تقنين اغتصاب القدس الشرقية!
ترجمة: حسن شعيب
في
الآونة الأخيرة، أوصى نير بركات, عمدة مدينة القدس, السكان العرب في
المدينة بأن ينسوا بأنه كانت لديهم في يوم من الأيام عاصمة في الجزء الشرقي
من المدينة الذي تقيم فيه أغلبية فلسطينية.
في
مقابلة أجرتها صحيفة ذا تايمز أوف إسرائيل مع بركات, أخبرها "بأنَّه إذا
كان الفلسطينيون يريدون عاصمة في القدس الشرقية حقًا، فعليهم ببساطة أن
يعيدوا تسمية رام الله، التي تُعد العاصمة الفعلية في الضفة الغربية وتبعد
نحو 10 أميال إلى الشمال، التي تعرف بالقدس أو القدس الشمالية, مضيفًا
"أنَّه لا يوجد شيء اسمه دور سيادي فلسطيني في القدس".
بشكلٍ
صارخ, أبرزت تصريحات بركات أعمال الحكومة الإسرائيلية الأخيرة التي يقول
عنها المراقبون إنَّها تهدف إلى تقويض الوجود الفلسطيني في القدس الشرقية
وجعل إمكانية تأسيس عاصمة فلسطينية عسيرًا للغاية إن لم يكن محالاً.
مؤخرًا,
ألقت الحكومة الإسرائيلية بثقلها وراء قانون الملكية المثير للجدل الذي قد
يمكن الدولة من الاستيلاء على ما يصل إلى 40% من الأملاك الخاصة
الفلسطينية في القدس؛ حيث أحييت سلطات الاحتلال, خلال الأسابيع الأخيرة,
سياسة هدم المنازل الفلسطينية غير الحاصلة على التراخيص، والتي يقول عنها
الفلسطينيون إن الحصول على التراخيص الضرورية أمر مستحيل بسبب الإجراءات
الإسرائيلية.
من
جانبها، تقول منظمة إير أميم (مدينة الأمم) الإسرائيلية، التي تدعو إلى
المساواة في المدينة: إنَّ 12 بناية، تضم حوالي 105 فلسطينيين، تم هدمها
منذ الخامس عشر من أبريل الماضي, حيث يقول يهودت أوبنهير، مدير المنظمة:
"إنَّ الأمر متشابك, وأن الفكرة تتمثل في تعزيز السيطرة الإسرائيلية من دون
اعتبار للفلسطينيين الذين يعيشون هناك".
أما
عبد الله عبد الله، عضو في المجلس التشريعي الفلسطيني ويقيم في رام الله،
فقد وصف الخطوة الإسرائيلية بأنَّها خطيرة للغاية, حيث قال: "إنَّ قانون
الملكية، الذي استعملته إسرائيل في البداية للاستيلاء على الأملاك التي
تركها وراءهم الفلسطينيون الذين فروا أو طُردوا خلال حرب 1948, لا يمكن أن
نعتبره إلا سرقة، فضلاً على أنَّه سيؤدي أيضًا إلى تغيير هوية القدس".
بيد
أنَّ يغال بالمور, المتحدث باسم وزارة الداخلية الإسرائيلية, رفض تصريحات
عبد الله معتبرًا إياها "دعاية فلسطينية", وفي الوقت ذاته, نفى مارك ريجيف,
المتحدث باسم الحكومة الإسرائيلية, وجود أي تغيير في السياسة, حيث قال:
"إن إسرائيل تدرك للغاية من الحساسيات عندما يتعلق الأمر بالقدس".
ليس
ثَمَّة شك أنَّ هذه التطورات لا تبشر بالخير بالنسبة لجهود وزير الخارجية
الأمريكي, جون كيري, لحث الجانبين إلى استئناف مفاوضات السلام حول حل
الدولتين.
أصبح
التغير في موقف الحكومة بخصوص موضوع الأملاك الفلسطينية في القدس الشرقية
واضحًا مؤخرًا, بعدما طلبت المحكمة العليا الإسرائيلية، الذين ينظرون في
استئناف حكم ضد مصادرة بعض الممتلكات، من المدعي العام الإسرائيلي يهودا
وينشتاين إعطاء رأيه, والذي قال: "إنَّ الموقف القانوني يرى بالفعل أنَّ
الأملاك الموجودة في القدس الشرقية والتي يسكن مالكوها في يهودا والسامرة
(الضفة الغربية) هي أملاك غائبين".
مما
يعني أنَّ سكان الضفة الغربية الفلسطينيين ربما يفقدون أملاكهم في القدس
الشرقية لأنَّهم يعتبرون غائبين رغم أنَّهم لم يقوموا أبدًا ببيع أملاكهم
وأن إسرائيل هي التي مددت حدودها لتشمل أراضيهم خلال عملية ضم القدس
الشرقية في عام 1967، المرفوضة من قبل المجتمع الدولي باعتبارها غير شرعية.
يبدو
التغيير في سياسة الحكومة جليًا, حينما نعلم أنَّ تصريح وينشتاين جاء
مخالفًا لما قاله المدعي العام عام 2005, مناحيم مزوز، الذي حكم بأنَّ
قانون أملاك الغائبين لا ينبغي أن يطبق في القدس الشرقية، لأنَّ ذلك ليس
قصده الأصلي، ويمكن أن يضر بمكانة إسرائيل الدولية.
من
جانبه, قال داني سيدمان، محامي ورئيس معهد بحوث: "إن العدول عن موقف مزوز
يمكن أن يُشكل ما قد يصل إلى 40 % من الأملاك الفلسطينية الخاصة في القدس
الشرقية، التي قد تتعرض للمصادرة من قبل الحكومة الإسرائيلية", مضيفًا "إن
الضحايا الرئيسيين لهذا الأمر هم الفلسطينيون في القدس الشرقية".
كما
أشار سيدمان، الذي يعتبر أبرز متخصص إسرائيلي مستقل في القدس الشرقية، إلى
أنَّ إسرائيل تعمل في الوقت نفسه على دعم طرد الفلسطينيين من أملاك القدس
الشرقية المملوكة ليهود قبل تأسيس إسرائيل، أي قبل عام 1948.
وأضاف
داني سيدمان, قائلاً: "إنَّ موقف الدولة يتمثل في أنَّ أي أرض في القدس
كان يملكها يهود قبل عام 1948 وفقدت نتيجة الحرب ستعود إلى مالكين يهود
سابقين، في حين أنَّ أي ممتلكات طُرد منها فلسطينيون ستعود أيضًا إلى
الإسرائيليين" مؤكدًا
"هذه ليست قواعد متساوية ويمكن القول إنَّ المسافة بين هذه السياسات ونظام التمييز العنصري الأبارتايد أخذت تضيق على نحو خطير"
------------------
طالع ... المصدر
تعليقات