انتصارات الحجاب في أوروبا.. تتوالى!
ترجمة: حسن شعيب
يبدو
أنَّ هناك نصرًا للحجاب يتبدَّى في الأفق ولاسيما في عقر دار الغرب
العلماني, الذي طالما حارب الحجاب وارتداءه في المدارس والمؤسسات العامة,
حتى تتمكن المسلمات في أوروبا من الالتزام بتعاليم دينهن, حيث حدثت
انفراجات عديدة وإزالة لكثير من الحظر على ارتداء الحجاب في العديد من هذه
الدول الغربية.
تبدأ
باكورة انتصارات الحجاب من روسيا؛ حيث سمحت هيئة الهجرة الفيدرالية
الروسية للمسلمات المحجبات القادمات إلى روسيا بالتقاط صور فوتوغرافية
لأوراقهن الشخصية دون خلع الحجاب, والذي جاء في أمر وزاري من قِبَل رئيس
هيئة الهجرة الفيدرالية الروسية, قال فيه: "يُسمح بالتقاط الصور
الفوتوغرافية للمحجبات شريطة أن لا تغطى ملامح الوجه".
يأتي
هذا في الوقت الذي كانت السلطات الروسية تشترط خلع الحجاب بالكامل في
السابق بدون حجب شعر الرأس في صور الوثائق الرسمية, كما تسود حالة من
التذمر والغضب بين مسلمي روسيا نتيجة لاستمرار حظر الحجاب في المدارس حتى
الآن, بالإضافة إلى أن المسلمين, الذين يتراوح عددهم بين 15 و 20 مليون
نسمة, يشتكون من عدم تمتعهم بحقوق مساوية لما يتمتع به "المسيحيون"
الأرثوذكس.
وفي
تركيا, أعلن مصدر قضائي وبرلماني، أنَّ المحاميات التركيات يمكنهن أن
يرتدين الحجاب في المحاكم، بينما ظلت الناشطات الإسلاميات لسنوات عديدة
تطالب بالسماح بارتداء الحجاب في المحاكمات.
جدير
بالإشارة أنَّ القرار اتخذ في مجلس الدولة، أعلى سلطة إدارية قضائية في
البلاد، يسمح للمحاميات بارتداء الحجاب خلال المحاكمات بعدما كان ذلك
محظورًا, واتخذ القرار بعدما قدمت محامية شكوى تؤكّد فيها أنَّها ضحية
للتمييز الديني لمنعها من ارتداء الحجاب، بينما استنكرت الأوساط العلمانية
القرار بطبيعة الحال.
كما
أعلن البروفيسور كوكهان تشتين ساي، رئيس مؤسسة التعليم العالي التركية,
قائلاً: "إن مسودة القانون الجديد للمؤسسة تتضمن السماح لأعضاء الهيئات
التدريسية بالجامعات بارتداء الحجاب وإطلاق اللحى بعد منعهم طوال الأعوام
الماضية بحجة تعارضه مع المبادئ العلمانية للجمهورية التركية.
أما
في النرويج, أزيلت عوائق ارتداء الحجاب عن موظفات الخدمة المدنية والشرطة
والقضاة, حيث سمح لهنّ بارتداء الحجاب، وغيرها من رموز الانتماء الديني,
جاء ذلك بعد التصويت على هذه المسألة في اللجنة الحكومية الخاصة بشؤون
الدين حيث أيّد هذه الفكرة 12 عضوًا من اللجنة بينما عارضها ثلاثة فقط.
جدير
بالذكر أنَّ النرويج تشهد منذ عام 2008 نقاشات حادة حول إمكانية إدخال
عناصر إلى الشرطة بأزياء دينية وذلك عندما أرسلت إحدى الفتيات المسلمات
التي درست في مدرسة الشرطة العليا رسالة إلى القيادة في الشرطة تطلب فيها
السماح لها بارتداء الحجاب, ثم أحيلت الرسالة إلى الحكومة، وسرعان ما أدَّت
إلى مناقشة واسعة في البرلمان ووسائل الإعلام.
كما
انتصرت محكمة بلجيكية حكمًا لمسلمة محجبة عندما أصدرت حكمًا يقضي بتعويضها
بعدما طردت من عملها بسبب ارتدائها للحجاب, حيث قررت المحكمة تعويض
الموظفة ماديًا عن الأضرار التي وقعت عليها بمبلغ يصل إلى عشرة آلاف يورو.
يشار
أنَّ شركة بلجيكية قررت في فبراير عام 2011 إلغاء عقد عمل موظفة بلجيكية
اعتنقت الإسلام مؤخرًا؛ لأنها رفضت خلع حجابها في مكان العمل, حيث قال
ستيفن رونيت محامي الموظفة "عملت موكلتي دون أي مشكلة لمدة شهرين، ولكن فقط
بعد شكاوى من الزبائن فجأة أصبح الأمر غير مقبول".
كما
أشار إدوارد ديلرويل نائب مدير المركز البلجيكي للمساواة في الفرص ومناهضة
العنصرية إلى أنَّ الحكم يُعد مثيرًا للاهتمام لسببين: أولهما أنَّه يرفض
بوضوح ذريعة التعامل مع العملاء، كما يؤكّد أحكامًا جزئية صدرت في السابق.
من
جانب آخر, أعلن الاتحاد الدنماركي لكرة القدم أنَّ لاعبات كرة القدم في
الدنمارك سيكون باستطاعتهن ارتداء الحجاب بداية من الموسم المقبل، مستشهدًا
بقرار مجلس الاتحاد الدولي للعبة (إيفاب) بالسماح للاعبات بارتداء الحجاب,
ورحب آلين هانسن رئيس الاتحاد الدنماركي بالقرار مشيرًا إلى أنَّ الاتحاد
الدنماركي طالب بإرشادات دولية منذ عام 2008.
يذكر
أن إيفاب أقرّ في العام الماضي أن تلتزم اللاعبات ببعض الشروط في الحجاب
مثل ضرورة أن يكون من نفس لون قميص اللعب وألا يغطي الوجه وألا يكون مثبتًا
بشكل قوي بقميص اللعب. وأوضح الاتحاد الدنماركي أنَّ حكم كل مباراة له
الرأي النهائي في تحديد ما إذا كان للحجاب أي خطر محتمل على اللاعبة التي
ترتديه أو على غيرها من اللاعبات.
صحيحٌ
أنَّ اضطهاد المسلمات المحجبات في الغرب لم يتوقف, لكن تبدو في الأفق
انفراجة كبيرة تشير إلى أن المجتمعات الغربية, التي طالما طالبت المسلمين
بالاندماج والتعايش, صار لزامًا عليهم أن يقدّموا كذلك نموذجًا للتعايش من
الإسلام ومجتمعه ورموزه.
----------------
تعليقات