انتخابات المغرب.. ربيع عربي مختلف


ترجمة: حسن شعيب
بينما تناضل الشعوب العربية لانتزاع حريتها، والتخلص من استبداد حكامها, فيما سُمي بـ (الربيع العربي) الذي تشهده المنطقة منذ ما يقرب من عام, استطاع المغاربة اللحاق بركب هذا الربيع، ولو بطريقة مختلفة.
فور سقوط الطغاة، واحدًا تلو الآخر, سارع ملك المغرب "محمد السادس" إلى إدخال إصلاحات سياسية ودستورية تمنح البرلمان ورئيس الوزراء مزيدًا من الصلاحيات, ومن ثم إجراء الانتخابات البرلمانية في 25 نوفمبر، وهو ما اعتبرته صحيفة نيويورك تايمز الأمريكية اختبارًا حقيقيًا للإصلاحات الجديدة, والتي جاءت نتائجها هذه المرة مختلفة عن سابقاتها، وبمفاجأة كبيرة، بعد فوز حزب العدالة والتنمية المغربي ذي التوجه الإسلامي بأكثر المقاعد.
وبعد ساعات من إغلاق صناديق الاقتراع، أعلن حزب العدالة والتنمية الإسلامي المعتدل فوزه في الانتخابات البرلمانية المغربية التي يتوقع أن تسفر عن تشكيل حكومة قوية بعد تخلي الملك محمد السادس عن بعض السلطات لمنع امتداد ثورات الربيع العربي إلى بلاده, وبذلك تكون هذه الانتخابات، هى الثانية التي يشهدها بلد في شمال أفريقيا منذ الربيع العربي، ويفوز بها حزب إسلامي بعد فوز حزب النهضة في تونس.
وبمشاركة 30 حزبًا، بدأت الانتخابات في المغرب المنافسة على مقاعد البرلمان التي يبلغ عددها 395 مقعدًا، منها 60 مقعدًا مخصصة للنساء و30 مقعدًا أخرى للشباب, وبلغت نسبة المشاركة 45 في المائة من أصل حوالي 5ر13 مليون ناخب لهم حق التصويت, وهي النسبة التي وصفها المراقبون الدوليون بأنها "مرضية" مقارنةً بانتخابات سابقة أدلى فيها 37 % فقط من الناخبين بأصواتهم.
من جانبه, قال لاشين داودي، نائب زعيم حزب العدالة والتنمية الإسلامي: "بناءً على التقارير التي قدمها ممثلو الحزب في مراكز الاقتراع في كل أنحاء المغرب, أعلن فوز حزب العدالة والتنمية", كما أعلن وزير الداخلية طيب شرقاوى فى مؤتمر صحفى، أن الحزب حصل على 80 مقعدًا، مقابل 45 مقعدًا لحزب الاستقلال الذي كان يقود الحكومة، بينما نال حزب التجمع الوطني للأحرار 38 مقعدًا، وحزب الأصالة والمعاصرة 33 مقعدًا.
وبهذه النتيجة سيكون حزب العدالة والتنمية مضطرًا- تأسيًا بحزب النهضة الإسلامي الذي فاز بالانتخابات في تونس القريبة من المغرب (والذي عزز من حظوظ فوز العدالة والتنمية)- لتوحيد الصفوف مع أحزاب أخرى لتشكيل حكومة, حيث إنَّ تكوين أغلبية برلمانية لتشكيل الحكومة يتطلب على الأقل 4 أحزاب.
ويرى بعض المراقبين أن فوز العدالة والتنمية المغربي يعود إلى عدة أمور؛ من بينها: استثماره الموروث الديني والتقليدي, وتركيزه على القيم والمعايير الأخلاقية، التي تجد قبولًا لدى المواطنين في ظل بيئة اجتماعية تتميز بالمحافظة، فضلًا عن أن هذا الحزب كان الأكثر تنظيمًا مقارنة بباقي الأحزاب، وهو ما مكنه من تغطية أغلب الدوائر الانتخابية.
وهذا ما بدا جليًّا في الحملات الانتخابية التي نظمها عبد الإله بن كيران، رئيس حزب العدالة والتنمية، حيث حرص على إبراز قدرته على تشكيل الحكومة القادمة ومعالجة المشاكل الاقتصادية، بالإضافة إلى أنه تناول الجانب الاجتماعي من زاوية الأخلاق، وليس من زاوية الحجاب واللباس الإسلامي, وركز فقط على مكافحة ما سماه بالسياحة الجنسية.
وإذا ما تجاوزنا وجود تخوفات لدى البعض في المغرب من تشكيل التيار الإسلامي للحكومة الجديدة ومدى تأثير ذلك على المجتمع والداخل والسياسة الخارجية, فإن هناك تحديات أخرى بانتظار الحكومة الجديدة لإخراج المملكة من سياق الحراك الإقليمي الداعي لإسقاط الأنظمة, من أبرزها القضاء على غلاء المعيشة وتدني الأجور واستيعاب الشباب الذين يعتبرون قاعدة الهرم السكاني المغربي، وبالطبع السبب الرئيس في إشعال الثورات في المنطقة العربية.
--------------- 
طالع..المزيد

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

النوبة .. ملاذُ السكينة على ضفاف النيل

اليمين النمساوي يطالب بحظر الرموز الإسلامية وسياسيون أيرلنديون يحثون على استيعاب المسلمين.. الأقليات المسلمة في أسبوع

اكبر حديقة ازهار في العالم.. 45 مليون زهرة وسط الصحراء