هل الإسلاميّون ديمقراطيّون.. لم لا؟
ترجمة: حسن شعيب
ليس
ثمَّة شك أن ظهور الديمقراطيّة في العالم العربي بالشرق الأوسط أثار
نقاشًا حادًا وساخنًا حول دور الإسلام في الحكومة, وحول حقوق المرأة
والأقليّات غير المسلمين وعلى وجه التحديد في مصر, أكبر دولة عربيّة لديها
أكبر طائفة مسيحيّة أيضًا في المنطقة.
طالع...الرابط
بيد
أن هذه القضايا دومًا ما تكون محفوفة بسوء الفهم, وذلك في المقام الأول
بسبب العداء بين الغرب والإسلام, كما أن الصور النمطيّة الثقافيّة تحول
الجدال والنقاش إلى لغة غير لائقة أو مضلّلة بشكلٍ متعمد.
في
الديمقراطيات الإسلاميّة, أو بمعنى أدق الدول ذات الأغلبيّة المسلمة التي
أصبحت ديمقراطيّة أو ستكون, قد يقود الحكومة حزب سياسي يُطلق على نفسه
إسلامي, وربما يُطلق عليه ذلك الآخرون لما تعود إليه جذوره الإسلاميّة أو
الإسلام السياسي أو أن قيادته وأعضاءه العاديين من المسلمين المتدينين
الصالحين.
وإذا
ما استخدمنا هذا القالب مثلا على الأحزاب الديمقراطيّة المسيحيّة
الأوروبيّة, فما الذي تخبرنا عن سياساتها, ربما ليس الكثير, إلا أننا مع
ذلك نعرف من خلال سجلهم المستمرّ في الذهاب إلى الكنيسة وربما لا يسمحون
عادة لدينهم أن يملي عليهم واجباتهم العامة.
ولكن
ماذا عن المائة مليون مسيحي الأصولي الأمريكي الذين يقومون علنا بجلب
عقيدتهم بشكل متهور في السياسة, وإجبار رؤساء الولايات المتحدة الأمريكيّة
من الحزبين الديمقراطي والجمهوري مثل (بيل كلينتون وجورج دبليو بوش وباراك
أوباما), أن يشهدوا إخلاصهم للمسيح؟
مع
وضع هذه الخلفيّة في الاعتبار, دعونا نمضي قدما لطرح بعض التساؤلات
الهامّة التي أثيرت منذ ظهور الأحزاب الإسلاميّة في العالم العربي..
هل
كان من العدل أن تجرى الانتخابات سريعًا بعد انهيار الديكتاتوريات, نظرًا
لما تتميز به العديد من الأحزاب الإسلاميّة من تنظيم جيد وانتشار متميز؟
بالطبع نعم, فأن تكون منظمًا هو شرط لا غنى عنه للديمقراطيّة ولا يمكننا أن
نعتبر انتشارك بين الشعب جريمة.
هل
الإسلام يتوافق مع الديمقراطيّة؟ نعم هو كذلك, حتى لو كان بعض الإسلاميين
المحافظين والخائفين من الإسلام وغير المسلمين يعتقدون خلاف ذلك, هل
الإسلام يتوافق مع الليبراليّة؟ نعم هو كذلك مع معظم المسلمين ولكن ليس
للبعض.
هل
تطلب الأحزاب الإسلاميّة طاعة أعضائها في المجال السياسي؟ نعم بنفس
الطريقة التي يقوم بها أي حزب سياسي في ديمقراطيّة برلمانيّة ناضجة لكي
تصرّ على التزامها الحزبي.
هل
ينبغي أن تمنع المرأة وغير المسلمين من الترشح أو شغل المناصب القياديّة,
أو تخضع لأي من أشكال التمييز؟ لا إطلاقا, لكن كل حزب حرّ في حملته أن
يناقش مثل هذه المقترحات ويأخذ فرصه الكاملة في ذلك, وحتى الآن ومنذ ظهور
الديمقراطيّة نشاهد هؤلاء الذين قدموا هذه الاقتراحات في الماضي يتخلون
عنها لجذب أصوات الناخبين.
بدورها
تعهّدت جماعة الإخوان المسلمين بتكريس وجود تنوع ديني وجنسي وعرقي في
الدستور, أما الحكومة الجديدة في تونس, التي يقودها حزب إسلامي, فقد تحاشى
الإشارة إلى الشريعة في الدستور, لكن هل يمكن الوثوق بالأحزاب الإسلاميّة
في الاحتفاظ بكلمتهم؟
لا
ينبغي أن ننسى أن المسيحيين الأقباط في مصر كانوا يُتعامل معهم على اعتبار
أنهم من المواطنين الدرجة الثانية في عهد كل من أنور السادات وحسني مبارك
وخلال 15 شهر الماضية دهس حكم المجلس العسكري على المتظاهرين الأقباط
بالمدرعات, كما قامت بكشوف عذريّة سيئة السمعة على المتظاهرات.
وحتى
الآن ما زال الأقباط والمرأة قلقين بهذا الشأن, والأمر الآن متروك للإخوان
المسلمين ليؤكّدوا لهم حسن توجّههم وصدقهم, ويقال في بعض الأوساط
العالميّة أن الديمقراطيّة ربما تكون عالمية نظريًا, لكنها عمليًا قد تكون
جيدة للبعض فحسب دون غيرهم, وهذه فكرة فاشيّة مرفوضة قائمة على مقترحات
زائفة وكاذبة.
من
جانبها أكدت داليا مجاهد من معهد جالوب الأمريكيَّة, والتي أجرت بحثًا على
40 دولة على مدى سبع سنوات من خلال مقابلة أكثر من 100 ألف شخص: "إن
المسلمين في جميع أنحاء العالم يقدرون مبادئ الديمقراطيّة ومبادئ دينهم على
حدّ سواء".
كما
أوضحت مجاهد قائلة: "إن المسلمين يرون بشكل واضح أنه لا تعارض بين الإيمان
والعقيدة التي يعتزون ويفتخرون بها وبين الحقوق الديمقراطية", مضيفة: "كما
أنهم تاقوا لحقوقهم التي اعتدي عليها من قبل الحكام العلمانيين
الاستبداديين مما جعلهم يطيحون بهم أو يتمنون ذلك, وذلك لأنهم عانوا طويلا
من أجل تحقيق مبادئ الحرية الأساسيّة وسيادة القانون".
وأشارت
مجاهد: "لا توجد أي حكومة علمانيّة أو ذات مرجعيّة دينية لديها عصمة من
الطغيان أو كافلة لحماية الحريّة, وما نعلمه عن مصر, أن أنصار الأحزاب
الإسلاميّة مثلهم مثل مؤيدي الأحزاب الليبراليّة في حرية التعبير والعقيدة
ومساواة المرأة".
وهنا
تكمن نقطة أخرى, أثارها مارك جيرتشت, مدير المخابرات المركزيّة السابق,
وهو الآن زميل بارز في مؤسسة الدفاع عن الديمقراطية حينما قال "الحنين إلى
الاستبداد سيفضي بنا للعودة إلى أسباب نشوء ظاهرة أمثال أسامة بن لادن".
وأكثر
من واحد يعتقد مثل كينيث روث, المدير التنفيذي لـ "هيومن رايتس وتش" حيث
يقول: "لا يمكن للحكومات الغربيّة أن تحتفظ طويلا بمصداقيتها نحو
الديمقراطيّة إذا رفضت النتائج الانتخابيّة لدى فوز أحد الأحزاب
الإسلاميّة, وأن موقفهم هذا يعد كارثة بيد أنهم يلتزمون بمبادئ
الديمقراطيّة إذا ما حققت لهم وصول الأحزاب غير الإسلاميّة"
-------------- طالع...الرابط
تعليقات