استقالة بنديكت.. ألغاز وأسرار!
ترجمة: حسن شعيب
طالع.. المصدر
ليس
ثمة شك أنَّ إعلان بنديكتوس السادس عشر أثار داخل وخارج أسوار الفاتيكان
والمهتمين بشؤونه لغطًا وجدلاً واسعًا, لاسيما أنَّه أول بابَا يستقيل منذ
600 عام, بعدما أمضى ثماني سنوات على عرش رئاسة الكنيسة, الأمر الذي من
شأنه أن يثير البحث والاستقصاء لمحاولة الوصول إلى الأسباب الحقيقية وراء
مغادرة البابا لمنصبه وإحداث هذه الأزمة داخل أروقة الكنيسة الكاثوليكية.
منذ
الإعلان تراوحت النشرات الصادرة عن الفاتيكان, بأنَّ بنديكت سيتقاعد من
أجل تكريس حياته للصلاة والدراسة, وبينما أثنى بعض الكرادلة علنًا على بنديكت السادس عشر وشكروه على تصرُّفه الشجاع، انشغل قطاع عريض في إعادة تقييم ما خلَّفه من أزمات وقضايا أثناء توليه عرش الكنيسة.
صحيح
أنَّ مدة ولاية البابا للكنيسة شابتها العديد من الأزمات, عندما أغضب
المسلمين بسبب تصريحاته المثيرة للجدل حول الربط بين الإسلام والعنف، كما
تلقى توبيخًا قاسيًا وشديدًا من جانب الساسة الأوروبيين على تصريحاته بأنَّ
الواقي الذكري يساعد على انتشار الإيدز, فضلاً عن فشله في استعادة الوحدة
مع الكنيستين الإنجليكية والأرثوذكسية.
في
حين أنَّ البعض يعزو استقالة البابا للدراسة التي أصدرها منذ فترة وبرّأ
فيها اليهود من دم المسيح، ومن ثَمَّ برَّأ يهوذا الأسخريوطي من دم المسيح؛
فقد كانت الأسطورة تقول إنَّ يهوذا الأسخريوطى وهو أحد تلامذة المسيح خان
"اليسوع", وسلمه إلى اليهود مقابل 30 قطعة ذهبية.
أما
الفضيحة التي أثرت كثيرًا على بنديكت هي استغلال الكهنة الجنسي للأطفال؛
حيث يقول ديفيد كلوهيسي, المدير التنفيذي لشبكة الناجين من الاعتداء عليهم
من قبل الكهنة, "ربما كان لبنديكت السادس عشر الفضل للاجتماع بالضحايا
والاعتذار لهم، وإصدار مبادئ توجيهية جديدة بشأن التعامل مع الحالات، إلا
أنه لم يعاقب أسقفًا واحدًا تورّط في قضايا الاستغلال الجنسي".
في
هذا الصدد يقول ماسيمو فرانكو، مؤلف العديد من الكتب عن الفاتيكان: "إنَّ
الفضائح التي تَمّ اكشافها أثناء ولاية بنديكت السادس عشر تظهر مدى كونه
مديرًا فاشلاً وضحية للجهاز الإداري القوي المعروف باسم الإدارة البابوية
الرومانية".
وللكشف
عن سبب استقالة البابا, البالغ من العمر 85 عامًا, قال فرانكو "في الماضي
كانت الباباوات يتم حمايتها من حاشيتهم الداخلية", مضيفًا: "لكننا شاهدنا
العكس مع بنديكتوس السادس عشر, حيث تعهد البابا بالدفاع عن مستشاريه الذين
يتعرضون للهجوم, مما عرَّضه للظهور أكثر مما ينبغي وأجبر على الاستقالة في
نهاية المطاف".
وفي
هذا الصدد قالت صحيفة واشنطن بوست إنَّ قرار بنديكت بالاستقالة, حسبما قال
الكاردينال دونالد ريل جاء بعدما حاول البابا طويلاً السيطرة وإدارة
الكنيسة لكنه لم يحصل على القوة الكاملة لذلك, حيث يؤكّد بعض المراقبين
أنَّ تأثير الفاتيكان انحسر في عهد بنديكتوس السادس عشر, ويرجع ذلك جزئيًا
أنَّ لعمره الكبير وعمله في ظله سلفه يوحنا بولس الثاني".
من جانبها أشارت صحيفة واشنطن بوست الأمريكية
إلى أن الاستقالة من منصب البابا أمر غير مقبول إلا في حالة الضعف الشديد,
لذا فنحن أمام استثناء, حيث لم تبلغ عدد الاستقالات سوى أربعة خلال ألف
عام, كانت آخرها قبل 600 عام, كما ألمحت أنّ استقالة البابا قد يكون سببها
إسلام 30 شخصًا من كبار الأساقفة والقساوسة بالفاتيكان، وتجرى حاليًا
محاكمات واسعة لمعاقبتهم وطردهم من الكنيسة.
وأضافت
الصحيفة الأمريكية "في عام 2006، حاول البابا التغطية على إسلام 30
قسيسًا, من بينهم المسئول عن تسريب وثائق تدين الفاتيكان والبابا، بافتعال
ضجة بتصريحاته المسيئة للرسول عليه الصلاة والسلام", حيث يوضح عصام مدير الباحث في التنصير, أنَّ البابا استقال لأنه لم يعد بمقدوره مواجهة مزيد من الفضائح, خاصة هذه الوثيقة المسربة حول إسلام القساوسة".
كما
أضاف أنَّه لديه معلومات حول اعتناق ثلاثة من كبار القساوسة وفرار أحدهم
إلى جنوب إفريقيا"، مشيرًا إلى أن سلسلة الفضائح والإخفاقات والخيبة أمام
انتشار الدعوة الإسلامية وتزايد الإقبال على الدين الإسلامي وزيادة نسبة
المسلمين بما يتجاوز نسبة نمو الكاثوليك أجبرت البابا على تقديم استقالته".
بشكل
عام مهما كان اللغز وراء تقديم بنديكت السادس عشر استقالته, كأول استقالة
للبابا منذ 600 عام, فلا شك أن واقع تأثيرها على جمهور الكنيسة والكاثوليك
شديد, مما يُحفِّز بعضهم للبحث والتقصِّي حول الأسباب الحقيقة والتي قد
تصيبه بصدمة تجعله يعيد التفكير فيما يعتقد.
-----------------
تعليقات