غزة.. الإعمار يتحدى الحصار
ترجمة: حسن شعيب
طيلة
ثلاثة أعوام, لم يعمل "وائل عربيد" ليوم واحد, ولكنه كان يفتش في بقية
مدخراته التي وفرها من العمل في مشاريع البناء لمدة 25 عاما في المملكة
العربية السعودية وسوريا ومصر؛ من أجل إطعام عائلته, فقام ببيع سيارته,
وبدأ يعتقد أن حياته العملية قد انتهت للأبد.
أما
الآن, تزاحم العمل على مهندس البناء أكثر مما كان يتوقع, حتى وصل به الحال
بعدما كسب مناقصة أخرى أن يقول "لدي العديد من العروض, يمكنني بالكاد
النظر إليهم فقد صرت مشغولا للغاية".
المهندس
المدني "وائل" هو أحد المستفيدين من الطفرة الاقتصادية الاستثنائية في
غزة, ليس فقط في مجال البناء والتشييد ولكن في الزراعة والفنادق والمطاعم
والنقل والصناعة.
خلال
العام الماضي, شهدت جميع القطاعات والمجالات في غزة نموا اقتصاديا ملحوظا,
حيث زادت نسبة العمالة في القطاع الخاص بأكثر من 50 % وقلل من حجم
البطالة, وفقا لتقارير وكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين "الأونروا".
بيد أن ازدهار صناعة البناء والتشييد في غزة تعتبر هي الطفرة الصغيرة الأكثر وضوحا, بعد
حرمانها من مواد البناء والتعمير خلال سنوات الحصار على القطاع, حيث
امتلأت المنطقة وضجت بهياكل المباني الجديدة, والتي تشيد لتوفير الشقق
السكنية والمستشفيات والمدارس والفنادق والمساجد في جميع أنحاء غزة, كما
يجري تحويل الطرق الوعرة في مدينة غزة إلى طرق ساحلية وتشهد تطورا ملموسا.
على الرغم من تخفيف حده الحصار في عام 2010, فقد أبقت إسرائيل الحظر مفروض على استيراد مواد البناء بزعم انه يستخدم في صناعة الصواريخ وبناء مخازن للأسلحة الأخرى والمستودعات, مما اضطر أهالي قطاع غزة لجلب مواد البناء المختلفة من الخرسانة والحديد والإسمنت
والفولاذ بشكل غير قانوني عبر الأنفاق المنتشرة على طول الحدود بين رفح
وأقصى جنوب قطاع غزة مع مصر, وقد كانت هذه الأنفاق, خلال الحصار على غزة,
بمثابة شريان الحياة للقطاع حيث كانت تزوده بجميع المتطلبات.
وفقا
لوكالة "الأونروا", تم استيراد حوالي 9100 طن, في سبتمبر الماضي, من مواد
البناء ودخولهم عبر معبر كبرم أبو سالم, بينما دخل ما يقرب من عشرة أضعاف
الكمية, 900 ألف طن, عبر الأنفاق, وأضافت الوكالة أن "هذا الازدهار والنشاط
الصناعي في مجالات البناء والتشييد في غزة يرجع لسببين, توفر مواد البناء وارتفاع الطلب والحاجة الملحة إليها, في الوقت الذي دمرت فيه العديد من المباني خلال العدوان الإسرائيلي على غزة قبل ثلاث سنوات".
كما ذكرت "الأونروا" أن متوسط الأجر اليومي للعمال في جميع القطاعات ارتفع بنسبة 7.4 في المائة خلال الستة شهور الأولى من عام 2011, مقارنة مع نفس الفترة من العام الذي يسبقه, مما
يجعل أثر التحسن على غزة واضح للغاية, وأن الجو العام أصبح أقل توترا
وانفعالا من العام الماضي أو عامين, وذلك للاستفادة من التخفيف على الحدود
مع مصر –بعد الثورة- وسهولة الخروج والعودة.
بيد أن هذه الطفرة الاقتصادية لا تعني بالضرورة انتعاش كامل للقطاع, فما زالت غزة تعاني من نسبة البطالة الأعلى في العالم, وفقا لما أشار
إليه سالم أجلوني, الاقتصادي الذي قام بإعداد تقرير عن سوق العمل لوكالة
"أونروا"حينما قال "برغم هذه المكاسب والطفرات الاقتصادية, فإن البطالة في
غزة فضلا عن الفقر تظل هي الأشد بين دول العالم", مضيفا "أن القدرة
التصديرية قد تستمر في نهاية المطاف لمواصلة ا لنمو على المدى الطويل".
وبرغم انخفاض معدل البطالة في غزة, فإن واحد من كل ثلاثة لا يزال بدون عمل كما تنتشر مظاهر الفقر والعوز المتفشي في مخيمات اللاجئين المكتظة, كما أن هذه النمو والازدهار الذي تشهده غزه من غير المرجح استمراره خاصة في ظل الحظر الذي تفرضه اسرائيل على جميع الصادرات تقريبا.
-------------------
طالع..المصدر
تعليقات