هل ينجو "صالح" بجرمه؟
ترجمة: حسن شعيب
برغم
أن اليمن انتخب الأسبوع الماضي رئيسا جديدا للمرحلة الانتقالية, إلا أن
الظروف المحيطة بالاقتراع تلقي بظلالها على العفو الشامل الذي حصل عليه
الديكتاتور المخلوع على عبد الله صالح, وهل سيكون لهذا العفو انعكاسات
سلبية على اليمن وربما على غيره من الطغاة في المنطقة؟
من
غير المؤكد أن تكون اليمن تخلصت نهائيا من حكم الاستبداد بعد 33 عاما، حيث
ما زال ظله في الجوار, بيد أن اليمنيون خرجوا, مستحضرين الأمل في قلوبهم,
إلى مراكز الاقتراع الأسبوع الماضي لانتخاب من يحل محل الطاغية, واختيار
عبد ربه منصور هادي المدعوم من الولايات المتحدة, لكي يتسلم زمام الأمور
خلال مرحلة الانتقال السلمي للسلطة لرابع دولة تطيح بحاكمها في منطقة
الربيع العربي.
برغم
أن هذا الاقتراع شابه بعض العيوب ومنها أن هادي كان المرشح الوحيد الموجود
في بطاقة التصويت, ناهيك أنه كان نائبا للرئيس السابق على عبد الله صالح,
تتجلى زاوية أخرى للمشكلة في هذه الانتخابات, وهي أن صالح لن يذهب للسجن في
المستقبل القريب على الأقل, وذلك لما منحه البرلمان اليمني عفوا واسع
النطاق مقابل رحيله عن السلطة, ما يعني إغفال جميع الجرائم التي ارتكبها
خلال فترة حكمه, بما فيها قتل المئات من المتظاهرين في العام الماضي.
ومن
نافلة القول الحديث عن التوسع العالمي والدولي لتعزيز محاكمات انتهاكات
حقوق الإنسان, إلا أن عمليات العفو والحصانة (كالتي حصل عليها صالح) ما
زالت عنصرا أساسيا في العديد من التحولات السياسية والفترات الانتقالية,
وتقدم اليمن نموذج للفائدة السياسية من العفو, فبعد من الاحتجاجات العارمة
التي اجتاحت البلاد في مطلع العام الماضي, شارك صالح في عدة مفاوضات
لتسليمه السلطة, فقد وافق في أكتوبر الماضي على الرحيل ضمن مبادرة مجلس
التعاون الخليجي وهي التي كانت السبب الأساسي والرئيسي لمنحه حصانة واسعة
النطاق بعد التنحي.
أما
المرور الأخير من قبل البرلمان, حيث ارتبط ترشيح نائب الرئيس للرئاسة
ورفضه مؤيدو صالح حتى يضمن العفو, وبالتالي فإن هذا العفو سهل لإجراء
الصفقة السياسية الأخيرة التي تمهد للمرحلة الانتقالية في اليمن, وقد تعلم
صالح وحزبه الدرس جيدا مما حدث للرئيس المصري السابق حسني مبارك, لذلك
أصروا على العفو والحصانة كجزء من الصفقة.
ويبدو
ان هذه الصفقة الأخيرة وحصول صالح على العفو, قد يجعل الحكام المستبدين
الحاليين والسابقين سواء أوغستو بيونشيه الطاغية الشيلي, أو البيرتو فيجومي
البيروفي, أو الليبيري تشالز تيلور, مصرين على حصولهم على العفو في أي
تحولات سياسية مستقبلة للسلطة.
وبرغم
أن اليمن توضح القيود المفروضة والمتزايدة على العفو, فإن القانون قوبل
بانتقاد حاد من الأمم المتحدة ومنظمات حقوق الإنسان, والأهم من ذلك اعتراض
واحتجاج العشرات من ألاف الشباب في اليمن على العفو عن صالح وحزبه متعهدين
بالعمل على تقديم صالح وأعوانه للمحاكمة.
وقد
أجبرت هذه التطورات الأخيرة تعديلا خلال 11 ساعة والذي يقيد العمل
بالقانون في الواقع, فعوضا عن العفو الشامل عن كل معاوني صالح المدنيين
والعسكريين, اقتصر العفو على الحصانة السياسية ويمكن مساءلتهم عن جرائمهم
أو أعمالهم الإرهابية بيد أن صالح تم استثناءه من هذه التعديلات.
لكن
من المرجح ألا يستمر العفو الشامل لصالح طويلا نظرا للتغيرات العالمية
الحالية, ودليل على ذلك ما حدث مع ديكتاتور شيلي والذي ألغيت حصانته والعفو
عنه بعد عشر سنوات من الإطاحة به من السلطة وأمضى السنوات الأخيرة من
حياته قيد الإقامة الجبرية, وبالمثل منح تايلور الديكتاتور الليبيري في عام
2003 النفي إلى نيجيريا وفقا اتفاقية سلام تقتضي تخليه عن السلطة مقابل
ذلك, لكنه وبعد ثلاث سنوات خضع للمحاكمة في المحكمة الخاصة في سيراليون.
وغير
هؤلاء الكثيرين حول العالم الذين وجهت إليهم اتهامات بانتهاكات لحقوق
الإنسان بعد إلغاء قوانين بالعفو عنهم, التي ظنوا انهم ستوفر لهم الحماية
اللازمة, سواء من قبل المجالس التشريعية أو الأحكام القضائية.
لذلك
لن يكون من المستغرب في غضون سنوات قليلة أن نرى صالح يقف خلف القضبان,
إلا أن الآثار المترتبة على مثل هذه التطورات غير واضحة تماما لضمان حماية
حقوق الإنسان في العالم, والمرء يتساءل كيف يبرم الحكام الاستبداديين
والسلطويين مثل هذا النوع من الصفقات للانتقال السلمي من السلطة مقابل
العفو برغم انه يمكن إلغاؤه وتقديمهم للمحاكم والحساب.
لكن
المخيف بدلا من ذلك هو أن يفطنوا لهذه النقطة فلا يتخلوا عن الحكم ويظلوا
متشبثين بالسلطة مهما كان الثمن, ويصبح صالح النموذج الأخير للديكتاتور
الأحمق الذي يعتقد أنه يمكنه النجاة من السجن بعد تنحيه عن السلطة والحكم.
------------------
طالع..المصدر
تعليقات