رمضان فرنسا في مواجهة التطرف!
ترجمة: حسن شعيب
لا
شك أن حضور وزير الداخلية الفرنسي لحفل الإفطار السنوي, الذى يُنظم بقاعة بلدية باريس
في شهر رمضان, أدخل السرور والسعادة على سائر الجالية المسلمة في فرنسا والتي تقدر
أعدادهم زهاء خمسة ملايين شخص, كما وسع الإفطار استقبال الجميع باختلاف دياناتهم لتعريفهم
بصورة الإسلام الحقيقية.
برغم
مطالبة الجبهة الوطنية المتشددة, التى تنتمي لتيار اليمين المتشدد فى فرنسا، بلدية
باريس بإلغاء حفل الإفطار الرمضاني السنوي الذى يتم تنظيمه منذ أكثر من عشرة أعوام,
حيث أرسل واليراند سان جوست, مرشح الجبهة الوطنية لمنصب عمدة باريس، برسالة مفتوحة
لرئيس بلدية باريس، برتران ديلانو، طالبه فيها بإلغاء حفل الاستقبال، معللا ذلك بارتفاع
كلفته إلى مائة ألف يورو.
كما
زعم جوست أن رئيس البلدية لا يحق له استخدام أموال دافعى الضرائب فى مثل هذه المناسبة,
التي وصفها بالطائفية التى تنتهك علنًا قواعد العلمانية الفرنسية, وقد ردت بلدية باريس
مؤكدة أن حفل الإفطار يتكلف بالفعل هذا المبلغ، مشيرة إلى إنها تقوم سنويا بتنظيم هذا
الحدث منذ 2001، ولكنه ليس له الطابع الديني، مثل الأحداث الأخرى التي تستضيفها وتنظمها
البلدية, مشيرة إلى أن استضافة هذا الحدث لا يتعارض مع مبادئ العلمانية.
وإزاء
ظاهرة "العداء" تلك التي تقودها التيارات المتطرفة, يرى المسلمون بفرنسا
في رمضان أنه فرصة للتصدي لها, برغم أن وتيرة التطرف كانت قد قلت حدته منذ وصول الاشتراكيين
لسدة الحكم منذ أكثر من عام, سوى بعض الحالات القليلة كالتعرض لسيدة محجبة وهكذا, والتي
يصفها ممثلو الديانة الإسلامية بالأحداث الاستفزازية، حيث يؤكد جيلالي بوزيدي إمام
مسجد باريس أن الجالية المسلمة واعية بضرورة تحدي هذه الأحداث سلميا.
جدير
بالإشارة أن مسلمو فرنسا يصومون يومهم الذي قد يصل إلى 18 ساعة يوميا، لكن البهجة لم
تفارق المسلمين بقدوم الشهر الكريم في مختلف المدن, حيث تتذكر الجالية المسلمة الأجواء
الروحية لهذا الشهر من خلال ممارسة الشعائر الدينية والتضامن الاجتماعي, حيث تتنافس
الجمعيات والمراكز الإسلامية على توزيع وجبات مجانية للفقراء والمهاجرين غير الشرعيين,
بالاعتماد على التبرعات من المواطنين باختلاف دياناتهم لخلق جو من التعايش داخل المجتمع
الواحد.
كما
يحرص المسلمون في فرنسا في شهر رمضان المبارك على مناسبات عديدة لتنشيط الحياة الاجتماعية
بين المسلمين، حتى يتعايشوا مع نفس التقاليد والعادات التي تتبعها الدول العربية والإسلامية
التي ينتمون إليها ويتناولون بهذه المناسبة نفس أطباق المأكولات المتوفرة في بلادهم
الأصلية, كما أظهرت الكنيسة الكاثوليكية في فرنسا هذا العام تضامنها مع المسلمين في
شهر رمضان المبارك من خلال طبع آلاف بطاقات التهنئة لهم بهذه المناسبة التي تحتوي عبارات
التقدير والتضامن.
جدير
بالذكر أن مسلمو فرنسا سادت بينهم بلبلة شديدة في بداية الشهر الكريم, حيث اختلف الجهاز
الإسلامي الرئيسي في البلاد ومسئولي أكبر مساجد باريس بشأن بداية شهر رمضان, فبينما
أكد المجلس الفرنسي للديانة الإسلامية، الممثل الرسمي لمسلمي فرنسا، أن رمضان بدأ يوم
الثلاثاء، أكد المسجد الكبير في باريس أن رمضان يبدأ الأربعاء حين تبدأ الدول العربية
الصيام, لكنهم في النهاية قرروا اتباع الدول الاسلامية.
ومثل
غيرهم, يستعد مسلمو فرنسا لاستقبال الشهر العظيم قبل قدومِه, حيث تقوم الهيئات الإسلامية
بالتوعيةِ والإرشاد من خلال الخطب والنشرات والحصص الإذاعية في الإذاعات العربية بفرنسا،
كما ينظِّم المسلمون حلقاتِ تلاوةٍ وحفظ القرآن والتدريس والوعظ في المساجد ليلًا ونهارًا,
ويؤمُّها أبناء الجالية على اختلاف أعمارهم وثقافتهم.
يشار
أن الإسلام هو الديانة الثانية في فرنسا, حيث يتراوح عدد مسلمي فرنسا بين خمسة وستة
ملايين من جملة حوالي 64 مليون نسمة، وتُعَدُّ الجالية المسلمة بفرنسا أكبرَ جاليةٍ
مسلمة في الغرب، ورمضان له صدًى خاصٌّ وبهجةٌ خاصةٌ في نفوس المسلمين في فرنسا.
---------------------
طالع .. المصدر
تعليقات