مُرسي المذهل...


ترجمة: حسن شعيب
برغم ظهور الكثير من الاضطرابات في بلاده, بدا محمد مرسي, رئيس مصر, مثيرًا لإعجاب الكثيرين, ناخبيه ومنتقديه؛ لقدرته على السيطرة على مقاليد السياسة الداخلية لمصر إلى الآن, واكتشافه لطريقةٍ استطاع من خلالها تهدئة الولايات المتحدة بعد الهجوم الذي شهدته سفارتها في القاهرة، على خلفية الفيلم المسيء للنبي- محمد صلى الله عليه وسلم.
أذهل "مرسي" الجميع حينما جمع في آنٍ واحد بين الاعتزاز بالنفس والوقار وبين عدم الشعور بالارتياح لدى حديثه في مقر المفوضية الأوربية في بروكسل؛ حيث كان يسعى رئيس مصر لحصول بلاده على قرضٍ بقيمة مليار يورو لمساعدة اقتصاد بلاده المتداعي, ولسوء حظه تزامن ذلك مع الهجمات التي تشهدها السفارة الأمريكية في القاهرة.
ومع ذلك.. فقد قال مرسي إنَّه أصدر أوامر لوزارة الخارجية المصرية لمقاضاة صُنَّاع الفيلم الأمريكي المبتذل "براءة المسلمين"، الذي أثار ضجة عارمة، وأشعل فتيل الاحتجاجات في ربوع العالم العربي والإسلامي، وكانت سببا في تنفيذ هجمات كان قد تم تخطيطها قبل ذلك، وأسفرت عن مقتل السفير الأمريكي في ليبيا".
وفي ردِّه على بثِّ ونشر صور مهاجمة السفارة الأمريكية في ليبيا، التي هي أشبه بالحصن المنيع، في جميع وسائل الإعلام في العالم- قال مرسي في مؤتمر صحفي في بروكسل:
"نحن- المصريين- نرفض أي نوع من الهجوم على النبي محمد، صلى الله عليه وسلم، أو إهانته، ولكننا في نفس الوقت واجبنا حماية الضيوف والزائرين من الخارج".
يبدو أنَّ رسالة مرسي، التي جاءت متأخرة وصيغت بحرص بالغ، تم توجيهها بعد اتصال هاتفي فاتر استغرق 20 دقيقة مع الرئيس الأمريكي، باراك أوباما؛ حيث يقول المحلل السياسي خليل عناني: "إنَّ مرسي يحرص على تحقيق توازن بين تحالفاته مع الإسلاميين في الداخل وعلاقات مصر مع الولايات المتحدة في الجبهة الخارجية", وهذا ما تبدو عليه الفترة الماضية من حكمه لمصر.
لا شك أنَّ هذه الأحداث تثير أسئلة مقلقة في الآفاق, هل يمكن لأكبر دولة عربية- من حيث عدد السكان، يحكمها رئيس إسلامي- أنْ تظل على علاقة جيدة مع الولايات المتحدة في الوقت الذي تعتبر فيه المشاعر المعادية لأمريكا قوية للغاية؟!
في النهاية، استطاع أول رئيس لمصر منتخب ديمقراطيًّا أنْ يستقطب إعجاب الجميع، بما فيهم النقاد الذين اعترفوا بأنَّه أثبت مهارةً مستغربة، وتمكَّن من تدعيم سلطته- على الورق على الأقل- من الحصول على صلاحيات أكبر من أيٍّ من أسلافه, حتى وضع دستورًا جديدًا, حتى إنَّ عداد مرسي "مرسي ميتر"، الموقع الذي أُنشئ لرصد أدائه في أول 100 يوم في سدة الحكم، منحه حاليًّا استحسان بمعدل 47٪.
من جانبه، يقول عبد الله حمودة, صحفي مستقل: "كان الجيش يحاول احتواء مرسي، لكنه هزمهم خطوةً خطوة, وهذا ما يعد نصرًا سريعًا للسلطة المدنية في مواجهتها للعسكر, والتي كان من الممكن أنْ تستغرق من المصريين سنوات لتحقيقه".
وقال أحد المفكرين العلمانيين, الذي اعترف على مضض بإعجابه بالرئيس؛ لاختلافه مع الإخوان: "كانت عبقريةً منه أنْ يفعل ذلك دون الحاجة إلى مواجهة", مشيرًا إلى أنَّ ما فعله مرسي بطريقة متطورة جدًّا أنْ يتماشى مع مزاجه من الشعب المصري".
أمَّا على الساحة الدولية, فقد لعب مرسي دورًا فعَّالًا؛ حيث حلَّق إلى طهران للمشاركة في قمة دول عدم الانحياز على الرغم من اعتراضات الولايات المتحدة وإسرائيل؛ حيث سيقف جنبًا إلى جنب مع الرئيس الإيراني "محمود أحمدي نجاد"، لكنَّه أثار الجميع حينما هاجم- في الوقت نفسه- النظام السوري الحليف الرئيس لطهران في المنطقة, وتحدث مرسي في القمة بالسلطة المعنوية للثورة المصرية؛ مما كان له صدى إرضاء من نبرة الاستقلال.
---------------------
طالع ..المصدر

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

النوبة .. ملاذُ السكينة على ضفاف النيل

اليمين النمساوي يطالب بحظر الرموز الإسلامية وسياسيون أيرلنديون يحثون على استيعاب المسلمين.. الأقليات المسلمة في أسبوع

اكبر حديقة ازهار في العالم.. 45 مليون زهرة وسط الصحراء