إردوغان يغيث الصومال



ترجمة: حسن شعيب
"نحن أتباع النبي الذي يقول: ليس منا من بات شبعانا وجاره جائع.. فهل يليق بنا أن نشيح بوجوهنا عن الشعب الصومالي بينما يتطلع إلى معونتنا؟!", كلمة صرَّح بها إردوغان خلال اجتماع منظمة التعاون الإسلامي الذي عُقِد الأسبوع الماضي لمناقشة تداعيات المجاعة والجفاف التي ألمت بدولة الصومال وشعبه، في محاولة جادة لتسليط الضوء على المعاناة الإنسانية في الصومال, ثم طبقها عمليا بتوجهه إلى البلد المنكوب بداية الأسبوع الجاري, ترافقه زوجته وأربعة من وزراء حكومته، وقاموا بزيارة مخيمات الإغاثة والمستشفيات كي يلفتوا أنظار العالم للكارثة التي تعصف بمنطقة القرن الإفريقي.
لا ريب أن زيارة إردوغان للصومال أثلجت صدور الجوعى، ومنحتهم بعض الأمل في الحياة، لكن المؤلم في المشهد هو أن يكون رئيس وزراء تركيا أكثر عطفا عليهم ورأفة بهم من إخوانهم في الدول العربية, بل وربما من بعض الصوماليين أنفسهم!
عندما ترى رئيس وزراء تركيا بين منكوبي المجاعة، لا تشعر مطلقا أنه غريب عنهم، فقد جلست زوجتُه بين النساء الصوماليات تخاطبهن، وتبكي حرقةً على حالِهم, بينما "إردوغان" يعلن تضامنه معهم، والتأكيد على أن المجاعة التي تفني الشعب الصومالي ليست مشكلة الصومال وحدها، ولا تركيا فحسب, بل هي مشكلة الإنسانية بأسرها, موضحا أن هذه المأساة امتحان للحضارة والقيم.
من اللافت أن زيارة إردوغان للصومال تعد الأولى لمسئول دولي منذ اندلاع الحرب الصومالية، لكن الأروع أنها لم تحمل أي نوايا سوى الدافع الإنساني في ظل تدهور الأوضاع للأسوأ في الصومال بعد تعرضها لأشرس مجاعة منذ 60 عاما.
وبرغم انشغال إردوغان ووزير خارجيته في الأزمة السورية والعلاقات المأزومة للغاية مع نظام الأسد, فإن الحكومة التركية لم تبخل على الصومال لا بوقت أو بمجهود, حيث رافق إردوغان وفد كبير من رجال الأعمال والإداريين والنواب, ما بعث الأمل من جديد في قلوب الصوماليين.
وعقب إجراء محادثات مع شيخ شريف أحمد, رئيس الصومال, عقد إردوغان مؤتمرا صحفيا أعلن خلاله عزم تركيا على فتح سفارة لها في مقديشو, وتعهد بتشييد طريق من مطار مقديشو إلى المدينة، وحفر آبار لتحسين إمدادات المياه، بالإضافة إلى تأسيس بعض المدارس لتعليم الأطفال، والمنازل لإيواء المشردين.
وكانت تركيا قد أرسلت في وقت سابق أربع طائرات محملة بعشرات الأطنان من المؤن والأدوية إلى الصوماليين, كما استضافت العاصمة التركية إسطنبول الأسبوع الماضي اجتماعا لمنظمة التعاون الإسلامي تعهدت فيه بتقديم 350 مليون دولار للصومال.
وقد افتتح رئيس الوزراء التركي، رجب طيب إردوغان، أعمال المؤتمر بكلمة أكد خلالها أن محنة الصومال هي اختبار للإنسانية جمعاء، مطالبا منظمة التعاون الإسلامي بتكثيف جهودها لمد يد العون للصومال على الفور، مشيرا إلى أن الحضارة الإنسانية ومجموعة العشرين تحديدا تمر باختبار حاسم في الصومال, واستطرد قائلا: "أود أن أوضح أن الأطفال الصوماليين لهم نصيب في جميع ما نأكل, إنها مهمتنا خلال هذا الشهر الفضيل لمساعدة أولئك الذين هم في أمس الحاجة".
وأضاف: "إذا كنت ممن يقودون سيارة فارهة فلا أقل من أن تكون كريما مع من يكابدون الجوع, وأتمنى أن توقظ جهود منظمة التعاون الإسلامي الضمائر النائمة ونتمنى أن يقدم العالم الغربي -الذي يحلو له التباهي بدخل الفرد فيه- الدعم للصومال".
جدير بالذكر أن كثيرا من المراقبين يعتقدون أن زيارة إردوغان للصومال ستشجع العالم برمته على الإسراع بتقديم المساعدات الحقيقية والعاجلة للنازحين الذين يهددهم الجوع والأمراض, ويمرون بأسوأ كارثة إنسانية, كما أنها ستكون فاتحة لزيارات مسئولين آخرين من العالم للصومال وهذا ما يساهم بشدة في جمع التبرعات وتقديم المعونات للشعب المنكوب.
يذكر أن منطقة القرن الأفريقي تمر في هذه الآونة بأسوأ مجاعة وموجة جفاف منذ أكثر من ستين عاما, وتحظى الصومال من المشكلة بنصيب الأسد، حيث تفاقمت الأزمة، وربما يتعرض 3.9 ملايين إنسان لخطر الموت جوعا، بل قضى نحو 29 ألف طفل صومالي نحبهم في الثلاثة أشهر الماضية فقط، وقد تزداد الخسائر وتصبح فادحة إذا لم تكن هناك استجابة دولية عاجلة.
------------------
طالع..المصدر

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

النوبة .. ملاذُ السكينة على ضفاف النيل

اليمين النمساوي يطالب بحظر الرموز الإسلامية وسياسيون أيرلنديون يحثون على استيعاب المسلمين.. الأقليات المسلمة في أسبوع

اكبر حديقة ازهار في العالم.. 45 مليون زهرة وسط الصحراء