مجزرة "رابعة" تُعريّ الانقلابين في مصر!
ترجمة: حسن شعيب
بعد
ساعات من نزول الآلاف من المصريين إلى الشوارع لكي تمنح وزير الدفاع عبد
الفتاح السيسي التفويض للقضاء على ما أسماه العنف والإرهاب, لقى العشرات من
الرافضين للانقلاب الذي قاده السيسي مصرعهم بالقرب من اعتصام ميدان "رابعة
العدوية" بأسلحة قوات الشرطة الغاشمة والتي أطلقت الرصاص الحي والخرطوش.
"إنها
أولى نتائج التفويض الذي طلبه عبد الفتاح السيسي وزير الدفاع من المصريين"
في إشارة صحيفة الجارديان البريطانية إلى المجزرة الجديدة التي وقعت قرب
ميدان رابعة العدوية وراح ضحيتها العشرات، ويؤكد نية السلطات فضّ اعتصام
رابعة بالقوة.
كما
قالت الصحيفة البريطانية "إنَّ أنصار الرئيس المصري محمد مرسي قتلوا برصاص
قوات الأمن فجر السبت الماضي في أسوأ مذبحة ترتكبها الدولة ضد شعبها منذ
سقوط الرئيس السابق حسني مبارك، بينما تقول وزارة الصحة إنَّ نحو 20 شخصًا
قط قتلوا حتى الآن، مما يشير إلى تكاتف أجهزة الدولة لإخفاء الحقيقة",
مشيرة إلى أن الشرطة أطلقت قنابل الغاز المسيل للدموع على المتظاهرين منذ
الساعة الثانية بعد منتصف الليل بالتوقيت المحلي، وبعد ذلك بدأ إطلاق
الرصاص الحي.
وأوضحت
الصحيفة البريطانية "أن الليبراليين في مصر الذين نادوا بالديمقراطية ولوا
وجوهم شطر العسكر ليشجعوه على الانقلاب على الديمقراطية ويدفع بهم إلى سدة
الحكم, بعد خسارتهم للانتخابات أمام الإسلاميين, مما أصاب الديمقراطية في
مقتل", مضيفة "كما يبدو من الصعب قبول اعتقال رئيس منتخب ديمقراطيا،
وبالتالي تزايدت مشاعر الرفض بين المصريين" !
كما
وصفت صحيفة "تلجراف" البريطانية قتل الجيش المصري مؤيدي الرئيس مرسي بأنه
مقامرة خاضها جنرالات الجيش تُنبئ بزيادة احتمالات تحويل نزاع القوى في مصر
إلى صراع دموي, حيث قالت الصحيفة البريطانية "إن المقامرة ذات الحدين بدأت
بإطاحة أول رئيس منتخب للبلاد، لكن قادة الجيش لم يكتفوا بذلك بل ناصبوا
مؤيديه العداء, وأحدثوا فيهم مقتلة عظيمة".
وأشارت
الصحيفة إلى المشاهد الدموية لقتلى محزرة "رابعة" أنها تظهر اختيار الجيش
المصري أن يلعب السياسة بالقواعد القديمة التي اتبعها نظام مبارك قبل
وأثناء ثورة 25 يناير التي انتهت بإطاحته بعد أن أثار التعامل العنيف مع
مناوئيه التعاطف في الداخل والخارج", مضيفة أن استخدام الجيش القوة المفرطة
أو اقصاء فصيل في أي انتخابات مقبلة قد تؤدي إلى عواقب وخيمة قد تحرق
البلاد".
أما
صحيفة واشنطن بوست الأمريكية فقد وصفت دعوة وزير الدفاع للمصريين للخروج
في مظاهرات حاشدة لمنحه تفويض بمحاربة الإرهاب هو ما يمكن تسميته حيدة عن
الديمقراطية, مشيرة إلى أن هذه الدعوة تظهر بشكل متزايد أن عزل الرئيس
المنتخب محمد مرسي يشبه الاستيلاء العسكري على السلطة.
كما
رأت الصحيفة الأمريكية "أن هذه الدعوة جعلت خارطة الطريق نحو الحكم
الديمقراطي يصعب على المصريين، اتباعها, كما أنها تتعارض بشكل جلي مع
الدعوات المزعومة للمصالحة الوطنية، التي تجعلها مستحيلة", مضيفة أن عنف
سيقع سيلقى فيه باللائمة على معارضي الانقلاب، كما يزعم الجيش أن لديه
تفويضا بوضع حد لما أسماه الإرهاب والعنف".
وفي
تعليقه على المجزرة التي وقعت في رابعة, قال الكاتب البريطاني روبرت فيسك
"إن المسئولية تقع على عاتق الجيش المصرى الذى أطاح بالرئيس محمد مرسى كما
طلب من شعبه الاسبوع الماضى تفويضا لمحاربة الارهاب, متسائلا عما اذا كان
هذا المشهد الحالى هو ما هدف إليه السيسى عند دعوته للشعب أن يفوضه أم لا".
كما
أضاف فيسك "إن الفقراء يؤيدون مرسي والأغنياء يدعمون السيسي, مضيفا "بدا
غريبا وعجيبا أن تحيي الطائرات المروحية العسكرية مئات الألوف في ميدان
التحرير لدعم عبد الفتاح السيسي, بينما وقفت قوات مكافحة الشغب أمام حواجز
رابعة التي تجمع في محيطها مئات الألوف للتعبير عن رفضهم "الانقلاب
العسكري"".
ويرى
فيسك أن أبرز ما لاحظه هو "أن أغلب مؤيدي الإخوان كانوا من الفقراء وبدوا
فقراء بجلابيبهم الرثة ونعالهم البلاستيكية, بينما رفع الأغنياء صورة
الجنرال السيسي الذي يرتدي نظاراته الشمسية, متسائلا "ما الذي حدث لثوار 25
يناير 2011؟
صحيحٌ
أن الأوضاع في مصر تبدو ملتبسة وغير واضحة إلا أن المؤكد هو أن مصر تمر
بمنعطف حاسم أمام مسار الديمقراطية, فقد تنزلق بسهولة نحو تجديد الحكم
الاستبدادي تحت وصاية عسكرية، والذي من المتوقع أن يكون أكثر قمعا من نظام
"مبارك" نفسه؛ أو قد يفيق الشعب لاسترداد مكتسبات ثورة يناير ويحافظون على
الاستحقاقات الانتخابية التي تمهد الطريق أمام المسار الديمقراطي.
ويبدو أن هذا لن يحدث إلا بعد إراقة مزيد من دماء المصريين ولكننا لا نتمنى.
----------------------
طالع ...المصدر
تعليقات