة من برلين الشرقية إلى وارسو, وبدلاً من أن يُرسل قوت الجيش الأحمر لفرض الأمن بالقوة، سحب الجنود السوفييت، وسمحللديمقراطية بالازدهار، لتنتهي بذلك الحرب الباردة.
بعد ذلك, هل يمكننا أن نرى أي تشابه بين ما جرى في الاتحاد السوفييتي على يد جورباتشوف، وبين ما يجري حالياً في إيران على يد روحاني وخامنئي؟ الحقيقة ما شاهدناه هو استمرار للغة قديمة جسدتها خطبة خامنئي التي قال فيها عن إسرائيل إن انقراضها محتوم.
كما نعتَ الولايات المتحدة باقتراف أعمال غير إنسانيةمثل استخدام القنبلة الذرية ضد اليابان، وحتى في حال التغاضي عن هذا الخطاب باعتباره مجرد كلام، كما يريد أن يقنعنا بذلك أوباما، إلا أنه لا وجود لإشارات ملموسة من قبل القيادة الإيرانية عن وجود تغير حقيقي في السلوك.
وقد حاول المسئولون في إدارة أوباما تبرير انفتاحهم على إيران بإيراد ما قالته الاستخبارات الأمريكية من أن إيران أبطأت عملية التخصيب, ومن دون التشكيك في تقديرات الاستخبارات الأمريكية التي قد لا تكون دقيقة وتجانب الصواب كما كان عليه الحال مع أسلحة الدمار الشامل في العراق، فإن هذا التباطؤ في النشاط النووي الإيراني ربما يرجع، كما يجادل بذلك نتنياهو، إلى أن الملالي في طهران وصلوا بالفعل إلى القدرات التي يحتاجونها لصنع القنبلة.
وفي غضون ذلك لم تبدِ إيران في الموضوع السوري الذي يعادل تقريباً الوجود السوفييتي في أفغانستان خلال الثمانينيات، ما يفيد بأنها مستعدة لوقف دعمها للهجمات غير الإنسانية التي يقوم بها بشار الأسد ضد شعبه.
وبالعكس من ذلك تفيد جميع المعطيات أن المساندة الإيرانية لبشار من خلال حزب الله متواصلة باستمرار تدفق الدعم دون انقطاع، وذلك رغم الضربة التي تعرضت لها إيران مؤخراً بعد استهداف سفارتها في بيروت، والأمر نفسه ينطبق على الوضع الداخلي في إيران، حيث تنعدم أي إشارات لوقف التضييق على المعارضة، وهو ما كشفه المقرر الخاص الأممي لحقوق الإنسان في إيران، أحمد شهيد، الذي رفع تقريراً إلى الأمين العام للأمم المتحدة حول هذا الموضوع.
التقرير المندد بالوضع الحقوقي في إيران ليس من صياغة دبلوماسي إسرائيلي، أو أحد "المحافظين الجدد" الأمريكيين المناوئين لطهران، بل صاغه أحمد شهيد الذي هو وزير خارجية سابق لجزر المالديف، ومحاضر بارز في الجامعات الغربية.
وبالاعتماد على ما جاء في التقرير وما نلمسه من تصرفات فإنه لا وجود لأي سند يدعم المقارنة بين روحاني وخامنئي من جهة وبين جورباتشوف من جهة أخرى، فقد يكون النظام الإيراني مستعداً مؤقتاً لتعليق برنامجه النووي مقابل تخفيف العقوبات، لكن لا شيء يدل على أنه راغب في إنهاء حربه الباردة ضد الغرب، كما فعلت القيادة السوفييتية، هذه الرغبة التي تستدعي التفكيك الكامل للبرنامج النووي الإيراني.
طالع ... المصدر
تعليقات