تجارة الرقيق تفضح أثرياء بريطانيا!
ترجمة: حسن شعيب
عن
الحجم الحقيقي لتورط بريطانيا في تجارة الرقيق, كشفت وثائق تاريخية كيف
تحصلت العائلات البريطانية الثرية على تعويضات بما يعادل مليارات الدولارات
في وقتنا هذا بعد إلغاء تجارة الرقيق, وكان بين أسماء الذين حصلوا على
تعويضات من الحكومة البريطانية آنذاك- عقب إلغاء تلك التجارة والموجودة في
السجلات التي لم يسبق الاطلاع عليها من قبل- رموز سياسية واقتصادية, مما
يؤدّي إلى إحداث إحراج كبير لذريتهم.
من
جانبه, قال الدكتور نيك درابر من جامعة كوليج لندن, والذي طالع مستندات
التعويضات "إن خُمس الأثرياء البريطانيين في عصر الملكة فيكتوريا، جمعوا
ثرواتهم كلها أو جزءًا منها من تجارة الرقيق", نتيجة لذلك, ما زالت هناك
عائلات ثرية في كل أنحاء بريطانيا حتى الآن حتى اليوم تستمتع بشكل غير
مباشر من عائدات تجارة الرقيق التي ورثوها عن أسلافهم.
تحت
إدارة داربر, أمضى عدد من الأكاديميين في جامعة كولدج لندن ثلاث سنوات في
دراسة 46 ألف وثيقة بالتعويضات التي دُفعت لمُلاك العبيد من البريطانيين
وإنزالها في قاعدة بيانات على الإنترنت لنشرها لكي يتمكن الجمهور من
مطالعتها, لكن داربر أكد "أن الوثائق التي لم يكشف عنها لم تكن ترتبط
بعائلات ثرية فحسب لكنها شملت كذلك العديد من الرجال والنساء العاديين وطيف
كبير من المجتمع".
كما
أضاف قائلاً: "إن النتائج المستخلصة من تلك الوثائق قد تحدث جدلاً حول
التعويضات", حيث تقود دولة باربادوس المطالبين بتعويضات من قوى الاستعمار
السابقة عن المظالم التي لحقت بالعبيد وأسرهم.
وكان
أخطر ما كشفت عنه هذه الوثائق, أنَّ من بين الشخصيات التي أُميط اللثام عن
استفادتها من تجارة الرقيق، هم أسلاف كلا من رئيس الوزراء الحالي ديفيد
كاميرون ووزير الزراعة الأسبق دوجلاس هوج والروائيان جراهام غرين وجورج
أورويل والشاعرة إليزابيث براونينغ والرئيس الحالي لمجلس الفنون البريطاني
بيتر بازالغيت.
كما
أنَّ الوثائق أزالت النقاب عن شخصيات أخرى من بنهم آل بارينجز وهي أقدم
العائلات المصرفية في بريطانيا، وهنري لاسيليز أحد نبلاء منطقة هاروود
بإنجلترا وأحد أسلاف أبناء عمومة الملكة البريطانية, كما أظهرت السجلات أن
بعض العائلات استخدمت لاستثمارها أموال التعويضات في مشاريع سكك الحديد
ومجالات أخرى خلال الثورة الصناعية.
جدير
بالإشارة أن الحكومة البريطانية دفعت حوالي 20 مليون جنيه إسترليني (30.3
مليون دولار) لنحو ثلاثة آلاف عائلة التي كانت تمتلك عبيدًا تعويضًا لها
على فقدانها تلك "الأملاك" بعد إلغاء الرق في المستعمرات البريطانية عام
1833, وهذا المبلغ يمثل 40% من ميزانية وزارة الخزانة ونفقات الموازنة
السنوية وقتئذ.
يذكر
أنَّ ما يقرب من حوالي 10 مليون جنيه إسترليني ذهبت للعائلات المالكة
للرقيق من منطقة البحر الكاريبي وإفريقيا، بينما ذهب النصف الآخر إلى
للمالكين الآخرين الذين يعيشون في بريطانيا, ووفقًا للوثائق, فإنّ عائلة
ديفيد كاميرون, من جهة والده, كانت تملك هي الأخرى رقيقًا.
حيث
تظهر سجلات التعويضات أنّ الجنرال السير جيمس داف, الذي كان ضابطًا في
الجيش ونائب لمقاطعة بانفشير في أواخر القرن الثامن عشر, كان ابن عم لجد
كاميرون الأكبر, والذي حصل على 4101 جنيه إسترليني، وهو مبلغ يعادل اليوم
نحو 2.8 مليون جنيه (4.2 ملايين دولار)، تعويضًا على فقدانه 202 من العبيد
كان يملكهم في مزرعة للسكر في جامايكا.
كما
كانت سلالة هوج, أحد البارزين السياسيين, كان مالك رئيسي للعبيد, والتي من
ذريتها الوزير السابق دوغلاس هوج, والذي ينتمي إلى نسل تشارلز ماكجريل
التاجر الذي حقق ثروة كبيرة من ملكية العبيد, والذي جلب في وقت لاحق شقيق
زوجته كوينتين هوج إلى شركته السكر الناجحة بشكل كبير، والتي كانت تستخدم
في مزارع العمل بالسخرة.
في
هذا الصدد قال الدكتور درابر "إن رؤية أسماء العائلات المالكة للرقيق
تكررت في القرن العشرين, تسمية لممارسات العائلات المالكة للرقيق بأنه
تذكير صارخ للغاية عن تلك العائلات وأصولهم", من جانبه رفض الوزير السابق
هوج التعليق قائلا "لم أكن أعرف شيئًا عن ذلك", بينما رفض كاميرون الإجابة
على سؤال أحد الصحفيين".
غنيٌ
عن البيان, فقد كانت تجارة الرقيق الوحشية مصدرًا رئيسيًا للثروة في
الإمبراطورية البريطانية، حيث كان العبيد يعملون بنظام السخرة في تجارة
السكر بجزر الهند الغربية وزراعة القطن في شمال أمريكا.
لم
يقتصر هذا الثراء على العائلات المالكة للرقيق فحسب، بل استفاد بذلك
المستثمرون في بيع البشر وتجارتهم في نقل الأفارقة لاستعبادهم, حيث نقلت
السفن البريطانية في العقد الأول من القرن التاسع عشر نحو ثلاثة ملايين
عبدًا عاشوا بعدها حياة السُخرة في المملكة المتحدة.
-------------------
طالع.. المصدر
تعليقات