سان بطرسبرج .. الأسد بحاجة للعقاب!
ترجمة: حسن شعيب
برغم اعتراف أوباما بوجود تحفظات لدى الرأي العام الأمريكي على انخراط عسكري آخر في الشرق الأوسط، إلا أنه جادل في الوقت نفسه بأن الولايات المتحدة تتحمل مسؤولية أخلاقية فيما يتعلق باستخدام نظام الأسد للسلاح الكيماوي.
بعد إقراره بالصعوبات التي يواجهها لإقناع الكونجرس بترخيص الضربة العسكرية ضد النظام السوري, ناشد أوباما مباشرة ضمائر الناس، في مقارنة بين الوضع الحالي وفترة ما قبل الحرب العالمية الثانية عندما ترددت أمريكا في الانخراط فيها, مشيرا كذلك إلى الجهود الأمريكية السابقة لإنهاء المجازر في كوسوفو خلال التسعينيات، التي وإن لم تحظ بشعبية وقتها، إلا أنها كانت هي الإجراء الصائب كما قال أوباما.
في هذا الصدد, قال أوباما "لقد اُنتخبت لإنهاء الحروب، وأمضيت أربع سنوات ونصف السنة أقوم بكل ما يلزم لتقليص اعتمادنا على القوة العسكرية كأسلوب لتحمل التزاماتنا الدولية وحماية الشعب الأمريكي"، مضيفا "أن هناك أوقاتاً يتعين فيها اتخاذ خيارات صعبة، لاسيما إذا كنا نريد الدفاع عن الأشياء التي نؤمن بها، وأعتقد أننا اليوم أمام إحدى تلك اللحظات".
يبدو أن هذه التصريحات التي أدلى بها على هامش مؤتمر صحفي عُقد في اختتام أعمال قمة مجموعة دول العشرين، كانت هي التوضيح الأكثر تفسيرا الذي لشرح قراره بالذهاب للكونجرس لطلب الترخيص بضرب النظام السوري، هذا الشرح الذي سيتواصل بعد عودة أوباما إلى واشنطن يمكنه اقناع الرأي العام بضرورة المضي قدماً في خططه.
أما في مجلس الشيوخ فلم يحسم أغلب الأعضاء موقفهم بعد، وكان زعيم الأغلبية في المجلس، هاري ريد، قد طرح رسميا مشروع قرار يسمح بضربات عسكرية محدودة ضد سوريا، وذلك تمهيداً للتصويت الذي سيجري على الأرجح الأسبوع الجاري، حيث يحتاج ريد لتمرير القانون إلى 60 صوتاً.
كما يتوقع الديمقراطيون أن يصوت بعض الأعضاء من الليبراليين لصالح التفكير في إجراء ما ضد سوريا على أن يعارضوا القرار النهائي لدى التصويت على تمريره, وفي ظل انقسام الديمقراطيين أنفسهم في الكونجرس واحتمال تعادل نتيجة التصويت أو تقاربها يرجح المراقبون أن يدلي نائب الرئيس، جو بايدن، بصوته لترجيح الكفة لصالح القرار.
علاوة على ذلك, حرص أوباما على التأكيد أنه لا يتوق لتدخل عسكري، ولكنه أضاف أن الهجمات التي نفذت في يوم 21 أغسطس المنصرم واستخدمت فيها قوات النظام السوري الغاز ما أودى بحياة المئات من بينهم نساء وأطفال، لا يمكن التغاضي عنها، موضحاً ذلك بقوله أحياناً كلما ابتعدنا عن الحادث بدا منطقيا ألا نقوم بشيء إزاءه، وأنا أفهم ذلك وأدرك أن العديد من الناس حول العالم ربما لا يجدون خيارات جيدة فيما نفعل، ولكن السؤال هو عن المعايير العالمية وهل ما زالت تعني شيئا؟
ومع أن أوباما جاء إلى قمة مجموعة دول العشرين على أمل حشد الدعم والتأييد لقرار التدخل العسكري في سوريا وإظهار مدى إجماع الدول الكبرى على الأمر، إلا أنه بعد قضاء ساعات طويلة من المباحثات الخاصة مع قادة العالم، بما في ذلك عشاء مطول استمر حتى الثانية صباحاً، خرج أوباما دون الحصول على التوافق المطلوب حول السبيل الأمثل للرد على النظام السوري.
ولكن البيت الأبيض أشار إلى إحراز تقدم في تأمين الدعم الدولي من خلال البيان المشترك الصادر عن الولايات المتحدة و11 دولة أخرى شاركت في القمة، حيث طالبوا فيه باتخاذ رد
دولي قوي على الانتهاكات الجسيمة للقواعد الدولية، معربين أيضاً عن دعمهم المطلق للولايات المتحدة وباقي الجهود الرامية لتعزيز حظر استخدام الأسلحة الكيماوية.
غير أن بوتين، الذي استضاف القمة، كان له رأي آخر، حيث شدد على رفضه التام لأي ضربة أمريكية ضد النظام السوري، مضيفاً أنه من بين الدول العشرين المشاركة في القمة فقط هناك أربع منها، هي كندا وفرنسا وتركيا والسعودية، عرضت على أمريكا المساندة الكاملة. بل إن الأمين العام للأمم المتحدة، بان كي مون، بدا متحفظاً على التحرك العسكري بعدما انتقد انتقاداً شديداً احتمال استخدام القوة في سوريا.
ومع أن مون أحجم عن الإشارة إلى الولايات المتحدة، إلا أنه أكد أن التدخل العسكري ستكون له تداعيات سلبية، قائلاً يجب أن أحذر من أن تحركاً عسكرياً في سوريا قد يتسبب في نتائج خطيرة ومأساوية مع تزايد احتمالات الحرب الطائفية، مضيفاً في تصريحه الذي أدلى به على هامش القمة علينا استكشاف سبل أخرى للحد من عسكرة الصراع المتزايدة وبعث جهود التسوية السياسية بدلاً من دق طبول الحرب.
برغم أن أوباما اجتمع مع بوتين خلال فعاليات القمة لمناقشة الموضوع السوري، إلا أنه لا أحد منهما نجح في إقناع الآخر بتغيير مواقفه، حيث قال بوتين للصحفيين "نحن على موقفنا، وإن كان الرئيس الروسي قد وصف المحادثة مع أوباما أيضا بأنها كانت ودية", بينما نفى الاتفاق فيما يتعلق بالموضوع السوري وتوجيه الضربة العسكرية، ولكن مع ذلك يمكن الإصغاء إليها حتى ونحن نحاول التركيز على الحل السلمي للأزمة.
---------------------------------
طالع ... المصدر
تعليقات