باترسون.. هل تحول مصر إلى باكستان؟!
ترجمة: حسن شعيب
لم
يكن اختيار الولايات المتحدة لسفيرها في القاهرة في يوم من الأيام عبثًا,
فما بالكم بهذه الأيام التي يكتنف مصر فيها توترات جمة وعدم استقرار وتغيير
للخريطة السياسية المحلية داخل البلاد, لذا لم تجد أمريكا أفضل من "آن
باترسون" لترسلها سفيرا لها في القاهرة, ولاسيما بسبب خبرتها ومقوماتها
وعملها كسفيرة فى باكستان - في ظل توترات سياسية مشابهة وسيطرة التيارات
الدينية على المشهد - لسنوات.
عندما
نتفقد سيرتها الدبلوماسية نجد أن باترسون شغلت منصب سفيرة الولايات
المتحدة في باكستان بين يوليو 2007 و أكتوبر 2010, خلال مرحلة أساسية من
العلاقة الثنائية (الباكستانية الأمريكية) الصعبة، بالإضافة إلى شغلها منصب
نائبة السفير الأمريكي في الأمم المتحدة والمسئولة عن ملف التهريب الدولي
للمخدرات في وزارة الخارجية في كولومبيا والسلفادور.
يبدو
من تاريخها أنها سيدة معدة ومجهزة تماما للتعامل مع دولة تعيش في اضطراب
ويمسك الجيش فيها بمقاليد الأمور، كما تحاول التعامل مع التيارات الدينية
بما يتماشى مع مصالح البيت الأبيض, وما فعلته بباكستان ليس منا ببعيد,
وبينما يتشابه هذا الوضع إلى حد كبير مع الأوضاع في مصر كان من الضروري أن
تعيد باترسون الكرة مرة أخرى وتعيد ما فعلته في إسلام آباد.
"واحدة
من أفضل سفرائنا في العالم وأكثرهم احترامًا وخبرة، وهي في مصر لتمثيل
السياسة الأمريكية وتطلعات الشعب الأمريكي بدعم مصر قوية وديمقراطية
ومزدهرة", هكذا تقول المتحدثة باسم الخارجية الأمريكية عن باترسون, إلا أن
هذا لم يمنع المصريين من شن العديد من الحملات العدائية ضد السفيرة
الأمريكية.
منذ
أن قدمت باترسون إلى القاهرة في منتصف العام الماضي, وأخذت تحشر أنفها في
الشئون الداخليَّة المصرية, لكي تقوم بدورها الذي تجيده تماما, إلا أن
المصريين سرعان ما تنبهوا وفطنوا لهذا, كما تعرضت لانتقادات شديدة من جانب
القوى الثورية والتيارات السياسية، بعد إعلانها فور تعيينها أمام لجنة
الشئون الخارجية بمجلس الشيوخ الأمريكية أن الولايات المتحدة قدمت 40 مليون
دولار خلال خمسة أشهر لمنظمات المجتمع المدني لدعم الديمقراطية في مصر.
بيد
أن السفيرة المخضرمة أخطأت خطأ فادحا حينما عقدت اجتماعا مع وزير العدل
المصري بعد مداهمة الشرطة المصرية لمقرات ثلاثة منظمات أمريكية (المعهد
الجمهوري، المعهد الديمقراطي، هيومن رايتس ووتش)، ثم أرسلت خطاباً إلى وزير
العدل طالبته فيه بإلغاء قرار يمنع سبعة أمريكيين من السفر على خلفية
اتهامهم في قضية التمويل الخارجي، التي طالت العديد من منظمات المجتمع
المدني.
وهذا
ما أثار استياء وغضب نواب مجلس الشعب المصري, ومن ثم تعرضت لهجوم حاد داخل
البرلمان المصري متهمين إياها بالتدخل في الشؤون الداخلية المصرية ولاسيما
شئون القضاء, كما هاجم الشارع المصري تحركات باترسون في البلاد بكل حرية,
متجاهلة جميع القواعد والأعراف الدبلوماسية.
لاحتواء
هذا الغضب, زارت السفيرة الأمريكية بالقاهرة آن باترسون مقر البرلمان
المصري وعقدت اجتماعا مع رئيسه الدكتور سعد الكتاتني, كما قدمت الولايات
المتحدة الأمريكية اعتذارا رسميا لمصر للمرة الأولى في تاريخها، بسبب تدخل
واشنطن في شئون مصر الداخلية.
كما
لم تسلم باترسون من هجوم جماعة الإخوان, والتي يستحوذ حزب الحرية والعدالة
"ذراعها السياسي" على أغلبية البرلمان المصري, حيث قال رشاد بيومي, نائب
مرشد الإخوان: "إن وجود السفيرة الأمريكية في مصر "آن باترسون" يؤكد وجود
مخططات "صهيو أمريكية" لإحداث الفتنة بمصر" مضيفا "أن هذه المخططات وراء
تكرار الاعتصامات والإضرابات والاحتجاجات في البلاد".
وقال
القيادي الإخواني: إن باترسون استطاعت أن تلعب دورا في باكستان وصفه بأنه
"ماض تعس" لما ارتكبته من جرائم على الأراضي الباكستانية وتود نقل هذه
الفتنة إلى مصر وتلعب نفس الدور, مشيرا إلى أن المخطط "الصهيو أمريكي" أصبح
واضحا بدليل عمله على منع وصول الحرية للعالم العربي التي أفرزت في
النهاية صعود التيار الإسلامي لسدة الحكم.
وختاما,
لا ندري هل يكرر التاريخ نفسه وتتمكن باترسون كلاعب أساسي فى تشكيل المشهد
المصرى الراهن من تحويل مصر إلى باكستان أخرى, أم ستفوت القوى السياسية في
مصر, وفي قلبها "الحرية والعدالة" ذو الأغلبية البرلمانية, عليها هذه
الفرصة كي تبوء محاولتها بالفشل وربما تختم مسيرتها الدبلوماسية بسبب
تعثرها في هذه المهمة الأمريكية الشاقة.
------------------
تعليقات