مسلمو إثيوبيا... الضحايا الجدد لـ"ذريعة الإرهاب"!

ترجمة: حسن شعيب
في نهاية الأسبوع الماضي احتدت الاشتباكات والمواجهات بين المسلمين الذين ينظمون احتجاجاتهم- منذ ثمانية أشهر- مع الشرطة في إثيوبيا ذات الأغلبية المسيحية, والتي تتعاون بشكل رئيس مع الولايات المتحدة في مكافحة ما يسمى بالإرهاب في منطقة القرن الإفريقي, بعد تصاعد مخاوف الأقلية المسلمة هناك من الحكومة لأنْ يكونوا ضحية جديدة للحرب على الإسلام.
من جانبها، تناولت صحيفة "واشنطن تايمز" الأمريكية الاحتجاجات حيث قالت:
إنَّ المسلمين يتهمون الحكومة بالتدخل بشكل غير قانوني في الشئون الإسلامية؛ من خلال رصد وثيق لأنشطتهم داخل المساجد، وإجبار رجال الدين على ممارسة شعائر طائفة الأحباش- التي تدعي الإسلام بينما تقوم بتكفير المسلمين، وإشاعة الفتنة بين الأمة، والعمالة في مقابل المال للحكومات- في الوقت الذي يحظر دستور الحكم الإثيوبي التدخل في الممارسات الدينية.
في جامع "أنور" الكبير بالعاصمة الإثيوبية تجمَّع آلاف المسلمين مؤخرًا في أديس أبابا للتنديد بالقمع البوليسي الذي تعرضوا له, بعدما تجمَّع مئات المسلمين- كما هي عادتهم كل جمعة منذ ثمانية أشهر- في حرم جامع "أوالا" للمطالبة بـمجلس أعلى جديد للمسلمين؛ حيث يرون أنَّ أعضاء المجلس الحالي فُرِضوا عليهم فرضًا من السلطة الحاكمة ولا يمثلونهم.
وحتى لا يتم التشويش على افتتاح اجتماع القمة للاتحاد الإفريقي الذي عقد في أديس أبابا في الآونة الأخيرة- كلفت قوات حفظ النظام بتفريق تجمع المسلمين؛ على إثر ذلك قامت الشرطة بخلع باب الجامع، وأطلقت الغازات المسيلة للدموع على الجموع، وأعقبت ذلك باعتقال 72 مسلمًا.
جدير بالإشارة، أنَّ السلطات الإثيوبية ترتب أمورها منذ سنوات أنْ يظل "الأحباش" ذوي أغلبية في المجلس الأعلى للمسلمين, وهذا ما يراه المسلمون تدخلًا صارخًا من السلطة السياسية في الشئون الدينية, فيما رأته الحكومة محاربة للتطرف الديني مبررة هذه التدابير بأنها تضمن البلاد.
علاوة على ذلك, دأب التلفزيون الرسمي الإثيوبي يبث برامج جديدة تتحدث عن السلام والتسامح بين مختلف الديانات والطوائف في إثيوبيا, موجهًا رسالة مفادها أنَّ التعايش والوئام الذي كانت تنعم به البلاد يلاحقه خطر المتطرفين من كل جانب، ولاسيما مسلمو جامع "أوالا"؛ كي تصبح "الإرهاب" ذريعة الحكومة الجديدة التي تشهرها بانتظام ضد المعارضين.
في المقابل, ذكرت الصحيفة الأمريكية أنَّ الحكومة الإثيوبية تتهم بعضًا من السعوديين والسودانيين وبعض الدول المجاورة بأنَّهم يقومون بتعزيز "السلفية" التي يزعمون أنَّها من التطرف في الإسلام, ولاسيما في أبريل الماضي حينما قتل أربعة مسلمون، بعدما ألقت الشرطة القبض على رجل دين إسلامي متهم بنشر السلفية في إحدى المدن الإثيوبية.
كما قامت بعد شهر بترحيل اثنين من العرب؛ زاعمة أنَّهما يحرضان على العنف أمام أكبر مسجد في أديس أبابا.
من ناحية أخرى, قال حسن حسين, ناشط في حقوق الإنسان بإثيوبيا:
"إنَّ مواصلة الحكومة في مضايقة المسلمين قد يهدد بإذكاء دعوات إسقاط حكومة رئيس الوزراء ملس زيناوي, الذي تولى السلطة في نهاية الحرب الأهلية في إثيوبيا في عام 1991م، وأعيد انتخابه في عام 2005م".
مضيفًا: "إنَّ المحتجين يعرفون أنَّ لديهم دعمًا من غالبية السكان طالما أنَّهم يطالبون بالحريات المدنية والحريات الديمقراطية, وربما تتصاعد الاحتجاجات إلى دعوات لتغيير النظام كما حدث في الربيع العربي".
حتى وقت قريب كان المسلمون يتمتعون في إثيوبيا بالحرية الدينية كغيرهم, لكنهم ينبغي عليهم في الوقت الراهن أنْ يقاتلوا من أجل استعادة حقوقهم- حسب موقع "كل إفريقيا" الإلكتروني.
مضيفًا: حتى وقت قريب للغاية كان المسلمون على علاقة إيجابية مع الإدارة الحالية، لكي نكون منصفين فإنَّ النظام الحالي فتح الكثير من مساحة الحرية الدينية, حتى أنَّ الجماعات الدينية- ولاسيما المسلمين الذين شعروا بالتهميش في الماضي- رحبوا بالمواد المنصوص عليها في الدستور الحالي حول الحرية الدينية.
فما الذي حدث في الآونة الأخيرة؟ لماذا دخلت الحكومة في صراع مع المسلمين؟
ولماذا يعارضها المسلمون في الوقت الراهن بشدة؟
الإجابة ببساطة هي: أنَّ الحكومة استولت على حقوق المسلمين الدينية, وهم يقاتلون للمطالبة بحقوقهم مرة أخرى؛ حيث يتهم مسلمو إثيوبيا حكومة أديس أبابا بمسئوليتها عن الاضطرابات الجارية؛ من خلال تشجيعها جماعة الأحباش المعروفة باسم "جمعية المشاريع الخيرية الإسلامية"، وترويج أفكارها الموصوفة بالهدامة وسط مسلمي إثيوبيا، بينما تنفي الحكومة ذلك.
وفي هذا الصدد يقول رئيس جمعية الأعمال الخيرية الشيخ أبو خالد علي محمد: "إنَّ السلطات الإثيوبية تحاول زرع الفتنة بين أبناء المسلمين لتحقيق أهداف سياسية".
مضيفًا: "إنَّ مسلمي إثيوبيا يعانون من تدخل الحكومة في شئونهم الدينية، وتعاونها مع جماعة الأحباش".
وفي إطار سعيهم لوضع نهاية للأزمة قرر مسلمو إثيوبيا في العام الماضي فتح حوار مباشر مع الحكومة لاحتواء الأزمة، بيد أنَّ المسئولين الحكوميين تجاهلوا هذه المبادرة, وغفلوا استمرار المظاهرات التي اندلعت قبل ثمانية أشهر في العاصمة أديس أبابا وعدة مدن أخرى بسبب هذا التجاهل لمطالب المسلمين؛ مما قد يزيد من حده الاحتجاجات إذا لم تتراجع الحكومة عن موقفها المتصلب نحو المسلمين.
ولأنَّ الدافع الأول الذي يحرك المسلمين هو دفاعهم عن الإسلام، وحريتهم الدينية، وممارسة معتقداتهم- فإنَّ الشرطة الإثيوبية أفرطت في استخدام القوة ضد المتظاهرين، والذين يطالبون بوقف تدخل الحكومة في الشئون الدينية للمسلمين، واختيار أعضاء المجلس الأعلى من المسلمين، وعدم تدخل الحكومة, وتخلي جماعة الأحباش عن أساليبها التي أثارت حفيظة المسلمين".
وفي سبيل تحقيق مطالبهم أكد المسلمون, الذين يمثلون أكثر من 30 بالمائة من سكان البلاد- مواصلة الاحتجاجات السلمية في مختلف المدن والقرى الواقعة في مناطقهم حتى تستجيب الحكومة لمطالبهم المشروعة والمنصوص عليها في الدستور الإثيوبي, وامتناعها عن نعتهم بـــ "المتطرفين" أو وصمهم بـ"الإرهاب".
--------------
طالع...المصدر

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

النوبة .. ملاذُ السكينة على ضفاف النيل

اليمين النمساوي يطالب بحظر الرموز الإسلامية وسياسيون أيرلنديون يحثون على استيعاب المسلمين.. الأقليات المسلمة في أسبوع

اكبر حديقة ازهار في العالم.. 45 مليون زهرة وسط الصحراء