أفغانستان تتأهب لانسحاب الناتو..
ترجمة: حسن شعيب
بحلول
ديسمبر 2014, من المقرر أن تتولّى قوات الأمن الوطنية الأفغانية مهامها
فيما يتعلَّق بضبط الأمن في البلاد, حيث يتوقع أن تشهد أفغانستان أزمة ثقة
خطيرة، بسبب تحديات المستقبل القريب, والسبب في ذلك معروف.
حيث
إنه بحلول العام القادم تنتهي بعثة حلف شمال الأطلسي العسكرية في
أفغانستان، وستغادر القوات الأجنبية المنتشرة في البلاد التي يصل قوامها
إلى حوالي 99 ألف جندي في أفغانستان في موعد أقصاه ديسمبر 2014، على أن تحل
مكانها قوات الأمن والجيش الأفغانيان لكي يتولّى المسؤولية الأمنية
والتصدي لكل ما يثير الفوضى في البلاد.
لذلك,
تبدو أفغانستان تقترب من هبوب رياح عاصفة قد تهزّ استقرارها, كما ينتاب
العديد من الأفغان، بدءًا من أصحاب المحال البسيطة، أو حتى نواب البرلمان,
شعور بعدم اليقين من قدرة البلاد، في وضعها الهشّ الحالي، على تحمل عواصف
المرحلة الانتقالية.
ظلَّت
أفغانستان, أحد أفقر بلدان العالم, لأكثر من عقد معتمدة على الوجود
الأمريكي ومساعداتها الاقتصادية، لذلك فمن الطبيعي أن يشعر المواطنون
بالقلق مع استعداد الولايات المتحدة وباقي القوى الغربية، إن لم يكن
للانسحاب الكلي، فعلى الأقل لإجراء خفض كبير وجوهري للعديد من القوات.
وبغضّ
النظر عن الانتقال الأمني الصعب, فإنَّ أفغانستان على موعد مع عقد
انتخابات رئاسية في منتصف العام القادم، ما يطلب من السكان المنقسمين على
أسس عرقية وقبلية، أن يقوموا بتشكيل صيغة مقبولة من التوافق السياسي
والتوحد وراء رئيس يقودهم في المرحلة المقبلة لما بعد التواجد الأمريكي,
كما أنَّ هناك الوضع الاقتصادي؛ حيث يخشى المراقبون تراجع النمو الاقتصادي
من 10 بالمائة خلال السنوات الماضية.
وفي
هذا السياق, قالت فاطمة عزيز، طبيبة ونائبة في البرلمان الأفغاني من
محافظة كوندوز: "نحن خائفون بشأن المستقبل، فالشرطة الأفغانية ليست بالقوة
المطلوبة ولسنا متأكدين من الوضع الأمني بعد مغادرة القوات الدولية", كما
يتوجس العديد من سكان العاصمة كابول, ويعبرون عن خطر السقوط في الفوضى, حيث
أظهر استطلاع للرأي أجرته جمعية آسيا أنَّ ثلث الأفغان يودون مغادرة البلد
لو استطاعوا.
بات
عام 2014 شبحًا يخشاه أبرز قادة البلاد, برغم تأكيدهم في الوقت ذاته على
قدرة البلاد في تجاوز المرحلة الانتقالية وإنجاحها، حيث يقول أشرف غاني،
وزير المالية السابق والمرشح الرئاسي في انتخابات عام 2009, "هناك مشكلة
ثقة ترتبط بعامل نفسي مما هو قادم في عام 2014", مضيفًا: "إنَّ ما تحتاجه
البلاد في هذه المرحلة هو حوار وطني لإعداد البلاد للسنة المقبلة، والذي
ينبغي ألا يركز فقط على المصالحة مع طالبان التي ما زالت تراوح مكانها، بل
على بلوغ توافق وطني حول انتخابات الرئاسة القادمة".
كما
شدَّد غاني على أنَّ البلاد ستتمكن من تجاوز المرحلة, حيث قال: "إنَّ
الجزء الأمني لا غبار عليه، ولكن المسألة الأهم هي الانتقال السياسي",
مشيرًا إلى "أنَّه ليس هناك أفضل من ضمان انتخابات نزيهة وشفافة لإرجاع
الثقة إلى نفوس الأفغان وطمأنتهم حول مستقبل البلاد".
بيد
أنَّ حسنات الحوار الوطني مهما كانت, حتى لو كانت مخرجاته إيجابية, إذا
اقتصرت على النخب التقليدية في البلاد، فأي جهد لبناء الثقة في أفغانستان
لن يكتب له النجاح إذا لم يستجب لتطلعات الأفغان ممن تقل أعمارهم عن 25 سنة
والذين يشكلون 70% من السكان.
في
هذا الصدد, قال برويز كاوا، رئيس تحرير صحيفة هاشت الصبح بكابول: "إنَّ
الاقتصاد الأفغاني يطرح تحديات كبيرة لشريحة الشباب، لكن في الوقت نفسه
تتمثل الأولوية في إنجاح الانتقال السياسي" مضيفًا: "علينا أن ننظم
انتخابات حرة ونزيهة تعيد الثقة إلى الأفغان".
كما
أشار كاوا إلى أنَّه "على الرغم من توجس الأفغان من الاستحقاقات القادمة
وتساؤلهم المشروع عن مستقبل البلاد بعد انسحاب القوات الدولية، فإنَّ
مغادرة القوات الأجنبية تمثل فرصة سانحة لاعتماد الأفغان على أنفسهم وتولي
مسؤولياتهم", مستطردًا "يبقى أن نقنع الأفغان بأنَّ بلدهم قادر على تحمل
عملية الانتقال الصعبة، وأنَّهم قادرون على إنجاح العملية وتجاوز الصعوبات
إذا تعانوا".
من
جانبه قال مصطفى صديقي، مدير إحدى الشركات الخاصة بأفغانستان: "برغم القلق
الذي يسيطر على الناس وتخوفهم المشروع من المستقبل، فإنني أحمل المسؤولية
كاملة للقيادة السياسية التي لم توضح الأمور للناس ولم تهيئهم بالطريقة
المطلوبة", مضيفًا: "إنَّ المرحلة المقبلة مفتوحة على جميع الاحتمالات
والسيناريوهات، ولعل أسوأها هو الفراغ الذي سينشأ عندما يغادر حوالي مائة
ألف من القوات الأجنبية البلاد".
لقد
كان حري بالحكومة الأفغانية أن تعمل على توعية الناس وتجهيزهم لهذه اللحظة
ودفعهم للتلاحم وملء الفراغ الناشئ عن الانسحاب بأقل قدر ممكن من الفوضى
والخسائر.
------------------------
طالع.. المصدر
تعليقات