الربيع العربي.. أكبر الرابحين والخاسرين
ترجمة: حسن شعيب
"لا
يختلف اثنان في العالم على أن أكبر الخاسرين من الربيع العربي هم الولايات
المتحدة وإسرائيل وإيران".. هكذا بدأ جراهام فولر, الرئيس السابق للمجلس
الوطني للاستعلامات بجهاز المخابرات المركزية الأمريكية, مقاله "أكبر
الرابحين والخاسرين في الربيع العربي" والذي نشرته صحيفة كريستيان ساينس
مونيتور الأمريكية، وهذه ترجمته:
من هم الرابحون والخاسرون في الاضطرابات الهائلة والمتطورة (الربيع العربي) التي يشهدها الشرق الأوسط؟
بالنسبة
للمواطنين في العالم العربي, يبدو الطريق صعبا وغير واضح المعالم, إلا أن
الأحداث تعتبر مكسبا كبيرا على طريق كسر الجمود، وعلاج عقم الأنظمة
القديمة، أو سحقها, ومع انهيار هذه الأنظمة في الشرق الأوسط ينبغي أن نعرف
من هم الرابحون والخاسرون على الصعيد الدولي؟
ليس
ثمة شك أن أكبر خاسر هي إسرائيل؛ حيث تساقط الآن (ولا يزال) العديد من
الحكام القدامى، المستبدين، المدعومين ماليا وسياسيا من الولايات المتحدة،
والذين كانوا كغطاء لإسرائيل التي لم يعد بمقدورها الاعتماد على سياسة
الاحتلال إلى أجل غير مسمى.
على
جانب آخر، من المرجح أن يتهاوى بشار الأسد وتتلاشى قيادته المعادية
لإسرائيل, إلا أن تاريخ سوريا لن يترك ذرة اعتقاد بأن نظام وطني سني جديد
في دمشق, مدعوما من جماعة الإخوان المسلمين, سينظر لإسرائيل بنظرة ودية
ومتساهلة كما كان الأسد, ولا يضمن ظهور القوى الشعبية في أي دولة عربية في
الواقع سوى المزيد من التشدد تجاه إسرائيل الساعية للحفاظ على الوضع
الفلسطيني الراهن وهما ما يمثلا رمزا بارزا للظلم في نظر جميع المسلمين.
هذه
النتائج الجديدة في المنطقة العربية لا تعني أن انتشار الديمقراطية البطيء
قد يكون جيدا لإسرائيل في المستقبل البعيد, لكنه يمكن أن يكون كذلك إذا
تحركت إسرائيل بشكل جاد بعيدا عن السياسات اليمينية المتطرفة والفصل
العنصري باتجاه نظام سياسي واجتماعي مفتوح يحرر الفلسطينيين، لكن مثل هذا
التصور لم يظهر بعد في الأفق السياسي الإسرائيلي في الوقت الراهن.
وبطبيعة
الحال, تأتي الولايات المتحدة في المرتبة الثانية للخاسرين وذلك يرجع
ببساطة إلى أن الوضع أصبح أكثر صعوبة من أي وقت مضى بالنسبة لواشنطن, حيث
ستتمكن الشعوب العربية من انتخاب قادتها, التي ظهر في آرائها الشعبية مدى
الغضب والإحباط من عقود بل قرون من السيطرة الاستعمارية الغربية, خُتمت في
الوقت الراهن بعقد من الحروب الأمريكية على الأراضي الإسلامية في بحث وهمي
عن حل عسكري للإرهاب المعادي للغرب.
لذا,
فمن المترقب ألا تنتخب هذه الجماهير العربية الموالين لأمريكا، بل وربما
كان الإسلاميون هم المستفيدون الأكثر احتمالا من هذا التغيير، جنبا إلى جنب
مع القوميين, فضلا عن أن الولايات المتحدة أصبح ينظر إليها على أنها قوة
متراجعة مع تقلص قدرتها في السيطرة على الأحداث, وكما هو الحال مع إسرائيل،
لن تكون هذه الأنباء الجديدة في العالم العربي جيدة للولايات المتحدة إلا
عندما تتخلى واشنطن عن محاولاتها التي لا نهاية لها للتدخل من أجل صياغة
الأحداث الإقليمية والسياسية المحلية كما يتراءى لها, وخلافا لرغبات معظم
المواطنين في المنطقة.
أما
ثالث أكبر الخاسرين فهي إيران, التي كان الشرق الأوسط ينظر إلى ثورتها في
عام 1979 بأنه إعلان للاستقلال الإقليمي ضد الهيمنة الأمريكية المتمثلة في
الإطاحة بشاه إيران, فضلا عن تمكن إيران من الانفراد بالدفاع عن القضية
الفلسطينية في الوقت الذي لم يجرؤ فيه الطغاة العرب الموالين لأمريكا ذلك,
ودعوتها لثورة شعبية، ودعمها لصعود كثير من الحركات التحررية. بيد أن
النظام الإيراني خان في السنوات القليلة الماضية كثيرا من هذه القيم التي
كان يصدرها للعالم العربي, مثل حرية الشعوب, فلم يعد بمقدور إيران بعد
الربيع العربي إدعاء احتكار المطالبة بذلك، كما لم تعد نموذجا للمنطقة.
أما
تركيا فهي التي يمكن اعتبارها نموذجا للمنطقة لما حققته من نجاحات في
المجالات الاقتصادية والسياسية، وتمتلك القدرة للحديث بصدق ومسؤولية وأمانة
وجراءة عن إخفاقات إسرائيل وواشنطن.
أما
الفائزون... فمن المؤكد أن الشعوب العربية تأتي على رأس القائمة, برغم أن
منافع الأنظمة السياسية الجديدة قد يتم توزيعها بالتساوي ولن يكون الطريق
ممهدا أو ربما يكون مملوءا بالصخور وغير مفروش بالورود, لأنهم يمرون بأول
تجربة أو فرصة ممارسة شكل من أشكال السيادة بأنفسهم ويرفضون تماما أن يفرض
عليهم أنظمة جديدة من قبل القوى الغربية لتحقيق المصالح الخارجية.
وبعد
ذلك تأتي مجموعة من الرابحين متمثلة في القوى الصاعدة حديثا, مثل الصين
وروسيا والهند والبرازيل وكندا ودول أخرى في مجموعة العشرين، والتي ترى
نفسها في عالم متعدد الأقطاب ولعبة توازن قوى دولية معقدة, بينما كانت
الولايات المتحدة الخاسر الأكبر حيث فقدت هيمنتها المطلقة في لعبة توان
القوى على المستوى الدولي.
-----------------
طالع..المصدر
تعليقات