المحجبة في روسيا.. احذري أنتِ محظورة!
ترجمة: حسن شعيب
في
بلدة حدودية روسية, تعيش فتيات عائلة ساليخوف في منزل الطريق إليه غير
مُمَهَّد أو صالح للسير, يتميز بكثرة برك الوحل والطين, كما يخلو منزلهم من
أنابيب المياه والغاز الطبيعي, لكنهم فجأة وبدون مقدمات وجدن أنفسهن بؤرة
الاهتمام في الحديث عن الحوار الديني الدائر في روسيا.
عندما
أعلنت مدرسة محلية في منطقة ستافروبول الشرقية, ذات الكثافة السكانية
المنخفضة, عدم السماح للفتيات المحجبات بالالتحاق بالمدارس الحكومية, كان
يجب على فتيات عائلة ساليخوف أن يعلمن بحدوث تغيير على حياتهن, الأولى
رأيفات, البالغة 15 عامًا, ذرفت الدموع لدى سماعها الأخبار, أما ابنة أخيها
أمينة, 10 أعوام, بدأت في الحصول على دورات تعليمية مع المدرسين عوضًا عن
الذهاب للمدرسة الابتدائية الإقليمية, أمَّا أختها عائشة, 5 سنوات فلم تدرك
أنَّ حياتها تغيرت لصغر سنها.
جدير
بالإشارة أنَّ حظر الحجاب في منطقة ستافروبول الروسية قوبل برفع دعوى
قضائية- رُفضت من قبل المحكمة- الأسبوع الماضي, وسط تصاعد التوترات العرقية
التي واجهت الكرملين بسبب المشكلة؛ حيث ينبغي على الرئيس الروسي فلاديمير
بوتين مواجهة الاستياء المتزايد في المناطق الروسية مثل ستافروبول العرقية
في الغالب، والتي تقع على حافة سلسلة جبال القوقاز.
الغريب
في الأمر, أنَّ المعلمة الروسية القاسية, في إحدى هذه القرى الفقيرة,
أصبحت بطلة في نظر العديد في ستافروبول عندما صرحت بأنَّها لن تسمح للفتيات
المحجبات بحضور فصلها الدراسي, في الحجاب, ومن ثم وجدها المسئولون فرصة
فساندوها بإلزام تلميذات المدارس بملابس محددة لا يسمح للفتيات بارتداء
غطاء الرأس على الإطلاق, وهو الحظر الذي سيؤثر على عدد سكان المنطقة البالغ
عددهم حوالي 2.7 مليون نسمة, 10 % منهم- حسب الإحصاءات الرسمية- من
المسلمين, على الرغم أن العدد الحقيقي قد يكون أضعاف ذلك بسبب الهجرة غير
المسجلة.
من
جانبه, أعلن على ساليخوف, والد أمينة, أنه لن يرهب أو يتم تخويفه للتخلي
عن وجهة نظره بشأن الحجاب, حيث قال "إذا كانوا يعتقدون أنَّ حدوث شيء مثل
هذا مع بناتي سيجعلني أتخلى عن ديني, فإني أقول، كلا، إن الدين هو الهدف من
حياتي"، مضيفًا "لقد ظلوا طيلة 70 عامًا يُعلِّمُوننا أن الله غير موجود,
ولكنهم لم يفلحوا, ولن يفلحوا كذلك في هذه المرة, فقد نسوا أنهم حظروا
الحجاب منذ 20 عامًا في روسيا".
أما
المحامي المشهور من الشيشان, مراد موساييف، الذي يمثل الفتيات المستبعدة
من المدرسة, فقد قال إنَّ حظر الحجاب في ستافروبول محاولة لإثارة التوترات
العرقية بين السكان المحليين الذين عاشوا معًا في سلام, وربما يقصد منها
إقامة ستافروبول الشرقية باعتبارها الحدود العرقية.
كما
تابع قائلاً: "عندما ناقشنا الجانب الاجتماعي حول مشكلة الحجاب، قالت
مواطنة غير مسلمة "لابدَّ أن نسمح لهؤلاء بالعودة إلى مورثهم التاريخي
وأوطانهن, وليرتدوا حجابهن هناك"، مؤكدًا أنَّ هذا رأي أصبح شائعًا للغاية
في روسيا", مضيفًا "من غير المألوف أن ترَى الحجاب في هذه المنطقة, وهو ما
قد يفسِّر لماذا قامت مارينا سافتشينكو، مدير مدرسة في قرية كارا تيوبي،
بحظره".
لذلك
فقد قامت وسائل الإعلام المحافظة الموالية للكنيسة في روسيا برفع المشاعر
الوطنية من خلال إبراز مشكلة ستافروبول، والتي تظهر أحد المسئولين تأمر
فتاة محجبة بركوب الحافلة المدرسية وعودتها إلى منزلها, حيث أبلغت السيدة
سافتشينكو الأخبار "هذا مؤسسة, وينبغي ارتداء الملابس غير الدينية هنا، هذا
كل شيء. وهذا ليس موضوعًا للمناقشة".
بطبيعة
الحال, قوبلت هذه السيدة بتهليل حارٍ من قبل المسئولين في ستافروبول، كما
عرضت عليها بعض المنظمات توفير الأمن بها بعد زعمها تلقيها مكالمات هاتفية
تهديديه من داغستان، لكنها غادرت القرية بعد ذلك بوقت قصير.
بيد
أنَّ الحادث أخذ بالفعل أبعادًا قومية، للدرجة التي جعلت الرئيس الروسي
فلاديمير بوتين يتصدى له في تقريره السنوي في ديسمبر الماضي, ليدعم جانب
سافتشينكو بالطبع, حيث قال: "في ثقافتنا لا يوجد الحجاب, فلا ينبغي أن
نتبنى التقاليد الغريبة", وهذا ما أثار حفيظة الجاليات الإسلامية, بما فيها
تلك التي لا ترتدي الحجاب, مؤكدين أن "هذه فكرة غبية لأنها قد تؤدي إلى
تمزيق البلاد".
أما
في منزل ساليخوف, فقد أخذ الأمر موضع نقاش, حيث تذكر الوالد ساليخوف
الحوارات الغريبة التي تم تناولها, عندما قال المسئولون بأن قرار حظر
الحجاب كان من أجل السلامة الاحترازية, حتى لا يقوم أحد بانتزاع حجاب أمينة
على سبيل المثال, لكنه شعر بمرارة لأنه أرسل أخته رأيفات إلى داغستان, حيث
يسمح بارتداء الحجاب هناك لكن جودة التعليم أقل.
من
جانبها قالت زوجته, مريم ساليخوف: "إنَّ رأيفات لا تريد الذهاب, حيث بدا
عليها الحزن وكذا بقية الفتيات, لكنها لا يمكنها البقاء لأنها لا تستطيع
خلع حجابها", بينما قال زوجها "بدأ يخالجني شعور بأن السلطات تخلق المشاكل
في القرية على أمل أن يغادرها هو وأسرته, والعودة عبر الحدود الداغستانية
والخروج من منطقة ستافروبول".
---------------
... للمزيد
تعليقات