الإساءة للنبي.. إساءة للبشرية!
ترجمة: حسن شعيب
خطأ
فادح إنتاج الفيلم المسيء للنبي محمد (صلى الله عليه وسلم) وتوزيع مقتطفات
منه, والذي يشوِّه صورته بأنَّه طفل معتدٍ، وزير نساء، ومحتال, ولكن قبل
أن تباغتنِي قائلاً يا رجل ألم تسمع مطلقًا عن حرية التعبير؟ فأرجو منك أن
تلاحظ وجود فارق بين امتلاك الحق لقول شيء ما وبين مفهوم أن ما تقوله حق.
من
الناحية القانونية, يسمح الدستور الأمريكي لهذا الهراء, مما يخوّل
للأمريكيين أن يصنعوا أفلامًا يعرفون أنها مسيئة بشدة ويوزعونها على
الآخرين, ونحن نميل للنظر إلى الجهة الأخرى حتى عندما لا يقصد بهذه الأشياء
استفزاز الآخرين فحسب، ولكنها كذلك تنطلق من دوافع عميقة لجذور الكراهية
والتعصب, وهو شكل من أشكال التعبير الذي حظرته القوانين في العديد من الدول
الكبرى بما في ذلك كندا وألمانيا وبريطانيا "أم الديمقراطيات الحديثة".
ومع
ذلك فنحن لا نحيا أو نتعايش فيما بيننا بالقانون وحده, فلدينا القواعد
الأخلاقية, صحيح أنَّ الناس لديهم الحق في تقديم مثل هذه الأشياء المبتذلة
والحقيرة, لكننا كذلك لدينا الحق في الاعتراض والتعبير عن رفضنا القوي لها,
فمثل هذه الانتقادات هي سبيلنا لمحاولة كبح ولجم بذاءة لسان بعض الناس دون
انتهاك لحقوقهم القانونية.
وبالتالِي
فمن المحزن أن نرَى مرشحًا للرئاسة يعتبر بيان السفارة الأمريكية في
القاهرة التي تندّد بمثل هذه الرسائل البغيضة التي أوجدها الفيلم المسيء
للنبي, والذي صدر قبل أعمال الشغب في بنغازي والهجمات على القنصلية
الأمريكية في ليبيا, كهدفٍ سياسيٍّ لهجوم سياسي, ومع تزايد عاصفة الغضب على
مقتطفات الفيلم, أدانت السفارة قائلة "إنَّ هذه جهود من بعض المضللين
الذين يؤذون المشاعر الدينية للمسلمين".
في
الوقت نفسه, لم يكن من الصحيح ما حدث في بعض البلدان الإسلامية حيث
استخدمت خطيئة ما فعله منتج الفيلم من إساءة وكراهية استخدم كذريعة للعنف,
وهؤلاء ينبغي عليهم أن يعلموا أنَّ هناك فرقًا شاسعًا بين الأقوال
والأفعال, وهي النقطة التي لا يجب أن تضيع بين الاستجابة الصاخبة
للمقتطفات, يجب على الشعوب المتحضرة أن تدرك أنه من الخطأ أن تسعى عمدًا
إلى إثارة سخط وحنق الآخرين بأي إهانة, وعندها لن يكون مثل هذا الفيلم,
سواء كتابًا أو رسومًا وغيرها.
ومع
التأكيد على جُرْم إنتاج الفيلم المسيء, يظل هناك الكثير من الأشياء التي
ينبغي على الكثيرين في العالم الإسلامي الحديث بشأنها, وهي أين استجابتهم
للمجازر المستمرة في سوريا، والعنف العرقي بشكل شبه يومي في العراق،
وتفجيرات المتكررة في أماكن السوق، حفلات الزفاف، والجنازات والصلوات في
باكستان.
وختامًا
إذا تَمّ تجاهل هذه المقتطفات المسيئة الحقيرة والتافهة، كحال الكثير من
الهراء الآخر الموجود في الفضاء الإلكترونِي، فإنَّ الضرر لن يذكر, وستبوء
محاولة ومسعى منتج الفيلم في إثارة غضب العالم الإسلامي إلى الفشل كما لن
تنجح في كسب تفاعل, وبالتالي - حسب مجلة "ذا ناشونال انترست" الأمريكية- فإنَّ
العالم لم يكن ليخسر هؤلاء الناس الأبرياء الذين قتلوا وشوّهوا من قبل
جهات غير معروفة, أُدِينت من قبل العديد من المسلمين في أجزاء كثيرة للغاية
إلى الأبد, لذا فستظلّ الإساءة للنبي محمد وصمة عار وإهانة للبشرية جمعاء.
وإذا
كان من الواجب دعوة المسلمين للوقوف بقوة أكبر ضد العنف, فعلينا كذلك أن
نضغط على الولايات المتحدة بأن تضع حدًّا لهذه الأعمال التي تثير الغضب
والحنق لدى الآخرين ولاسيما المسلمين والعالم العربي.
أميتاي
إتزيوني: مستشار رفيع للبيت الأبيض في عهد كارتر, يدرس في جامعة كولومبيا,
هارفارد, وجامعة كاليفورنيا, وأستاذ جامعي للعلاقات الدولية في جامعة جورج
واشنطن
------------------------
طالع.... المصدر------------------------
تعليقات