فورين بوليسي: "العودة" نموذج تقبل الديمقراطية على الطريقة السلفية
ترجمة: حسن شعيب
نظرًا
لتاريخه البارِز وشعبيَّتِه الجارفة داخل الأوساط الإسلامية في الشرق
الأوسط, كانت تغريدات ومشاركات د. سلمان العودة على المواقع الاجتماعية
(تويتر وفيس بوك) محل اهتمامِ كثيرٍ من الصحف العالمية، ولاسيما تلك التي
تناولت التحوُّلات السياسية في بلاد الربيع العربي,
لذا
فقد نشرت مجلة "فورين بوليسي" الأمريكية مقالاً مثيرًا يتناول تأييد
"العودة" للعملية الديمقراطية، كأحد أبرز وأشهر رموز "السلفية" في
السعودية.
استشهدت
"فورين بوليسي" بتغريدات د. سلمان العودة, بما له من ثقل سلفي– على حد
قولها- في السعودية, لتُبْرِز التغير في موقف السلفيين؛ حيث قالت: "ليست
جماعة الإخوان المسلمين الحركة الإسلامية الوحيدة التي تجمع بين الدين
والسياسة في الشرق الأوسط الجديد، فهناك السلفيون الذين وضعوا سنوات من
المعارضة العقائدية للديمقراطية والمشاركة في اللعبة السياسية". مشيرةً إلى
ما كتبه "العودة" حينما كتب قائلاً: "قد لا تكون الديمقراطية النظام
المثالِي, لكنها الأقل ضررًا, ويمكن تطويره وتكييفه لتلبية الاحتياجات
والظروف المحلية".
كما
أكَّدت المجلة الأمريكية أنَّ إعلان "العودة" هام بسبب تاريخه وشعبيّته
داخل الوسط السلفي– على حد وصفها- حيث إنَّه أحد أبرز قادة "حركة الصحوة"
الرئيسيين في المملكة العربية السعودية، مشبهةً ما كتبه د. سلمان العودة
على المواقع الاجتماعية عن الديمقراطية بمقولة رئيس الوزراء البريطاني
الشهير ونستون تشرشل والذي كان يقول: "إنَّ الديمقراطية أسوأ أشكال الحكم
باستثناء كل الأنظمة الأخرَى التي جُرّبت من حين لآخر".
وأضافت "فورين بوليسي": "إنَّ نظرة الغالبية العظمى من السلفيين, قبل الثورات العربية, إلى
الديمقراطية باعتبارها مخالفة للإسلام, حيث كانوا يعارضون انتخاب مشرّعين
وإصدار قوانين تنتهك سيادة الله الخالق، فالله وحده هو صاحب السيادة في
الكون". مشيرة إلى "أنَّ تنامي توجهات الأحزاب السلفية في منطقة الشرق
الأوسط يظهر أنَّ هناك تحولاً هائلاً يبتعد تدريجيًا عن هذا الموقف
العقائدي".
واستدلّت
المجلة بتصريحات د. سلمان العودة باعتبارها اعترافًا بالمشهد السياسي
المتغير في الشرق الأوسط, بالإضافة إلى قائمة الأحزاب السلفية القانونية في
الدول العربية التي تُشارِك في عملية الانتقال إلى الديمقراطية التي تبدو
في ازدياد مستمرّ؛ حيث يوجد في مصر ثلاثة أحزاب سلفية، حصلت معًا على نحو
25% من المقاعد في البرلمان، في حين أنَّ ليبيا وتونس واليمن يوجد حزب سلفي
واحد في كلٍّ منها".
كما
ذكرت المجلة الأمريكية "أنَّ تعليقات العودة يتردّد صداها في بلدان أخرى
لا تزال تعيش تحت نِير الحكام المستبدّين, مقارنة بتلك التي تمرّ بمرحلة
تحول سياسي, وإذا كان العودة أكثر صراحةً في الأشهر والأعوام القادمة،
ولاسيما باللغة العربية، فإنَّه يمكنه بذلك إعادة تنشيط محاولات الإصلاح
التي لم تُكَلَّل بالنجاح في الماضي".
لكن
"فورين بوليسي" عادت لتقول: إنَّ الديمقراطية طرحت سؤالاً صعبًا على
السلفيين هل سيحافظون على نقاء مذهبهم أو سيحاولون التأثير على مستقبلهم-
وهو الطريق الذي كان مغلقًا أمامهم في ظل أنظمة استبدادية؟ موضحةً أنَّ بعض
السلفيين كان لديهم البصيرة التي جعلتهم يرون ضرورة الانضمام للعملية
الديمقراطية".
وتساءلت
المجلة: "إذا كانت المشاركة في العملية الديمقراطية لا تعنِي أنَّ تكون
ليبراليًا, فهل تحول الجماعات السلفية إلى الديمقراطية, براجماتي أو التزام
حقيقي أيديولوجي بمبادئ الديمقراطية؟ وهل يعنِي الانضمام إلى العملية
الديمقراطية يجعل هذه الأحزاب تحرُّريًّا أكثر حتى توفّر المزيد من
المنافسة في العملية الانتخابية، أو أنَّها سوف تعتمد على الحشد الشعبي بين
الأحزاب الإسلامية لإثبات أنَّها إرادة الله؟ وبرغم أنَّه من المبكر
للغاية تقديم الأجوبة على هذه الأسئلة بشكلٍ أو بآخر, فإنَّ نتيجة مشاركة
السلفيين في اللعبة السياسية سوف تختلف على الأرجح في كل دولة متوقفًا على
السياق المحلي".
في
نهاية المطاف قالت مجلة فورين بوليسي الأمريكية: "إنَّ تصريحات العودة
تسلط الضوء على تحول أيدلوجي هام داخل الحركة السلفية على مدى السنة والنصف
الماضية, والذي توحِي بضرورة استمرار الولايات المتحدة في انتهاج السياسة
التي تساعد وتشجّع الديمقراطيات الناشئة العربية على الانفتاح بحيث يمكن
للأفراد في داخلها تشكيل مستقبلهم".
-------------
طالع.. المصدر
تعليقات