ليبيا.. مستقبلٌ واعدٌ بشبابها


ترجمة: حسن شعيب
بعد انقضاء عامين على نهاية ثورة عام 2011، لا تزال ليبيا الجديدة مشروعًا قيد الإنجاز، فضلاً عن معاناتها من عدم الاستقرار والعنف, وفي الأسابيع القليلة الماضية, شهدت البلاد  عنفًا متواصلاً في أماكن متفرقة، بما فيها العاصمة طرابلس.
في الآونة الأخيرة, تركت صدامات بين المتظاهرين المحتجين في بنغازي ثلاثين قتيلاً, مما أدى إلى استقالة رئيس أركان الجيش الليبي يوسف المنقوش, وتستمر الميليشيات بأعمالها في الوقت الذي تبدو فيه الحكومة المركزية غير قادرة على وقفها.
برغم هذا العنف والظروف غير الملائمة، ما زالت الغالبية الكبرى من الشباب تسعى لبناء الدولة التي طالما حلموا بها, وما زلنا نحن الشباب نعمل باتجاه تحقيق هذا الهدف, واليوم، وبعد مرور سنتين، نشأت الآلاف من مؤسسات المجتمع المدني والعمل التطوعي الليبية، وبدأت بالعمل كخلايا النمل في مختلف المدن، حيث يعمل أفرادها بكل ما أوتي الشباب من جهد وطاقة وحماس.
وكان النظام العسكري السابق قد طمس منظمات المجتمع المدني في ليبيا، مما جعل كثيرين يشكّون في قدرة ليبيا على تطوير ثقافة المشاركة المدنية. إلا أنَّ الشباب الليبيين، رجالاً ونساءً، أثبتوا للعالم أنهم قادرون بالتأكيد على بناء السلام، وأن بإمكانهم تحقيق المطالب بالعدالة الاجتماعية، وصنع حياة أفضل لهم ولمجتمعهم.
كان النظام العسكري السابق قد طمس منظمات المجتمع المدني في ليبيا، مما جعل الكثيرين يشكّون في قدرة ليبيا على تطوير ثقافة المشاركة المدنية, إلا أنَّ الشباب الليبيين، رجالاً ونساء، أثبتوا للعالم أنهم قادرون بالتأكيد على بناء السلام، وأن بإمكانهم تحقيق المطالب بالعدالة الاجتماعية، وأن باستطاعتهم صنع حياة أفضل لهم ولمجتمعاتهم.
بعد الصراع المسلح ضد النظام السابق في عدة أجزاء داخل البلاد, انطلق الشباب نحو التنظيم، حيث ركزت المبادرات على إيصال الإمدادات والطعام, بالإضافة إلى رفض العنف والحاجة للحوار لحل المشاكل؛ حيث أسّست مجموعة من الليبيين الشباب- على سبيل المثال- مبادرة المصالحة الوطنية لتشجيع المصالحة بين أتباع النظام السابق وبقية السكان.
في سبتمبر 2011, تشكّلت لجان بهدف حل النزاع في مدينة بني الوليد دون اللجوء إلى السلاح, وبرغم أن جهودهم لم تكن ناجحة كما تمنى البعض؛ لأن بعض المجالس المحلية لم تتعاون كما كان متوقعًا مع الحملات، إلا أنَّ تلك اللجان شكلت خطوة في الاتجاه الصحيح.
وفي الوقت الذي ركّزت فيه وسائل الإعلام على العنف على الأرض، كان الشباب يتعاملون مع قضايا لم يكن باستطاعتهم التعامل معها في الماضي، مثل شئون الصحة والتعليم والبيئة, وفي أكتوبر 2012 على سبيل المثال، نظّم الاتحاد الليبي لمكافحة السرطان حملة توعية في المدارس الثانوية في عدة مناطق ليبية بينها مدن طرابلس وبنغازي وزليتن.
من جانبها, قالت أم سند، إحدى السيدات المشاركات في الحملة، "كان مرض سرطان الثدي من الأمور التي لا يتم الحديث عنها في ليبيا, حيث لم نكن نعلم شيئًا عنه، ولكن الفضل يعود لهذه الحملة، أصبحت النساء يعرفن اليوم أنه يمكن اكتشاف هذا المرض", كما نشرت الحملة الوعي بالمرض وشجعت على الكشف المبكر عنه، ودحضت ثقافة الخجل بشأنه.
في الوقت نفسه, نشطت المنظمات الشبابية في مجال حماية البيئة، بعد أن كانت مجموعات كهذه محدودة للغاية من حيث النشاط والعدد لعقود طويلة, ويقول أحد الناشطين الشباب, عضو في جمعية أكسجين للحماية البيئية: "أصبح الشباب الليبيون ناشطين جدًا في مجال البيئة، وقد بدأت حملات التوعية لتغيير مواقف الناس تجاه البيئة".
كما أطلقت جمعية أكسجين للحماية البيئية بدورها حملة جديدة في ليبيا لنشر الوعي بمخاطر التلوث بالأكياس بالبلاستيكية, ويعتبر تشكيل مجموعات كهذه خطوة إيجابية وإنجازًا هامًا على رغم العوائق, وعلى سبيل المثال، وبفضل عمل هذه المنظمات، بدأت السلطات الليبية توبخ من يقطعون الأشجار.
في نهاية شهر مارس 2012, شاركت ليبيا في ساعة الأرض العالمية بتوجيهات من الشباب، وإن كان ذلك على نطاق محدود, وفي العام الجاري, اتسعت المشاركة في كل من مدن طرابلس وبنغازي والبيضاء، وتم إطفاء الأنوار في عدد من المباني الرئيسة, كما دعا الشباب القائمون على المبادرة وزير الكهرباء للمشاركة في الحدث الهادف للتنويه بمخاطر الاحتباس الحراري والتشجيع على استعمال الطاقة المتجددة.
ويشكّل العنف المستمر إحباطاً لكثيرين، وهناك احتجاجات من قبل بعض المنظمات لأن عددًا من المجالس المحلية في العديد من المحافظات لا تتعاون مع الحملات التي يقودها الشباب والأفكار التي ينشرونها. ولكن على رغم هذه المعوقات، وكثير غيرها، يستمر الشباب في جهودهم وقد نجحوا في اجتذاب العديد من المساندين في المجتمع الليبي، ممن يؤمنون بأهدافهم ونواياهم.
لا شك أن قوة الشباب تكمن في إصرارهم على الاستمرار في رحلتهم لبناء وطنهم وأملهم في أن يكون المستقبل أفضل.
----------------
 طالع ..المصدر

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

النوبة .. ملاذُ السكينة على ضفاف النيل

اليمين النمساوي يطالب بحظر الرموز الإسلامية وسياسيون أيرلنديون يحثون على استيعاب المسلمين.. الأقليات المسلمة في أسبوع

اكبر حديقة ازهار في العالم.. 45 مليون زهرة وسط الصحراء