الجوع.. معركة العرب القادمة!



ترجمة: حسن شعيب
يبدو أنّ المعركة القادمة التي سيواجهها شعوب (الشرق الأوسط) ستدور حول النمو السكاني وإمدادات المياه, ومن ثم سيكون الجوع هو المشكلة الرئيسية مستقبلاً. وبعدما تضع الانتفاضات والثورات السياسية في المنطقة أوزارها, ستُكشف العديد من التحديات الكامنة, ومن أبرزها: النمو السكاني السريع, ونقص موارد المياه, وتزايد انعدام الأمن الغذائي.
وتواجه بعض الدول العربية انخفاضًا حادًا في إنتاج الحبوب؛ بسبب نضوب المياه الجوفية. وقد أدرك السعوديون, بعد الحظر النفطي العربي وتصديره في السبعينات, أنهم كانوا يعتمدون اعتمادًا كبيرًا على استيراد الحبوب, وكانوا عرضة لحظر الحبوب بشكلٍ مضاد, وباستخدام التكنولوجيا للتنقيب عن النفط, استطاعوا استغلال المياه الجوفية في المناطق الصحراوية لإنتاج القمح وزيادة إنتاج الحبوب, وفي غضون سنوات, كانت المملكة العربية السعودية لديها اكتفاء ذاتي من المواد الغذائية الأساسية.
إلا أنّه وبعد أكثر من 20 عامًا من الاكتفاء الذاتي من القمح، أعلنت السعودية في يناير عام 2008 أنّ المياه الجوفية في طريقها للنضوب, مما سيؤدي تدريجيًا إلى انخفاض إنتاج القمح. وبالفعل انخفض محصول القمح بين عامي 2007 و 2010, إلى 3 مليون طن بنسبة ثلثي الإنتاج, وعلى هذا المعدل فإنّ السعوديين سيستنفذون محصول القمح لديهم في آخر عام 2012, وبعد ذلك ستعتمد المملكة  كليًا على استيراد الحبوب لإطعام سكانها، والذين يقدر عددهم بحوالي 30 مليون نسمة.
ويرجع الانخفاض التدريجي السريع من إنتاج القمح في المملكة العربية السعودية على نحو غير عادي لعاملين اثنين, أولاً: أنّ الزراعة قليلة في هذا البلد القاحل بسبب قلة موارد المياه, أما العامل الثاني: فهو أنّ الري يعتمد اعتمادًا كليًا تقريبًا على المياه الجوفية في ظل ندرة هطول الأمطار, كما سيكون استخدام مياه البحر المحلاة للري أكثر تكلفة من تزويد المدن بها حتى بالنسبة للسعوديين.
وقد أدّى تزايد انعدام الأمن الغذائي في المملكة العربية السعودية إلى شراء أو استئجار أراضٍ في دول أخرى, من بينها اثنان من أكثر الدول التي تعاني من الجوع في العالم وهما إثيوبيا والسودان, ويبدو أن السعوديين يخططون لإنتاج الغذاء بأنفسهم، وذلك بتوفير الأراضي والموارد المائية في بلدان أخرى لزيادة وارداتها التي تنمو بسرعة.
أما اليمن, أحد أسرع دول العالم نموًا في عدد السكان, فتواجه مشكلة مائية ضخمة, حيث أنّ انخفاض مناسيب المياه الجوفية, أدّت إلى تقلص محاصيل الحبوب بنسبة الثلث على مدى السنوات الأربعين الماضية, بينما واصل ارتفاع الطلب عليها بشكلٍ ثابت, ونتيجة لذلك فإن اليمنيين يستوردون أكثر من 80 ٪ من محاصيلهم, فضلاً عن تراجع صادراتهم من النفط, إلى جانب عدم وجود أي صناعة يمكن الحديث عنها، وأنّ ما يقرب من 60 ٪ من الأطفال يعانون من التقزم جسديًا ونقص التغذية المزمن, لذلك تُعد اليمن من أفقر الدول العربية التي تواجه مستقبلاً قاتمًا, ويحتمل أن يكون مليئًا بالاضطرابات.
ومن المرجح أن يؤدي نضوب المياه الجوفية في اليمن  إلى مزيد من الانكماش في المحصول وانتشار الجوع والعطش, ومن ثم الانهيار الاجتماعي, حيث ستصبح اليمن بالفعل دولة فاشلة, تنقسم إلى مجموعة من الإقطاعيات القبلية, المتحاربة على الموارد المائية المتبقية الشحيحة.
ولن تسلم سوريا والعراق من مشاكل المياه أيضًا, النابعة من انخفاض تدفقات نهري دجلة والفرات, الذين تعتمد عليهما الدولتين في مياه الري. أما تركيا, فهي التي تسيطر على منابع هذه الأنهار, في خضم برنامج بناء السدود الضخمة لخفض تدفقات دول المصب, وعلى الرغم أن البلدان الثلاثة هي طرف اتفاقية تقاسم المياه, فإنّ خطط تركيا لتوسيع الحصول على الطاقة الكهرومائية ستؤثر جزئيًا على حساب جارتيها.
ونظرًا لعدم اليقين المتعلق بمستقبل إمدادات المياه من خلال النهر, فإنّ المزارعين في سوريا والعراق قاموا بحفر المزيد من الآبار لأغراض الري, مما سيؤدي إلى الإفراط في الضخ في كلا البلدين، في ظل تراجع محصول الحبوب في سوريا بنسبة الخمس، حوالي 7 مليون طن، وقد بلغ التراجع ذروته في عام 2001, كما انخفض محصول الحبوب في العراق, بنسبة الربع 4.5 مليون طن، وبلغ ذروته في عام 2002.
ولا يختلف الحال كثيرًا في الأردن, حيث يتواجد 6 ملايين شخص تقريبًا, والتي كانت تنتج, منذ أربعين عامًا خلت أكثر من 300 ألف طن من الحبوب سنويًا, أما اليوم, فإنها لا تنتج سوى ستين ألف طن, وبالتالي تضطر لاستيراد أكثر من 90 ٪ من احتياجاتها الغذائية من الحبوب. في حين يبقى لبنان هو البلد الوحيد في المنطقة البعيد عن حدوث انخفاض في إنتاج الحبوب.
وبالتالي من المتوقع أنّ يشهد العالم أول تصادم بين النمو السكاني وإمدادات المياه على المستوى الإقليمي. ولأول مرة في التاريخ, يحدث انخفاض في إنتاج الحبوب في المنطقة مع عدم وجود رؤية في الأفق لكبح هذا الانخفاض, وذلك بسبب فشل الحكومات العربية في سياساتها المائية والسكانية, والخلاصة أنّ العالم العربي يشهد يوميًا زيادة أكثر من 10 آلاف في حاجة إلى التغذية في مقابل انخفاض موارد المياه.
---------------------
طالع..المصدر

تعليقات

الله يبارك فيك يا أستاذ حسن الترجمة جميلة

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

النوبة .. ملاذُ السكينة على ضفاف النيل

اليمين النمساوي يطالب بحظر الرموز الإسلامية وسياسيون أيرلنديون يحثون على استيعاب المسلمين.. الأقليات المسلمة في أسبوع

اكبر حديقة ازهار في العالم.. 45 مليون زهرة وسط الصحراء