انتخابات إيران.. عندما يُهزم التشدد!
حسن شعيب
يحلو للبعض أن يُصوِّر فوز حسن روحاني المحسوب على الإصلاحيين في الانتخابات الرئاسية الإيرانية, على أنه تغيير في التعاطي مع عدد من الملفات السياسية والاقتصادية, وربما تشهد بلاد فارس على يديه طفرة للتيار الإصلاحي وتداعي خطير للمحافظين الذين يمثلهم دون شك المرشد الأعلى آية الله خامنئي, برغم علمهم أن مفاتيح السياسة الإيرانية تظل في يد الأخير.
من
جانبها هللت الصحف الأمريكية والبريطانية بفوز روحاني, متحدثة عنه بنبرة
تفاؤل إلى حل الخلافات, مستشعرة الفرح بهزيمة المحافظين, حيث قالت صحيفة
نيويورك تايمز الأمريكية "إن المؤشرات الأولية للنتائج تظهر رفضا شعبيا
لمعسكر رجال الدين المحافظين وقادة الحرس الثوري، الذين رسخت سلطتهم في
البلاد بعد انتخابات 2009", مشيرة إلى عدم فوز سعيد جليل, كبير المفاوضين
النوويين الإيرانيين, مرشح «المحافظين» المفضل، والذي يحظى بتأييد المرشد
الأعلى آية الله على خامنئى.
صحيحٌ
أن الظروف ساقت فوزا ثمينا إلى حسن روحاني, أولا عندما استبعد مجلس صيانة
الدستور علي أكبر هاشمي رفسنجاني من القائمة النهائية للمرشحين, ثم, وثانيا
عندما انسحب الإصلاحي محمد رضا عارف من الانتخابات على توافق المعارضة على
دعم روحاني, الإصلاحي مقابل خمسة مرشحين من المحافظين, ليحصل في المقابل
على 50.7 بالمائة من إجمالي أصوات الناخبين, الذين تجاوزت نسبة مشاركتهم 72
بالمائة.
في
هذا السياق قالت صحيفة فاينانشيال تايمز البريطانية "إن روحاني يمثل خيارا
جيدا بالنسبة لبعض الناخبين، حيث حصل على المزيد من الدعم الشعبي مستفيداً
من الاستبعاد التي قامت بها لجنة الانتخابات في اللحظات الأخيرة لبعض
المرشحين، الأمر الذي جعله الخيار الأوحد للمعتدلين".
من
جانبه أعرب كليف كوبشان، المحلل الإيراني لمجموعة أوراسيا (شركة استشارات
سياسية في واشنطن)، عن دهشته على احتمال فوز روحاني, قائلا "إذا كانت
التقارير صحيحة، فإن ذلك يعني أن هناك مخزونا هائلا من الطاقة الإصلاحية في
إيران لم يكن من السهل التنبؤ به", متوقعا تخفيف لهجة طهران في المواجهة
مع الغرب.
أما
صحيفة الإندنتدنت البريطانية فقد أكدت "أن روحاني استطاع جذب تأييد
المعتدلين البارزين ممن شارك كثير منهم في الحركة الخضراء 2009 في أعقاب
الانتخابات الأخيرة", لكنها استدركت قائلة "إن انتصار روحاني سيظل محدودا،
حيث يسيطر تحالف من رجال الدين والحرس الثوري على جميع السلطات الفعلية،
ويضعون جدول أعمال البلاد في القرارات الرئيسية، مثل البرنامج النووي
والتعامل مع الغرب".
وفي
تقريرها عن الانتخابات الإيرانية, وصفت "لوس أنجلوس تايمز" الأمريكية
الرئيس الجديد بأنه "شيخ دبلوماسي" لطيف الحديث وينتمي إلى تيار الوسط مع
وجود ميول محافظة في طريقة تفكيره, مشيرة إلى أن معظم الذين ساندوه ودعموا
حملته الانتخابية كانوا من الشباب المتحمس والمتطلع إلى التغيير، نتيجة
المواقف المعتدلة التي أظهرها في الأسابيع الأخيرة من خلال خطاباته وشعارات
حملته الانتخابية.
بينما
وصفته صحيفة وول ستريت جورنال الأمريكية بأنه "رجل دين معتدل ذو نزعة
براجماتية", مما زاد من رصيد تأييده بين طبقات المجتمع الإيراني, حتى
التيارين المحافظ والديني، حيث سُجلت له كمية من الأصوات في مدينة قم أكبر
مركز ديني في إيران ومدينة مشهد، بالإضافة إلى كمية أصوات كبيرة في البلدات
والقرى والريف الإيراني.
تأمل
الإدارة الأمريكية فصلا جديدا من العلاقات بينها وبين إيران, بسبب الوعود
التي أطلقها روحاني خلال حملته الانتخابية, والتي تركزت على عزمه التخلي عن
السياسات التي أدت إلى عزلة إيران, حيث قالت صحيفة واشنطن بوست الأمريكية
"إن نسبة كبيرة من فوز روحاني تعزو على الوعود التي أطلقها بشأن انفتاح
أكبر على الحريات الشخصية، وإتباع أسلوب جديد في الانفتاح على العالم".
كما
أبدى المجتمع الدولي استعداده للتعاون مع الرئيس الإيراني الجديد، حسن
روحاني، معربا في الوقت نفسه عن أمله في أن يلبي الرئيس الجديد تطلعات
الأسرة الدولية إلى تعاون تام من جانب طهران في ملفها النووي، إضافة إلى
موقفها من النزاع السوري, حيث وجه الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون
"تهنئة حارة" إلى روحاني، مؤكدا أنه "سيواصل حث إيران على أداء دور بناء في
القضايا الإقليمية والدولية".
وفي
هذا الصدد أرسلت إدارة البيت الأبيض برقية تهنئة للإيرانيين على فوز
روحاني، حسبما جاء في بيان للبيت الأبيض إن الإدارة الأمريكية "لا تزال
مستعدة" لمحادثات مباشرة مع طهران للتوصل إلى حل بشأن ملف إيران النووي.
في
نهاية المطاف, يبدو الحديث عن تقدم الإصلاحيين على المحافظين في
الانتخابات الإيرانية وكأنه يحمل الخير للبشرية عبثا, لأنه بذلك يغض الطرف
عن أن الأمور جميعها والمفاتيح السياسية الهامة والخطوط العريضة للبلاد تقع
في أيدي المرشد الأعلى, حتى يتبين لنا غير ذلك, فهل يفعلها روحاني؟
----------------
طالع ...المصدر
تعليقات