حرق المصحف.. هل يكفي الاعتذار؟!
ترجمة: حسن شعيب
تستمرّ
الاحتجاجات في أفغانستان ضد قيام عدد من جنود حلف شمال الأطلسي "الناتو"
بحرق نسخ من المصحف الشريف، في إحدى القواعد العسكرية التابعة للاحتلال،
والحصيلة أكثر من عشرة قتلى أفغان في اشتباكات مع قوات الأمن.
لم
يكتفِ الأمريكيون بحرق المصحف بل راح بعض مسئوليهم يبرّر الجريمة, حيث قال
أحدهم: "تَمّ إضرام النار في المصاحف خشية استخدامها بين المعتقلين كوسيلة
للتواصل بينهم"، وهو ما عارضه مسئولون آخرون مؤكدين أن طريق سحب الكتب
والوثائق الإسلامية وحرق المصاحف غير مُوَفَّقة وخاطئة.
حامد
كرزاي, الرئيس الأفغاني الموالي للأمريكان, هرع إلى تبرير الجريمة التي
ارتكبتها قوات الاحتلال الأمريكي بحرق المصاحف, بدلاً من إدانتها, وهذا ما
أثار استياء الشعب الأفغاني برُمّته, حيث قال: إن ضابطًا أمريكيًا مسئولاً
في القاعدة العسكرية أخبره أنَّ إحراق المصاحف حدث جهلاً بطبيعتها, مشيرًا
إلى أنَّ البيت الأبيض اعترف بالخطأ الذي ارتكبه جنوده حسب ما جاء في
"اعتذار أوباما".
اعتذار رسمي
وكان
أوباما قد أرسل اعتذارًا رسميًا إلى مكتب الرئيس الأفغاني تعهّد فيها بفتح
تحقيق عاجل في الأمر, حيث قال: "أودّ أن أعرب عن أسفي العميق لحرق المصحف
وأتقدم إليكم وإلى الشعب الأفغاني بخالص اعتذاري", كما أعرب وزير الدفاع
الأمريكي ليون بانيتا عن أسفه لحرق المصحف في أفغانستان حيث قال: "إننا
نعتذر للشعب الأفغاني، ونستنكر مثل هذا التصرف بأشدّ الكلمات الممكنة".
وأكَّد
بانيتا أنَّ هذه الأعمال لا تعبر بالضرورة عن الجيش الأمريكي بأكمله, ونحن
نقدِّر ونحترم الممارسات الدينية للشعب الأفغاني، دون استثناء", مضيفًا
"سوف أراجع النتائج النهائية للتحقيق بعناية لضمان أننا نتخذ كافة الخطوات
الضرورية والملائمة حتى لا يتكرر ذلك مرة أخرى".
أما
حلف الناتو فقد كان أكثر تعقلاً, حيث قال الجنرال "جون آلن" قائد قوات حلف
شمال الأطلسي: "إنَّ قادة حلف الناتو والقادة الأفغان يعملون سويًا لضمان
عدم تكرار مثل هذا الحادث" داعيًا الأفغان إلى التحلِّي بضبط النفس.
إنهاء الاحتلال
في
المقابل, طالب المحتجون الأفغان, الذين هتفوا "الموت لأمريكا" و"الموت
لكرزاي", خلال مظاهراتهم بضرورة جلاء قوات الاحتلال الأمريكي من بلادهم،
بسبب أنه يقف وراء كل مصيبة تقع في البلاد, كما أنَّ له دورًا لا ينكر على
صعيد تأجيج الأزمات، وإثارة المشاكل على جميع الأصعدة الأمنية والسياسية
والاقتصادية.
يشار
إلى أن أكثر من 2000 أفغاني احتشدوا أمام بوابات قاعدة باجرام الجوية
بعدما عثر عمال أفغان على بقايا متفحمة لنسخ من القرآن، بينما كانوا يجمعون
القمامة من القاعدة، وفي اليوم الثاني من الاحتجاجات قامت الشرطة
الأفغانية بإطلاق النار على المحتجين مما أسفر عن مقتل عشرة أفغان على
الأقل وإصابة العشرات, كما اندلعت مظاهرات أخرى في مدينة جلال آباد
الأفغانية ردًا على حرق المصحف.
وردًا
على جريمة "حرق المصاحف", دعت حركة طالبان الأفغانية إلى قتل جنود أجانب,
حيث قالت في بيانٍ لها: "عليكم أن تشنوا هجمات باسلة على قواعد قوات الغزاة
وقوافلها العسكرية، وأن تقتلوهم وتأسروهم وتضربوهم وتلقنوهم درسًا حتى لا
يجرؤوا بعد الآن على إهانة القرآن الكريم, وبما أن حماية أرواح المسلمين
وأملاكهم من واجب جميع المسلمين، فعلى المحتجين أن يستهدفوا قوات الغزاة
ومنشآتهم وليس أملاك الشعب".
وفي
تطور ملحوظ وخطير حاصر آلاف المتظاهرين مجمعًا للأمم المتحدة في شمال
البلاد وحاولوا دخوله، قتل منهم ثلاثة على الأقل، وأصيب 47 آخرون.
بيدَ
أنَّ هذه الجريمة بحق المصحف ليست الأولى على أيدي الأمريكان، الذين
اعتادوا الاعتذار، ما يوجب التركيز على المرض الحقيقي، وهو الاحتلال، وعدم
الانشغال بظواهره وأعراضه وترك اجتثاث المرض العضال وزواله من أفغانستان.
-----------------
تعليقات