اتفاق "روسيا-أمريكا" ..هل يُغير الواقع في سوريا؟


ترجمة: حسن شعيب
دون شك, نزع الاتفاق الذي توصلت إليه كلا من الولايات المتحدة وروسيا فتيل الأزمة التي كانت على وشك ان تودي إلى اندلاع حرب عالمية أو على الأقل إقليمية في المنطقة, قد يكون الاتفاق غير مجدي في مقابل هذه الدماء التي أريقت والأخرى التي ما زالت تسيل لكنه بالتأكيد يعتبر ذريعة جيدة قد يحتاجها باراك أوباما أمام شعبه وأمام العالم بأسره.

صحيحٌ أن الرئيس الأمريكي لجأ إلى خطة جديدة من خلال الحصول على الضوء الأخضر من الكونغرس لاستخدام القوة, وذلك على الرغم من أنه شدد على أنه ليس بحاجة لموافقتهم, إلا أن روسيا دخلت على الخط بصورة غير متوقعة وقدمت حلا دبلوماسيا يجعل من الضربة العسكرية من جانب واحدا أمرا مختلفا عن المغامرة الليبية ولا يمكن الدفاع عنه, فلم يجد خيارا سوى أن يمشي خلف بوتين الذي غدا المسئول الأبرز.

بيد أن هناك مجموعة من النقاط التي توضح كيف أن الاتفاق الأمريكي الروسي لتخليص سوريا من أسلحتها الكيماوية قد يكون له دور رئيس على بعض اللاعبين: * إعطاء الراحة لإدارة أوباما وحتى للرأي العام الأمريكي الذي يعارض الدخول في هذا المنحنى الزلق حتى من خلال ضربة محدودة.

يشكل هذا بالتأكيد الاتفاق انتكاسة لمؤيدي تدخل أمريكي أكبر في سوريا, حيث أن 99% من القتلى في سوريا لقتوا حتفهم عن طريق أسلحة تقليدية. * يمكن اعتبار الاتفاق بمثابة دفعة للرئيس الروسي فلاديمير بوتين الذي صارع لإعادة وضع موسكو على المسرح العالمي بعد انهيار الاتحاد السوفيتي. المحظة التالية سوف تكون طهران لمناقشة شروط التوصل إلى اتفاقية حول برنامج إيران النووي المثير للجدل.

هذا الاتفاق يقدم, على الأقل على المدى القصير, مهلة للرئيس السوري بشار الأسد, لأنه سوف يكون الضامن لتنفيذ الاتفاق السنة القادمة وحتى ما بعد ذلك. * الاتفاق شكل انتكاسة لمقاتلي المعارضة السورية. الذين كانوا يأملوا من الاستفادة من تراجع ترسانة الأسد التي سوف ترافق الضربة العسكرية الأمريكية. كما كانوا يأملون من الاستفادة من سيكولوجية أرض المعركة مع تدخل الولايات المتحدة. أما ولكن الأسئلة الكبيرة جدا والتي لا تزال مطروحة, هي:

هل سيمتثل الأسد المراوغ حقا؟ هناك العديد من الأسباب التي تدعوه للالتزام في الوقت الحاضر, ولكن لدى نظامه سجل حافل من الازدواجية والإجرام. ولذا يتوجب الحذر والتدقيق خصوصا التأكد من أنه سيسلم كل شيء. أكرر, كل شيء. *هل هذه الاتفاقية هي الخطوة الأولى نحو التوصل إلى وقف كلي لإطلاق النار, كما تأمل الولايات المتحدة؟ القضايا القديمة لا زالت قائمة؛ نظام الأسد لا يريد التخلي عن السلطة, سواء هو نفسه أو الطائفة العلوية التي تعتبر أقلية في سوريا.

 كما أن لدى الرئيس السوري الدعم الروسي. المعارضة من طرفها منقسمة إلى أبعد الحدود بحيث أنها غير قادرة على الحديث بصوت واحد, سواء بتشكيل حكومة ظل يمكن لها أن تعمل في المناطق المحررة, كما كان عليه الحال في ليبيا, أو حتى الموافقة على شروط اتفاقية السلام.

 إمكانية الوصول إلى السلام في أي وقت قريب يبدو أمرا بعيد المنال, بالنظر إلى العدد الكبير من اللاعبين والدور المتنامي للمتطرفين المتواجدين في صفوف مقاتلي المعارضة. هل سيلعب الاتفاق أي دور في تغيير الحقائق على أرض المعركة والقتل المستمر؟ حتى لو بدأت عملية السلام, فإن الكثيرين سوف يقتلون خلالها. إذا ما هو بيت القصيد هنا؟ هناك بصيص من الأمل في واحد من العديد من القضايا المعقدة في الأزمة السورية. ولكنه لا زال بصيصا.

--------------------------------------
طالع ... المصدر

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

النوبة .. ملاذُ السكينة على ضفاف النيل

اليمين النمساوي يطالب بحظر الرموز الإسلامية وسياسيون أيرلنديون يحثون على استيعاب المسلمين.. الأقليات المسلمة في أسبوع

اكبر حديقة ازهار في العالم.. 45 مليون زهرة وسط الصحراء