تونس.. صدام "النهضة" والسلفيين!


ترجمة: حسن شعيب  
في الآونة الأخيرة, غمرت قوات الشرطة مدينة القيروان لمنع تظاهرة ينظمها جماعة سلفية, انتقل المئات من السلفيين إلى مسجد أحد الأحياء حيث تحصنوا بداخله، وأخذوا يتجولون في أرجائه وهم يهتفون الله أكبر, بينما علَّق أحد المتظاهرين, لقب نفسه بعبد الله, قائلاً: "إنَّ الحكومة لا تريدهم أن يعقدوا اجتماعهم ولذلك يعقدونه هنا في بيت من بيوت الله".
يبدو أنَّ إصرار أجهزة الحكومة لمنع اجتماع السلفيين في هذه المدينة ينبئ عن عزم المسئولين على تحدّي الحركة السلفية في البلاد التي تزداد قوتها, ولكنَّه من غير المرجح أن تتراجع على المدى الطويل, بسبب التجمعات الصغيرة وغيرها من الاضطرابات في أماكن أخرى ومنها تونس العاصمة، والتي أسفرت عن مصرع شخص على الأقل.
كما تعكس المواجهة الأخيرة الرهانات المتزايدة التي تنطوي عليها المعركة بين الحكومة التي يقودها حزب النهضة الإسلامي المعتدل، وبين الحركة السلفية التي شهدت ازدهارًا منذ الإطاحة بنظام حكم ابن علي منذ أكثر من عامين.
من جانبه, سعى حزب النهضة منذ البداية إقناع السلفيين بالمشاركة في العملية السياسية في البلاد، مما أثار الاتهامات للنهضة بتجاهل أحداث العنف، التي يرتكبها السلفيون, حيث الهجوم على السفارة الأمريكية، الذي شنَّته جماعات غاضبة تقودها عناصر سلفية، قامت خلاله بإحداث تدمير وأعمال سلب ونهب داخلها، في سبتمبر من العام الماضي، مما جعل "النهضة" يغير مساره.
منذ ذلك الحين، شنَّت قوات الأمن عدة حملات أمنية صارمة ضد نشطاء سلفيين, وصلت إلى معارك بالأسلحة النارية مع بعض المسلحين التابعين لهم على الحدود مع الجزائر, حيث يتعرض "النهضة" لضغوط شديدة من أجل الحفاظ على الأمن، كما أنَّه يأمل في رفع مستوى الدعم الشعبي المهتزّ قبل الانتخابات، التي من المتوقع إجراؤها في أواخر هذا العام.
لذلك, جاءت المواجهة الأخيرة بين قوات الأمن وجماعة السلفيين, بعد أن أرسلت وزارة الداخلية إنذارًا لهم بعدم عقد المؤتمر، ولكن الجماعة قالت إنها لا تنخرط في أعمال العنف وأن كل الأنشطة التي تقوم بها أنشطة خيرية في الأساس، وأصرت على عقد المؤتمر برغم تحذير الداخلية.
جدير بالذكر أن قوات الأمن حاصرت مدينة القيروان, قبل ليلة المؤتمر, من الخارج وأوقفت السيارات الداخلة إليها وقامت بتفتيشها تفتيشًا دقيقًا, حيث خلت شوارع من المارة وسارع الناس بإغلاق محلاتهم, والتوجه لمنازلهم تحسبًا لوقوع أحداث عنف.
بينما خططت جماعة "أنصار الشريعة" لعقد الاجتماع في ميدان بجوار مسجد عقبة بن نافع, وبالقرب من أحد أسوار المدينة العتيقة، تجمع عدة شباب أمام كشك للمشروبات الغازية متسائلين إذا كان الصباح القادم سوف يحمل متاعب للمدينة, حيث أشار أحدهم, خريج جامعي يدعى أيمن مكني, إلى المناوشات التي وقعت بين بعض المسلحين السلفيين وبين قوات الأمن بالقُرْب من الحدود الجزائرية وأنَّ "أنصار الشريعة" مشكلتهم ارتباط اسمهم بالعنف".
أما محمد أكِريني, طالب ثانوي, فقد قال: "هناك جماعات سلفية متعددة ليست كلها متورطة في العنف", لكن مكني ردّ عليه قائلاً: "تلك الجماعات مرتبطة كلها مع بعضها البعض".
بحلول صباح اليوم الثاني كان رجال الأمن والحرس الوطني قد تجمعوا في مجموعات كبيرة حول الميدان، وبالقرب من مسجد عقبة بن نافع كان هناك اثنان من رجال الأمن يسيران بالقرب من حائط يطل على الميدان يمسك أحدهم في يده ببندقية آلية ويمسك الثاني نظارة مظلمة, بينما أعلنت "أنصار الشريعة" عبر صفحتها على الفيسبوك القبض على المتحدث باسمها وطلبت من أنصارها تجنب المجيء للقيروان.
وفي الوقت نفسه وفي حي النصر الفقير المكتظ بالسكان بالقيروان، عقد بعض السلفيين اجتماعًا في مسجد أبو بكر الصديق, وأجمعوا على أنهم مسالمون ولكنهم بشكل عام حذرين ومتخوفين من مناقشة أعمال تلك الجمعيات بسبب اقتناعهم أنهم يتعرضون لمؤامرة من قبل الحكومة في تونس إلى جانب فرنسا والولايات المتحدة.
من جانب آخر, قال بعض كبار السلفيين في تونس: "إن تونس مستبعدة حاليًا من النضال المسلح, أما الشخص الذي لقب نفسه بعبد الله فقد علق قائلاً: "إذا تَمّ اعتبارها أرض جهاد في أي وقت فسوف نقوم بالجهاد فيها".
وعلى الرغم من السيطرة على الأوضاع في مدينة القيروان، ما زال هناك احتمال لوقوع أحداث عنف من دون قصد في إطار المواجهة بين الحكومة والحركة السلفية, على سبيل المثال تحولت التظاهرات السلفية مؤخرًا في حي التضامن الفقير في العاصمة إلى اشتباكات عنيفة تبادل خلالها الطرفان إلقاء الحجارة والقنابل المسيلة للدموع وقنابل المولوتوف. 
------------- 
طالع.. المصدر

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

النوبة .. ملاذُ السكينة على ضفاف النيل

اليمين النمساوي يطالب بحظر الرموز الإسلامية وسياسيون أيرلنديون يحثون على استيعاب المسلمين.. الأقليات المسلمة في أسبوع

اكبر حديقة ازهار في العالم.. 45 مليون زهرة وسط الصحراء