البراءة للعنصرية .. قضية ترايفون نموذجا!
ترجمة: حسن شعيب
في
الأسبوع الماضي, أصدر الرئيس الأمريكي باراك أوباما بيانًا حول حادثة
إطلاق النار التي أودت بحياة الفتى تريفون مارتن بعد إصابته برصاصات قاتلة
أطلقها جورج زمرمان، حارس الحي المتطوع بولاية فلوريدا، حيث دعا أوباما إلى
التأمل الهادئ فيما جرى، وذلك في أعقاب ما أسماه المأساة التي حلت
بأمريكا.
لأكثر
من 17 شهرًا, دار السجال والنقاش وتساؤلات حول الأبعاد التي شابت القضية
وعلى رأسها العرق والحقوق المدنية والعدالة الجنائية, بعدما جاء قرار هيئة
المحلفين الذي برأ زمرمان ليلة السبت الماضي بعد محاكمة طويلة، فضلًا عن
موضوع السلاح في أمريكا، خاصة أن الضحية كانت من أصول أفريقية بينما كان
المتهم الذي بُرئت ساحته والده أبيضاً وأمه لاتينية.
وفي
بيانه, دعا الرئيس أوباما الأمريكيين إلى ضبط النفس وسط تزايد الغضب في
صفوف الناشطين المدافعين عن الحقوق المدنية وتنامي احتجاجات شعبية بعد
تبرئة الرجل الذي قتل الشاب الأسود والأعزل.
وبرغم
تلك الدعوات التي أطلقهـا الرئيس, انتشرت تظاهرات كبرى في المدن
الأمريكية، وبخاصة نيويورك وسان فرانسيسكو وشيكاغو احتجاجـًا على قرار هيئة
المحلفين في فلوريدا، الذي صدر في وقـت متأخـر, وقضـى بتبرئـة جورج زمرمان
من تهمة القتل التي تعود إلى عام 2012، لتنهي مرحلة ممتدة من المحاكمة
التي أثارت جدلًا حول العنصرية في الولايات المتحدة.
كما
ناشد أوباما الأمريكيين قبول حكم المحكمة، من أجل محاولة تهدئة الأوضاع،
حيث قال في بيانه الصادر "نحن دولة قانون، ولقد أعطت هيئة المحلفين
كلمتها"، مضيفاً "الآن اطلب من كل أمريكي أن يحترم الدعوة إلى التفكير
بهدوء التي أطلقها والدان فقدا ابنهما الشاب", كما يُشار أن جورج زمرمان,
29 عاما, كان قد أطلق الرصاص على ترايفون مارتن الذي لم يتجاوز 17 سنة في
إحدى ليالي فبراير 2012 عندما كان يقوم بحراسة أملاك إثر عراك معه.
من
جانبها, ذكرت وزارة العدل الأمريكية في بيان أوردته عدة وسائل إعلام أن
تحقيقًا فيدراليًا فتح في القضية منذ السنة الماضية، وجاء في البيان أن
مدعين فيدراليين لهم خبرة طويلة سيحددون ما إذا كانت الأدلة تشير إلى
انتهاك للقوانين الفيدرالية الجنائية المتعلقة بالحقوق المدنية، والتي يمكن
أن تترتب عليها ملاحقات قضائية أم لا.
كما
ربط أوباما بين مقتل الشاب والمشاكل المحيطة باستخدام الأسلحة الشائك التي
حاول تقييد استخدامها بموجب القانون، إلا أن الكونجرس عطل مشروعه، حيث فشل
في تمرير تدابير لفرض ضوابط جديدة تحد من شراء السلاح في وقت سابق هذه
السنة, حيث قال "ينيغي أن نسأل أنفسنا كأفراد وكمجتمع، كيف يمكننا أن نمنع
مثل هذه المآسي في المستقبل، هذا واجبنا جميعا كمواطنين، وهي الطريقة
المثلى التي نكرم بها ذكرى ترايفون مارتن".
وكانت
شرطة فلوريدا قد امتنعت في البداية، عندما اعتقلت المتهم، عن توجيه التهم
إلى زمرمان ما أثار وقتها تظاهرات احتجاجية كبرى، ليوقف بعدها في أبريل
2012 وتوجه إليه تهمة القتل من الدرجة الثانية.
وبعد
شهر على مقتل الشاب، أعرب أوباما عن حزنه العميق في مارس 2012 عندما صرح
قائلًا "لو كان لدي ابن لكان سيشبه تريفون"، كما وصف مقتل تريفون بأنه
مأساة ليس فقط لعائلته ولمحيطه وإنما لأمريكا كلها، داعيًا في الوقت نفسه
الأمريكيين إلى المزيد من التعاطف والتفهم".
يذكر
أن قانونًا اعتمد في فلوريدا عام 2005، يسمح لأي شخص الدفاع عن نفسه في
حال تعرضه لتهديد بما في ذلك استخدام السلاح لصد الهجوم، وهو القانون الذي
تعرض لانتقادات صدرت من جهات عديدة مثل عمدة نيويورك مايكل بلومبيرج الذي
قال في بيان, "إن مثل هذا النوع من القوانين يشجع على المواجهات الدموية
عبر السماح للناس بإطلاق النار أولًا ومن ثم القول إنه قتل مبرر".
وعلى
إثر النطق بالحكم وتبرئة المتهم خرجت عدة تظاهرات يوم الأحد الماضي في
مختلف أنحاء البلاد، لا سيما في نيويورك، حيث تظاهر آلاف الأشخاص وسط
مراقبة مشددة من الشرطة دون أن تسجل أية حوادث، وقال رودني رودريجيز, أحد
الخطباء, "لدينا مشكلة عرقية كبرى وأخرى هي الأسلحة النارية، لو لم يكن
زمرمان يحمل السلاح، لما قتل ترايفون.
جدير
بالذكر أن المظاهرات لم تقتصر على نيويورك، بل امتدت إلى سان فرانسيسكو
وشيكاغو، والعاصمة واشنطن وأتلانتا، وفيلادلفيا، وعلى مدار فترة المحاكمة
التي بثتها محطات التليفزيـون بشكل مباشـر طيلة ثلاثة أسابيع احتدم النقاش
بين الذين يرون أن زمرمان المنحدر من أب أبيض وأم بيروفية قتل الشاب الأسود
بدافع العنصرية وأولئك مقتنعون بأنه تصرف دفاعاً عن النفس.
----------------------
طالع ..المصدر
تعليقات