سوريا.. عامان من الجحيم!


ترجمة: حسن شعيب

من المؤكَّد أن الذكرى الثانية للثورة السورية تمثِّل لحظة هامة, ينبغي على العالم بأسْرِه أن يقف أمام الدمار الذي حل في إحدى أهم الدول العربية, والنظر إلى المستقبل القاتم الذي ينتظرها, وفي الذكرى الثانية لاندلاع الثورة يتبدى حجم الدمار للجميع, ونتذكر سويًا الأرقام الرهيبة والخسائر الكبيرة التي لحقت بالشعب السوري.
حلت الذكرى الثانية في 15 مارس الماضي, وقد ذكرت صحيفة "ديلي ستار" الأرقام المخيفة لحصاد هذه الثورة؛ حيث وصل عدد المشرَّدين من السوريين إلى 4 ملايين شخص داخل البلاد, بينما فرَّ ما لا يقل عن 1.5 مليون لاجئ إلى خارج الحدود للبحث عن ملجأ آمن.
أما عن عدد القتلى- حسب الصحيفة البريطانية- فقد وصل إلى 80 ألف، إلى جانب آلاف الأشخاص الذين ما زالوا في عِداد المفقودين, كما أصيب عشرات الآلاف بجراحات بالغة, سواء جسدية أو نفسية, مشيرة إلى تحوُّل بعض الاحتجاجات السلمية من قبل السوريين قبل عامين إلى حرب شاملة, استخدم فيها نظام الأسد القنابل العنقودية والبراميل المتفجرة والطائرات الحربية وصواريخ سكود ضد أهداف مدنية, فضلاً عن اعتقال وتعذيب آلاف السوريين من بينهم نساء وأطفال.
كما أشارت ديلي ستار إلى تدهور الاقتصاد السوري, حتى استهدفت آلة القتل التراث الأثري الممتد لقرون بعيدة, كما انتشرت ظاهرة الطائفية المقيتة خلال الصراع, مقارنة الدمار الذي حصل في الحرب العالمية الثانية بأنه قد يتضاءل بشكل من الأشكال أمام الدمار الذي حلَّ في هذه الدولة الصغيرة خلال العامين الماضيين, حيث انقلبت القرى والأحياء والمدن والبلدات رأسًا على عقب بطريقة ممنهجة.
وفي المقابل, اختزل المجتمع الدولي, وسط كل هذا الموت والدمار, جهوده في سلسلة من الاجتماعات والمؤتمرات والمناقشات للتعامل مع الأزمة في سوريا, بينما لم يبذلوا الوقت والطاقة لوضع خطة منطقية لإنهاء الحرب, أو حتى لتقديم المساعدات الإنسانية العاجلة لمنكوبي الحرب أو اللاجئين, وفقًا للصحيفة البريطانية.
أما صحيفة الجارديان البريطانية فقد حذَّرت من تدهور الأحوال في سوريا بعد عامين من الثورة, وعلى وجه التحديد فيما يتعلَّق بالأطفال؛ حيث ذكر تقرير لمنظمة "أنقذوا الأطفال" أن مليوني طفل سوري أصبحوا ضحايا الصراع الدامي، حيث انساق العديد منهم في أعمال العنف فضلاً عن معاناتهم من سوء التغذية، والصدمات النفسية، والعديد من الأمراض.
وأضافت الصحيفة البريطانية قائلة: "إنَّ الحرب الكارثية في سوريا تسببت في جرف الطفولة، حيث تعرّض طفل من بين ثلاثة أطفال في سوريا للضرب أو إطلاق النار خلال العمليات القتالية بين الثوار وقوات السورية النظام، التي اجتاحت البلاد بأسرها".
من جانبها أعدت منظمة "أنقذوا الأطفال" هذا التقرير "طفولة تحت خط النار" تزامنًا مع الذكرى الثانية على قيام الثورة السورية، وأن الصراع في سوريا كان له تأثير كارثي على صغار السن من الشعب السوري، مما يرسم صورة قاتمة للشكل الذي يستهدف به الأطفال في الحرب وكيف يناضل العديد منهم من أجل أن يسد رمقهم من الجوع, فلم يعودوا قادرين على الذهاب للمدارس, إلا قليل, حيث تقع المباني المدرسية تحت قصف النار كذلك.
كما أوضحت صحيفة الجارديان البريطانية أنَّ التقرير الذي أعد في جامعة "بهجيشهر" في تركيا، يتضمن شهادات مروعة من الأطفال اللاجئين، وبعضهم شاهد القبض على آبائهم, وتعرض للضرب من قبل قوات النظام, حيث يقول أحدهم ويدعى نضال: "لقد أطلقوا النار تحت أقدامنا فقفزت من الخوف والرعب الشديد, ثم قفزت مع صديقي من على الجدران وهربنا".
يروي نضال قائلاً: "دخلوا وضربوا والدي بالعصي, ضربوه جميعًا, وكان أحدهم يركله وكنت مختبًئا في غرفة حتى لا يأخذني", وتضيف الوالدة, أم علي, التي استطاعت الهرب عبر الحدود إلى تركيا "لم نتمكن من مغادرة منزلنا على الإطلاق، لأن القناصة سيطلقون النار علينا على الفور.
بالإضافة إلى ذلك يواجه الأطفال والآباء على السواء في سوريا المجاعة ،حيث يعانون من أزمة متزايدة من سوء التغذية، وارتفاع سعر المواد الغذائية الأساسية والوقود وزيت الطعام بنسبة500 %، مما أسفر عن تفاقم معاناة ملايين من الأطفال السوريين الذين يعيشون حياة قاسية بلا مأوى، وتفتقر إلى الطعام والأدوية
يومًا بعد يوم, لا تزال المذابح المرعبة في الأراضي السورية مستمرة, مما يرجح أن الشعب السوري أصبح رهينة من أيدي نظام الأسد, الذي يصب جل تركيزه على استخدام القوة للاحتفاظ بالسلطة, لكن على الأسد أن يدرك أن نهايته باتت وشيكة, برغم دخول الأزمة عامها الثالث.
---------------------
طالع.. المصدر

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

النوبة .. ملاذُ السكينة على ضفاف النيل

اليمين النمساوي يطالب بحظر الرموز الإسلامية وسياسيون أيرلنديون يحثون على استيعاب المسلمين.. الأقليات المسلمة في أسبوع

اكبر حديقة ازهار في العالم.. 45 مليون زهرة وسط الصحراء