"مرسي رئيسًا".. في عيون الغرب
ترجمة: حسن شعيب
يبدو أنَّ إعلان
اللجنة العليا للانتخابات الرئاسيَّة فوز مرشح حزب الحرية والعدالة
الدكتور محمد مرسي بمنصب رئاسة الجمهوريّة لم يكن سببًا في عموم الفرحة
والسرور في الشعب المصري والعالم العربي فحسب لكنها سادت كذلك العالم بأسره
بعدما شهدت مصر ميلادًا حقيقيًا للثورة المصريّة بعد هزيمة مرشح النظام
السابق, وخاصة بعد خطاب أول رئيس مصري منتخب والذي بعث من خلاله رسائل
طمأنة هامة لتبديد الخوف للداخل والخارج.
من جانبها علّقت صحيفة "نيويورك تايمز"
الأمريكيّة على فوز د. محمد مرسي تحت عنوان "مرسي يصنع التاريخ" قائلة:
"إن النتيجة بددت مخاوف الإدارة الأمريكيّة بشأن تزوير النتائج لصالح
المرشح الآخر"، مشيرةً إلى أنَّه "قد انتاب المسئولون الأمريكيون مخاوف
عديدة من أن التزوير قد يكون سببًا في اشتعال فتيل الاحتجاجات العنيفة
مطالبين المجلس العسكري بتسليم السلطة إلى الرئيس المنتخب تنفيذًا لوعوده
السابقة".
ونقلت
الصحيفة الأمريكيّة دعوة البيت الأبيض, الذي أبدى ارتياحًا من النتيجة
برغم وجود بعض الحذر, للرئيس المصري إلى "إعلاء الوحدة الوطنية من خلال
التواصل مع كافة الأحزاب والمؤسّسات المصريَّة والتشاور معهم حول تشكيل
حكومة جديدة" كما دعت الإدارة الأمريكيّة "المجلس العسكري لإنهاء المرحلة
الانتقاليّة وتسليم سلطة البلاد إلى حكومة ديمقراطيّة منتخبة".
وبرغم
أن نيويورك تايمز أعلنت أن فوز مرسى يمثل سابقة في تاريخ مصر كأول إسلامي
يمسك بمقاليد الحكم في مصر، وأنَّ هذا الحدث مصر يمثل تحولاً ديمقراطيًا
فريدًا, لكنها استدركت قائلة إنَّ مرسي سيعانِي من نقص باقي السلطات
كالبرلمان والدستور, ولا سيما بعد قرار المحكمة الدستوريّة بحلّ البرلمان
والإعلان الدستوري المكمل.
أما صحيفة "كريستيان ساينس مونيتور"
الأمريكيّة فقد قالت: "إنَّ فوز مرسي برئاسة مصر يجعله أول رئيس مدني يحكم
مصر منذ الإطاحة بالملك فاروق, بعد أن استطاع بالفوز بأول أكثر انتخابات
رئاسيّة نزاهة يتمّ إجراؤها في مصر وهو مشهد لم يحدث في مصر منذ ستة عقود",
كما أشارت إلى ضرورة التوافق بين الرئيس الجديد والمجلس العسكري من أجل
النهوض بمصر والخروج بها من الأزمات التي تحيط بها.
كما علَّقت الصحيفة على خطاب مرسي مؤكّدة أنه تعهد بتوحيد كافة
القوى السياسيّة والوطنيّة وإنهاء حالة الانقسام التي تنتشر في البلاد,
حينما قال: "سأكون لكل المصريين على مسافة واحدة لكلٍّ قدره ومكانته لا
يتميزون إلا بقدر عطائهم لوطنهم واحترامهم للدستور والقانون, وإن مصر في
حاجة الآن إلى توحيد الصفوف وجمع الكلمة حتى يجني هذا الشعب العظيم الصابر
ثمار تضحياته في العيش الكريم والعدالة الاجتماعيّة والحريّة والكرامة
الإنسانيّة".
كما اهتمت وسائل الإعلام الإسرائيليّة بخطاب "مرسي" وخاصة وعوده بالحفاظ على الاتفاقيات الدوليّة, حيث قالت "يديعوت أحرنوت": "إنَّ الخطاب
التاريخي للرئيس المصري المنتخب حمل رسالة هامة لإسرائيل حيث قال الرئيس
الجديد في كلمته التاريخيّة ووعد بـالحفاظ على الاتفاقيات والالتزامات
الدولية، قائلاً: "جئنا برسالة سلام".
لكن
الصحيفة الإسرائيليّة حذّرت من وعود مرسي بإعادة العلاقات المقطوعة مع
إيران وتوسيعها, من أجل استراتيجيّة متوازنة في المنطقة, زاعمة أنَّ "إسرائيل
قلقة من وصول الإسلام المتطرف إلى الحكم في مصر"، بعد فوز مرسي الذي يعتبر
"انتصارًا خطيرًا" على إسرائيل، حيث كان الرئيس الجديد يترأس في السابق
لجنة تدعو إلى "محاربة الصهيونيّة".
بينما اعتبرت صحيفة "الجارديان" البريطانيّة فوز مرسي بأنه بداية جديدة للربيع العربي, وأن وصوله إلى سدة الحكم سيكون
له صدى قوي سيُدوِّي في المنطقة العربيّة المضطربة, حيث قالت: "إن فوز
مرسي سيشكل علامة فارقة لأنه أول رئيس مدني لمصر منذ عام 1952، وأنه بهذا
الفوز بدأ الربيع العربي فصلاً جديدًا".
بيد أنَّ الصحيفة البريطانية أضافت "أنَّ فوز مرسي معيب ومشروط حيث يواجه مرسي أكبر مشكلة وهي بقاء المجلس العسكري بوصفه السلطة الحقيقية خلف العرش"، مؤكدةً
أنَّ "مرسي تسلم البلاد وهي محروقة ومنهكة، ومحاصرًا من الجيش, بسبب
الإعلان الدستوري المكمل الذي أصدره المجلس العسكري مؤخرًا، والذي يوصف
بـ"انقلاب ناعم" يضع "سلطة غير مسبوقة" في يد المجلس العسكري، ويحدّد
صلاحيات الرئيس الجديد".
من جهة أخرى علّقت "واشنطن بوست" على فوز مرسي بأنه خطوة
هامة نحو الديمقراطيّة وإرساء الاستقرار وتجنب الانزلاق نحو الفوضى,
وأشادت بالمجلس العسكري الذي نجح في تفادي الصراعات الداخلية والانتقادات
الدوليّة بأنه قد يتلاعب في نتائج التصويت" مضيفة أنَّ فوز الرئيس محمد
مرسي قد يكون بداية لعهد جديد من الديمقراطيّة في مصر أو أنه قد يهدد بحالة
من عدم الاستقرار في البلاد".
لكن
الصحيفة الأمريكيّة رأت أنَّ صعود مرسي, القيادي الإخواني, إلى كرسي
الرئاسة المصريّة يمثّل خطرًا على إسرائيل, موضحة أن إسرائيل اعتمدت طيلة
العقود الماضية على الرئيس المخلوع لذلك فهي تنظر بقلق إلى فوز مرسي وصعود
التيار الإسلامي في المنطقة" مشيرةً إلى أنَّ هذا الوصول لسدة الحكم من قبل
الإخوان المسلمين يعتبر علامة فارقة للجماعة المحظورة سابقًا، والتي طالما
تعرّضت لاضطهاد ممنهج في العهد السابق.
جدير
بالإشارة أنَّ الرئيس المصري الجديد محمد مرسي انهالت عليه الاتصالات
الهاتفية الدولية والعربيّة التي تهنئه بفوزه, حيث اتصل به الرئيس الأمريكي
باراك أوباما مهنئًا إياه بفوزه قائلاً: "إن البيت الأبيض يتطلع إلى العمل
مع الرئيس المنتخب على قاعدة الاحترام المتبادل لتعزيز المصالح المشتركة
العديدة بين مصر والولايات المتحدة".
كما
أرسل بان كي مون, الأمين العام للأمم المتحدة ببرقية تهنئة مرسي بانتخابه
رئيسًا لمصر، معربًا عن ثقته في أن الرئيس المنتخب لن يدخر جهدًا لضمان
تحقيق طموحات المصريين في ديمقراطيّة عظيمة وترقية حقوق الإنسان وبناء مصر
مستقرة ومزدهرة لجميع مواطنيها, وهنأت كاثرين آشتون وزيرة خارجيّة الاتحاد
الأوروبي محمد مرسي بانتخابه رئيسًا لمصر، مضيفةً "أنَّها مرحلة أساسية في
الانتقال الديمقراطي لمصر ولحظة تاريخية بالنسبة للبلد والمنطقة".
ليس
ثمة شكّ أن مصر تسطر تاريخها الحديث لنيل حريتها وإرساء نظام ديمقراطي
حقيقي, بعد أن استطاعت أن تبهر العالم بأسره قبل عام ونصف في ثورة 25 يناير
التي استطاعت خلالها بالإطاحة بالديكتاتور والنظام الاستبدادي لكي
يستبدلوا به أول رئيس مدني منتخب بإرادة شعبية خرجت في طوابير الانتخابات
لكي يزداد إنبهار العالم بالشعب المصري.
----------------
تعليقات