انتخابات بورما.. هل يطول التغيير المسلمين؟
ترجمة: حسن شعيب
في
إبريل القادم، تُجري بورما انتخابات تشريعيّة فرعية لتكملة فراغ 48 مقعدًا
في البرلمان, حيث تدور المنافسة بين مرشحي النظام العسكري الحاكم تحت
قيادة الجنرال المتقاعد ثين سين، وحزب الرابطة القوميّة من أجل
الديمقراطيّة وزعيمته أونغ سان سو تشي سو تشي, والتي تعتبر بمثابة خطوة نحو
التغيير في البلاد التي عاشت ردحًا من الزمن تعاني من انتهاكات حقوق
الانسان والحكم العسكري. فهل يطال هذا التغيير الأقلية المسلمة؟
غني
عن البيان أن بورما كانت غالبًا تتصدّر تقارير انتهاك الحرية الدينية في
العالم خلال السنوات الأخيرة, حيث تواصل حكومة بورما انتهاك الحرية
الدينيّة, ورصد اجتماعات ونشاطات جميع المنظمات، بما فيها المنظمات
الدينيّة, بالإضافة إلى تشجيع البوذية (التي تمثل 89%) بالقوة في بعض مناطق
الأقليات الإثنية على حساب الأديان الأخرى، وعلى الأخص الإسلام، والذي
يتعرض معتنقوه للعديد من الانتهاكات، منها حظر بناء دور العبادة الجديدة،
أو توسيع المساجد القائمة, كما تتواصل أعمال العنف ضد المسلمين، ورصد
الناشطين المسلمين وتقييد قدراتهم في العبادة والسفر بحريّة.
وبرغم
أن الغرب يسلط الضوء على هذه الانتخابات باعتبارها اختبارًا في
الديمقراطيّة للنظام العسكري الحاكم، وقياس مدى جديته في تطبيق الإصلاحات
السياسيّة التي وعد بها، فلم يكن نصيب المسلمين في بورما (يمثلون 4%) سوى
التجاهل لمعاناتهم وعدم التطلع إلى وقف عمليات التطهير العرقي والعنف
والاعتداء عليهم أو تهجيرهم, حتى إن الآلاف منهم يعيشون في بنجلاديش بشكل
غير قانوني أو في مخيمات للمهاجرين، يتمنون الموت بدلا من العودة إلى بورما
وهذا ما يعكس حجم ما يعانوه من أبشع أنواع الاضطهاد والتعذيب.
والمراقب
عن كثب لما يحدث للمسلمين في بورما يؤكّد أن ما يمارس بحقهم هو سياسة
ممنهجة للمعاناة, ففي ظل هذه التغييرات التي قد تطرأ على الدولة من أجل
إرساء الديمقراطية والحريات, لا يُمنع المسلمون من المشاركة في الانتخابات
التشريعيّة فحسب، بل إن العديد منهم في بعض الأقاليم والولايات يُمنعون من
حقوقهم المدنية، كما لا تعتبرهم الحكومة مواطنين بالأساس، فلا يحصلون على
جوازات سفر فضلا عن الشروط القاسية المفروضة عليهم في الإجراءات المتعلقة
بالأحوال الشخصية كالزواج وتسجيل الأبناء.
وفي
ظل هذه الظروف لا يجد الكثير سوى الفرار بدينهم وحياتهم إلى الدول
المجاورة, ومن هؤلاء حاجي عبد المطلب الفار إلى بنجلاديش، الذي يقول: "إن
المجلس العسكري في بورما يسعى لإجراء عملية تطهير للأقلية المسلمة، من خلال
طردها من ديارها وإجبارها على العمل الشاق من دون أجر. وتنتشر جرائم
اغتصاب وقتل وعمليّات تعذيب أخرى".
أما
محمد نور، الذي يعيش في اندونيسيا بعد معاناة طويلة من العمل دون أجر
لصالح جيش بورما، واعتقاله دون تهمة وتعذيبه فاضطر للهرب إلى بنجلاديش ثم
انتقل إلى اندونيسيا فيقول: "أفضل أن أموت هنا إذا تم ترحيلي إلى بورما،
لأنني متأكد أن السلطات ستقتلني بطريقة وحشيّة, فقد كانوا يقيدوني
ويضربونني بالعصا حتى تقيأت الدم".
وفي
تقريرها الصادر في جانفي 2012 ذكرت منظمة "هيومن رايتس ووتش" أن انتهاكات
الجيش البورمي بحق المسلمين انتهاك للقانون الإنساني الدولي، بما في ذلك من
اعتقالات وتعذيب والاعتداءات الجنسي ضد النساء والفتيات، وعمليات القتل
خارج نطاق القضاء، والعمل القسري دون أجر واستهداف موارد إنتاج الأغذية
ومصادرة الأراضي والممتلكات وتجنيد الأطفال.
وألقت
المنظمة الحقوقيّة الضوء على الانتهاكات التي يتجرعها إقليم "روهينجيا"
ذات الأغلبية المسلمة في بورما في التقارير السنويّة الصادرة عنها, وطالبت
مرارا بإجراء تحقيق دولي, كما نددت هيومن رايتس ووتش بتسخير الجيش البورمي
للسجناء ومعظمهم من المسلمين على جبهات القتال كـ "بغال بشريّة"، فضلا عما
يواجهونه من الإساءات قد تصل إلى حد التعذيب والإعدام من دون محاكمة
واستخدامهم كدروع بشريّة.
برغم
كل هذا المعاناة والاضطهاد لم تعر الدول الغربيّة بالأمر أو تهتم, مما
يزيد من الانتهاكات الإنسانية كما ظل الدول الإسلامية غير قادرة على مد يد
العون إلى مسلمي بورما, ولا يتبقى سوى أن تكون في هذه الانتخابات طاقة أمل
للحريات والأقليات أم أن تعهدات حكومة بورما ووعودها بإجراء إصلاحات شاملة
في البلاد ستطيش وتذهب أدراج الرياح, حيث أن القمع ضد ( 2 مليون) مسلم ما
زال قائم برغم ما قامت به في العام الماضي سواء بإطلاق سراح بعض السجناء
السياسيين، وتوقيعها لاتفاقيات سلام مع بعض الجماعات العرقيّة.
---------------
طالع.. المصدر
تعليقات