زلزال بلوشستان .. تذكرة بالكوارث!


ترجمة: حسن شعيب
بقوة 7,7 درجة على مقياس ريختر, قتل المئات من الأشخاص نتيجة زلزال ضرب ولاية بلوشستان الواقعة في جنوب غرب باكستان الأسبوع الماضي, وقد كان هذا الزلزال من القوة بحيث خلف جزيرة جديدة قبالة الساحل الجنوبي للبلاد وشعر به السكان في أماكن بعيدة مثل نيودلهي.
من جانبهم, قال مسئولون "إن عشرات من المنازل المبنية بالطين وبوسائل بسيطة أخرى قد دمرت وانهارت نتيجة توابع هذا الزلزال المدمر، التي ضربت في منطقة جبلية قليلة السكان بالقرب من مركز الزلزال الكبير في بلوشستان، وهي مقاطعة كبيرة جرداء ذات طابع جيولوجي ومناخي صعب قوامه الصحاري والجبال الوعرة".
يعتبر هذا الزلزال ما هو إلا تذكير قاس بأن أعداد الوفيات المرتفعة غالباً ما تهيمن على رؤية الجمهور العام للكوارث المماثلة، والتي تستخدم كنوع من التوصيف لتشخيص مدى قسوة هذا الحادث.
ولنفرض أننا قمنا بطرح المشكلات المتلازمة التي ترتبط بحساب أعداد الوفيات والانحيازات الإحصائية الجغرافية المرتبطة بتغطية الكارثة جانبا، فإن الاستناد إلى عدد القتلى وحده للحكم على حجم هول الحدث يمكن أن يكون وسيلة غير دقيقة للتفكير في حجم كارثة من هذا النوع، ولاسيما عندما يتعلق الأمر بالتأثير على طبيعة القرارات الأنسب الموجهة لتمويل جهود الإغاثة.
من المؤكد أنه في بيئة مكتظة بالأخبار العالمية، قد نقرر ما هي الكوارث التي يجب أن نعيرها اهتماما بناء على عدد القتلى، ولكن هذه ليست الطريقة المثلى لتحديد كم المساعدة المطلوبة.
وقد ناقش كل من إيوانيس إيفانجيليديس وبران فان دين بيرج، الباحثان بجامعة إيراسموس، هذه المشكلة في بحث حديث حول العلوم النفسية، وطرحا إشكالات من جوانب متعددة متعلقة بآثار وتداعيات الزلازل وأفضل الطرق لتكوين صورة عن حجم الضرر الناتج عنها.
وفي ديسمبر 2003، أدى وقوع زلزال بام في إيران إلى مقتل 26796 شخصاً إلى جانب تضرر 267628 آخرين. وقد استجاب بعض الأفراد بالتبرع بحوالي 10,7 مليون دولار فقط.
وفي يناير من عام 2000، أدى وقوع زلزال منطقة يونان بالصين إلى مقتل عدد غير كبير من أشخاص ولكن تضرر 1,8 مليون آخرين. وقد ساهم المانحون بمبلغ 94586 دولاراً فقط لا غير. وتشير هذه الملاحظات إلى أن الجهات المانحة قد يكون لديها حساسية تجاه عدد القتلى أقل منها بكثير بالنسبة لعدد المتضررين الفعليين.
وبالنظر إلى بيانات منظمات الإغاثة الموجهة في 381 كارثة وقعت خلال الفترة بين عامي 2000 و 2011، وجد الباحثان أنه قد تم التبرع بما يزيد على تسعة آلاف دولار لكل شخص إضافي قتل في كارثة، ولكن لم يكن هناك ارتباط كبير بين عدد الأشخاص المتضررين ومقدار التبرع.
كما وجد الباحثان، في دراسات عديدة مستقلة، أن المتطوعين هم على الأرجح الذين يرون أنه يتعين التبرع بمزيد من الأموال للكوارث الافتراضية ذات الخسائر الأكبر، بدلاً من الأعداد الأكبر من الأشخاص المحتاجين.
كما تنطوي دراسات الباحثين أيضاً على بعض الأخبار الطيبة. فقد وجدا أن الأشخاص المتبرعين على استعداد لزيادة المبلغ المخصص للكارثة عندما تكون الأعداد أكثر تحديداً، على سبيل المثال لو قيل إن 4000 شخص باتوا بلا مأوى مقابل قول مجمل بأن هنالك أشخاصاً متضررين أو في احتياج، مما يدل على أن المتبرعين يعتقدون أن هذه الأرقام موثوق بها بدرجة أكبر.
بشكل عام يشير البحث إلى أن تحيزات وافتراضات المانحين قد تحول دون وصول الأموال إلى الأشخاص الذين هم في حاجة إليها.
ومن الواضح أن هذا مجرد غيض من فيض عندما يتعلق الأمر بعدم الكفاءة في مجال العمل على استقطاب الإغاثة في حالات الكوارث، ولكن يبقى الأمر الأهم هو أن الموت أمر صادم، ما في ذلك شك، ولكن المتضررين الآخرين الباقين على قيد الحياة هم الذين يحتاجون إلى المساعدة بالفعل.
----------------------------------------- 
طالع .. المصدر

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

النوبة .. ملاذُ السكينة على ضفاف النيل

اليمين النمساوي يطالب بحظر الرموز الإسلامية وسياسيون أيرلنديون يحثون على استيعاب المسلمين.. الأقليات المسلمة في أسبوع

اكبر حديقة ازهار في العالم.. 45 مليون زهرة وسط الصحراء