العراق يسير نحو الهاوية!
ترجمة: حسن شعيب
"إنَّ
العراق تقف عند مفترق طرق وتتجه نحو المجهول, ما لم تتخذ إجراءات "حاسمة
وفورية" لوقف انتشار العنف الذي حصد في أربعة أيام أكثر من 200 قتيل
وجريح", هكذا عبر مارتن كوبلر, ممثل الأمين العام للأمم المتحدة في العراق,
كما دعا جميع الزعماء الدينيين والسياسيين للاحتكام إلى ضمائرهم واستخدام
الحكمة حتى لا يدعوا الغضب ينتصر على السلام".
بهذه الكلمات المفخخة وصف المبعوث رفيع المستوى حال العراق الذي وصل إلى دون المستوى؛ حيث قالت مجلة "ذي إيكونومست":
إنَّ المشهد العراقي يسير على الخطى السورية، بسبب الوحشية التي تعامل بها
النظام مع المظاهرة السلمية التي علت فيها هتافات غاضبة بمدينة كركوك
الأسبوع الماضي ضد النظام العراقي الحالي.
وأشارت
المجلة إلى أنَّ الهتافات كان من بينها "الموت للمالكي"، أي رئيس الوزراء
العراقي نوري المالكي، وأخرى تنادي بالانتقام من "عملاء إيران" أثناء
تشييع آلاف الجثث نحو 27 متظاهرًا سنيًا سقطوا على أيدي قوات الأمن بمنطقة
"الحويجة" غربي كركوك وشمال العاصمة بغداد.
كما
وصفت ذي إيكونومست هذه الهتافات بأنها انعكاس لما يشعر به عرب السنة في ظل
حكومة غالبيتها من الشيعة، لاسيما بعد مجزرة الحويجة، الأكثر حدة على صعيد
التوتر الطائفي على مدار الأشهر الأخيرة.
وحسب
المجلة البريطانية, أعلن عدد من شيوخ القبائل السنية في اجتماع عقدوه على
خلفية تلك الأحداث أنَّ "الخط الأحمر" تم تجاوزه", مضيفة أن استقالة وزراء
السنة وتأجج الغضب في شوارع السنة، يؤهلان المشهد السياسي العراقي للاتجاه
نحو الهاوية مما يجعل من الصعب تجنب الوقوع في مستنقع العنف مرة أخرى.
أما
صحيفة نيويورك تايمز الأمريكية, قالت: إنَّ الصراع الدائر بالعراق يثير
المخاوف من تحوله إلى صراع طائفي واسع، مشيرة إلى الاشتباكات التي دارت بين
المعارضة والحكومة على نطاق البلاد؛ حيث وصفت ذلك بأنَّه مرحلة جديدة تنبئ
بتحول المعارضة السلمية إلى العنف", مؤكدة أنَّ هذا التحوّل قد يمثل
تحديًا كبيرًا لرئيس الوزراء العراقي نوري المالكي, الذي أثار حفيظة العديد
داخليًا وخارجيًا, خاصة بعد هيمنته على أجهزة الأمن والسلطة القضائية
وملاحقته استهدافه لكبار رموز المعارضة.
ونقلت
الصحيفة الأمريكية عن إياد علاوي, رئيس القائمة العراقية, قوله: "إنَّ
العراق يعيش لحظات خطيرة تتعلق بمستقبله السياسي بسبب الطائفية السياسية
وما خلفته قوات الاحتلال من أخطاء", معتبرًا "مجزرة" الحويجة جريمة
ارتكبتها الحكومة ضد المنتفضين العزل.
وفي
سياق متصل, أعلن قادة ساحات الاعتصام في عدد من المحافظات العراقية تشكيل
جيش من أبناء العشائر لحماية المدن وساحات الاعتصام المنتفضة ضد الحكومة
المركزية، وتزامن ذلك مع انتهاء المهلة التي حددتها ساحات الاعتصام لخروج
قوات الجيش والشرطة الاتحادية من المدن.
بينما
سلطت صحيفة الإندبندنت البريطانية الضوء على التداعيات التي أوصلت البلاد
إلى هذا الحال, في إشارة إلى سياسة الشيعة التي تهيمن على العراق بعد
انسحاب الاحتلال الأمريكي, وعدم قدرة قيادته على إشراك الآخرين في السلطة
بشكل مستقر يرضي الطوائف الأخرى مثل السنة وقومية الأكراد، بل ولا يرضي
جزءًا كبيرًا من الشيعة أنفسهم.
كما
قالت الصحيفة البريطانية: إنَّ رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي ظلّ
يحاول الإمساك بأكبر قدر يستطيعه من السلطة، عن طريق المراوغة والتحايل على
الاتفاقيات التي من شأنها توزيع السلطة بشكل عادل، لكن محاولاته أثبتت
أنها غير فعالة, مؤكدة أن محاولات المالكي الهيمنة على السلطة أبعدت
الشخصيات والأحزاب والمؤسسات الشيعية القوية.
من جانبها ذكرت صحيفة "كريستيان ساينس مونيتور"
أنَّ حصيلة قتلى الاشتباكات التي وقعت بين قوات الأمن والمعارضين للحكومة
في الحويجة بالعراق وصل إلى 41 قتيلاً على الأقل, وأنها كانت نتيجة لأربعة
أشهر من الاحتجاجات السلمية في العراق, كما أضافت الصحيفة الأمريكية أن
كتلة المالكي في الانتخابات المحلية قد تفوز ب ثلثي المقاعد.
وأضافت
أنَّ العراقيين صدق حدسهم لأنّهم كانوا يترقبون بتشاؤم ما ستسفر عنه
الانتخابات المحلية (مجالس المحافظين), وهي الأولى منذ انسحاب القوات
الأمريكية، على خلفية اتساع رقعة العنف، وعدد قياسي لاغتيالات المرشحين
السياسيين، وتعمق الانقسام السياسي.
ونقلت
الصحيفة الأمريكية عن سعد إسكندر, المحلل السياسي العراقي:"إنها مواجهة,
فهم يستخدمون أساليب قانونية لإقصاء الأشخاص الذين لا يرغبون فيهم أو
باستعمال القوة لتصفيتهم جسديا, إنه امتداد للسياسة، وليس امتدادًا
للإرهاب".
من
الواضح أنَّ اتساع رقعة العنف في العراق تنبئ باتجاه العراق نحو الهاوية
والمجهول بسبب سياسة الهيمنة والإقصاء التي يتسم بها مالكي ومعاونيه, وقد
تنذر بنهاية وشيكة لهم, وربما صعود آخر أو ربيع للسنة في العراق.
-----------------
تعليقات