كولومبيا على حافة غضب عارمة!



ترجمة: حسن شعيب
اندلع العنف في المدن الرئيسية في كولومبيا بعد أن نزل عشرات الآلاف إلى الشوارع لدعم مزارعي البلاد الذين أضربوا عن العمل لأحد عشر يوما, حيث أفادت تقارير أن خمسة أشخاص قتلوا بينهم صبي في الخامسة عشرة من عمره في اشتباكات مع شرطة مكافحة الشغب، مما جعل الرئيس خوان مانويل سانتوس يعلن حشد 50 ألف جندي لاستعادة الهدوء. 

من جانبهم, قال المزارعون في كولومبيا, الذين يشكلون 60 بالمائة من السكان, ويمثلون العمود الفقري لاقتصاد البلاد "إنهم لم يعودوا يستطيعون توفير لقمة العيش بعد سنوات من الإهمال من الحكومة هبطت فيها أسعار المحاصيل وارتفعت فيها أسعار الصادرات"، وفتحت فيها اتفاقات التجارة الأسواق المحلية أمام الشركات الدولية الكبرى التي لا يمكنهم منافستها. 

كما انضم عمال المناجم وسائقو الشاحنات والمعلمون، يحملون مظالمهم، إلى الإضراب الذي شهد إغلاق 72 طريقاً على الأقل على امتداد البلاد واعتقل فيه نحو 175 شخصا, بينما تزايد تجاهل الحكومة فيما يبدو للمحتجين وهو نهج خطر مع الأخذ في الاعتبار محادثات السلام الحساسة التي تجري حالياً في كوبا بين مسئولين كولومبيين وجماعة القوات المسلحة الثورية الكولومبية اليسارية المتمردة, حيث يتوقع أيضا أن يُرشح سانتوس نفسه في جولة انتخابية جديدة في مايو المقبل. 

أما كيفين هاوليت المستشار السياسي الذي يتخذ من بوجوتا مقراً له كولومبيا تترنح, كيف سيضغط هذا على الذين يتفاوضون في هافانا؟ هذا يقوي المعارضة ضد سانتوس ويخلق بيئة شديدة التسييس والتوتر في الفترة السابقة على الانتخابات. بينما يقول محللون "إن سوء تعامل سانتوس الواضح مع الاحتجاجات والانتهاكات التي يعتقد أن الشرطة ارتكبتها أدى إلى تفاقم الأزمة.

 وقال هاوليت: لقد سمح بأن تظهر حكومته بأنها تقف قبالة الأمة". ورفض سانتوس أن يتحدث إلى زعماء المزارعين في بداية الأمر، وقال فيما بعد ما يدعى إضراب المزارعين غير موجود، والاحتجاجات حرّضت عليها جماعات مسلحة يساري, وغير الرئيس الأسبوع الماضي نبرته وأقر أن قطاع الزراعة هُجر، في كلمة أذيعت في التلفزيون على امتداد البلاد, وقال الاحتجاجات مشروعة لكن من خلال الحوار سنحل المشكلات. 

لكن العرض سقط بعد وقوع أعمال عنف، وألغى سانتوس المفاوضات، وأعلن نشر القوات العسكرية في العاصمة، وفي أي مدينة أو منطقة أخرى حضور جنودنا فيها ضروري, حيث قال هاوليت "إن الحكومة كانت تعلم سلفاً بشأن الإضراب، لكنها كانت بطيئة في الرد، ونسيت كل قواعد إدارة الأزمات". 

جدير بالذكر أن الطابع السلمي ساد على الغالبية الساحقة من نحو 30 ألف شخص شاركوا في مسيرة في بوجوتا يوم الخميس الماضي، لكن الفوضى اندلعت عندما بدأت جماعات من الشبان الملثمين برجم الشرطة بالحجارة وإلقاء المتفجرات البدائية عليها. كما قال شهود من بوجوتا وميديلين، ثاني أكبر مدن كولومبيا، "إن الشرطة كانت سببا في العنف أيضا في بعض الحالات، حين هاجمت جماعات مسالمة بالعصي والقنابل المسيلة للدموع, كما أظهرت مقاطع مصورة نشرت على مواقع التواصل الاجتماعي على الإنترنت وفي نشرات الأخبار القومية الأسبوع الماضي أن الشرطة هاجمت فيما يبدو محتجين في مناطق ريفية وأخذت طعامهم.

 كما أدت التقارير إلى إعلان إجراء تحقيق داخلي، وأصيب مئات الأشخاص بجروح بينهم عشرات من أفراد الشرطة. وأعلن حظر التجوال الليلي يوم الجمعة الماضي في بوجوتا ومدينة سواتشا القريبة منها, حيث قالت سيلفيا جوزمان, فنانة شاركت في الاحتجاجات في ميديلين, "إن الشرطة تحاول أن تنزع مشروعية الاحتجاجات السلمية وتدعي أننا مجرمون", كما دأبت الحكومة على اتهامنا بأننا جماعات مسلحة إذا عارضنا ما يفعلونه.

 وكما تتنوع أسباب الاحتجاجات يتنوع أطياف المشاركين فيها كذلك, لكن يشيع بينهم فكرة، وهي أن سياسات الحكومة الاقتصادية تفقر الطبقة العاملة وسكان القرى, ويقول منتجو القهوة والأرز والبطاطا والحليب ومجموعة أخرى من السلع إن اتفاقات التجارة لا تجعلهم قادرين على المنافسة في ظل واردات رخيصة. 

ويشير المزارعون إلى "أن قواعد اتفاقية التجارة الحرة الأمريكية أجبرتهم على شراء بذور غالية الثمن من موردين معتمدين كل عام بينما يجري إعدام ملايين الأطنان من المحاصيل التي استخدمت بذوراً غير معتمدة", كما وعد سانتوس أنه سيتم إلغاء تعريفة الاستيراد على 23 من المخصبات رغم أن المزارعين يقولون إن هناك حاجة لمزيد من التعديلات العميقة. كما أضاف هاوليت، قائلا "إن الحكومة اتخذت خطوات كبيرة لتحديث الاقتصاد على الورق على الأقل...

 لكنها فشلت في أن تنقل للناس فوائد اتفاق التجارة الحرة وهناك واحد في المئة فقط من ميزانية الحكومة مخصص للإنفاق الزراعي, بينما يؤكد هايدر جارسيا سيردونا, طالب من المحتجين, "كل ما نريده أن تحترم الحكومة شعبها، وتسمح للمزارعين بزراعة وبيع محاصيلهم بشكل عادل" .

--------------------------------
طالع .. المصدر

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

عين على 1433 هـ

حجاب تركيا .. نصرٌ جديد!

ألف شخص يعتنقون الإسلام في ماليزيا خلال عام 2009