أمراض إسرائيل العشرة
ترجمة: حسن شعيب
عشرة مشاكل كبيرة يواجهها الإسرائيليون في الوقت الراهن.
طالع..المصدر
أولا: الحسد
هناك
فرقٌ جوهري بين أمريكا وإسرائيل فيما يتعلَّق بثقافة الأعمال, فالأمريكيون
ينتهجون مبدأ "الربح للطرفين" الذي لا يؤمن به الإسرائيليون، وبينما
يُعتبر هذا المبدأ أساس عالم الأعمال في أمريكا, بما يعنيه من عدم إضاعة
الوقت في محاولة هزيمة الآخر, والبحث عن وسيلة تجعل الطرفين راضيَيْن, لا
تعرف إسرائيل سوى ثقافة الفوز، أي رؤية الخصم ملقَى على الأرض, وعليه
فالانتصار ليس له قيمة عندها سوى بتدمير الآخر، المشكلة أن ذلك، ومع مرور
الوقت، سيتسبب في إنتاج ظاهرة أخرى, مثيرة للقلق أكثر، وهي: الإسرائيليون
يكرهون الفائزين!
على
سبيل المثال, عندما يرى الأمريكيون شخصًا مثل ستيف جوبز أو مارك زوكربيرج,
اللذين حقَّقا مليارات الدولارات بفضل مواهبهم وعزمهم, فإنهم يقولون
لأنفسهم: "نريد أن نكون مثله", وهذا هو المحرك الرئيسي في مجالات عديدة في
المجتمع الغربي، بينما الإسرائيليون عندما يرون شخصًا ناجحًا, فإنهم
يقولون: "نتمنى أن يفقد كل شيء, وأن نرى هذا الوضيع فاشلا, ونأمل أن تُغلَق
شركته, وأن تتركه زوجته الجميلة, وأن تُحقِّق الشرطة معه وينتهي به الأمر
في السجن" لماذا؟ لأن افتراض الإسرائيليين الأساسي أن هؤلاء الفائزين نجحوا
لأنهم سرقوا شيئًا منهم وهم منشغلون!
ثانيا: السطحية
كثيرا
من الناس يختلقون أعدائهم, وهذا ما يفصح لنا عن ضرورة معالجة رؤى عالمية
معقدة, ومنها أن أي شخص يفكر بطريقة مختلفة يصبح غامضًا وعنصرًا خبيثًا
يهدد حياتنا، وكل عنصر من هذا القبيل نطلق عليه اسما ما، دون تعمق فيما
نعنيه، فمثلا, يعتبر الإسرائيليون بشكل سطحي "الحريديم" حفنة من الطفيليات
التي تلد الأطفال في كل وقت, ولا ينضمون إلى الجيش، والغريب في الأمر أن
الشخص نفسه, والذي لجأ إلى إطلاق مثل هذه التعميمات, يشعر بالإهانة عندما
يتم تطبيق مثل هذه التعميمات عليه, وهم مقتنعون بأننا إذا ما أنصتنا لهم
فإنهم سيذهلوننا, ولسبب ما, فإنهم غير مستعدين لدفع الثمن الطبيعي لهذه
الميزات: وهي الاستماع للآخرين أيضًا.
ثالثا: ادِّعاء الأخلاق
هل
صُدمت حينما ارتُكِبَت مذبحة ايتمار (قُتل فيها خمسة إسرائيليين)؟ هل أنت
متأكد أنك صُدمت؟ كم صدمة؟ هل صُدمت بما فيه الكفاية؟ إذا وقعت المجزرة في
تل أبيب, هل تكون صدماتك أكثر أو أقل؟! هل تعرف كم عدد الأطفال الذين
قُتلوا في غزة في عملية "الرصاص المصبوب"؟ هل ترى ذلك باعتباره وصمة في
ضميرك؟ ألا ترى أن الناس الذين يظلون صامتين لا يقلون ذنبًا عن مرتكب
المذبحة؟ هل تُفضل السلام؟ إذا كنت مؤيدًا للسلام، لكنك لا تفعل شيئًا
حياله, هل يعني ذلك أنك ضد السلام؟
رابعا: الخداع والاحتيال
تقريبًا
لا توجد لغة لا تحتوي تعبيرًا يعني, ببساطة, أن الأمور السيئة تحدث في بعض
الأحيان, فالحياة حقيرة ومليئة بالحزن، وأحيانًا الزلازل والفيضانات
والحرائق والحوادث؛ فالحياة كذلك، وهذا ليس ذنب أحد، أما في العبرية فقط,
فلا يوجد مثل هذا التعبير, ولا يمكن أن يكون من قبيل الصدفة.
لذلك,
عندما يحدث شيء سيئ, لا بد من وجود شخص خاطئ, إذا ما أصابنا,
(الإسرائيليون) ضرر, فينبغي أن يصاب آخر, وإذا وقعت كارثة لنا, يجب أن يدفع
أحدهم الثمن, فإذا لم يكن مجرمًا, سيكون الجاني, أو على الأقل مهملا, وعلى
أية حال, فإنه سيغادر, وإذا لم يغادرْ فهذا يعني أنه يرفض تحمل المسئولية,
لذلك لا بد من استخدام محامٍ لمقاضاته ويتم تشكيل لجان تحقيق, ومنها لجان
تقصي الحقائق في "أسطول الحرية" و "العدوان على غزة".
هناك
شيء واحد يجب أن يُعرف عن لجان التحقيق: أنهم دومًا يعثرون على شيء ما,
وهذا طبيعي فمن المستحيل للجنة التحقيق ألا تكتشف شيئًا بعدما قامت
باستئجار المحققين واستجواب الشهود, والكشف عن الوثائق ومناقشة القضايا
لشهور طويلة, حينها يخرج علينا أحدهم قائلا "مساء الخير -- بعد التحقيقات
المكثفة والمطولة نحن مضطرون للإعلان أننا وجدنا شيئًا, شكرًا لكم وطابت
ليلتكم"!
خامسا: نظام الحكومة
يعتقد
الجميع أن دولة إسرائيل ليس لديها وزير للصحة, لكنهم مخطئون، دولة إسرائيل
لديها وزير صحة الموهوب يدعى "بنيامين نتنياهو" وهو وزير الصحة الثاني عشر
خلال السنوات الـ 15 الماضية, فهل يمكننا أن ننهض بنظام الرعاية الصحية
على هذا النحو؟ بالطبع لا, بل هل يمكننا أن ندير أي نظام آخر بهذه الطريقة؟
بالطبع لا.
سادسا: الحديث عن اسم الله عبثا
في
الواقع, لقد أصبح الله العذر المفضَّل لأي شخص في إسرائيل, بما في ذلك
الأشخاص غير الصالحين, فهؤلاء الذين لا يرغبون في الانضمام إلى الجيش, أو
الذين لا يرغبون في العمل, أو الذين لا يريدون تعليم أبنائهم اللغة
الإنجليزية والرياضيات, أو الذين اعتدوا بالضرب على عجوز عربي تحت شجرة
الزيتون التي يمتلكها, أو هؤلاء الذين قتلوا شخصًا ما ويدخلون المحكمة وعلى
رءوسهم القبعة اليهوديَّة السوداء، أو هؤلاء الذين يستخدمون سلطتهم
اليهودية ليعلنوا أن الرئيس السابق موشيه كاتساف غير مذنب, هو ما شوَّه
صورة الدين، وهو السبب في أن الكثير من الصالحين يتركون الدين والعودة على
الله.
سابعا: التجاهل
قبل
عشرة أيام قام أحد أكبر صناديق رأس المال الاستثماري في إسرائيل بعقد
اجتماع للإدارة يتحدث جدول أعماله عن الاستعداد للعقوبات التي ستفرض ضد
إسرائيل، قال أحد المديرين التنفيذيين: "إن الحكومة قد تستطيع أن تتجاهل ما
يحدث من حولنا, أما نحن فلا بد أن نحمي استثماراتنا... من الواضح أن
العقوبات قادمة, لذلك فمن الأفضل أن نستعدَّ لها".
ورغم
أن سيناريو العقوبات والمقاطعة العربيَّة ممكن حدوثه, إلا أنه لم يقمْ أي
شخص هنا بالاستعداد لذلك ولكننا استعضنا عنها بفكرة أخرى: فبدلا من اتباع
سياسة واقعية لمواجهة التهديدات الحقيقية, قمنا بإغلاق أعيننا وصم آذاننا،
وإذا كنا كذلك فلنتجاهل أيضًا أن نحو 50٪ من تلاميذ الصف الأول هذا العام
كانوا إما من الحريديم أو العرب, ولنتجاهل أيضا حقيقة أن الفجوات
الاجتماعيَّة والاقتصادية في إسرائيل هي الأكبر في العالم الغربي.
حقًّا
إن هذه هي سياسات إسرائيل الجديدة: تجاهل الحقائق غير السارة, وإذا
ذكَّرنا شخصٌ ما بها فإننا نتهمه بمعاداة إسرائيل ونطلب منه أن لا يُزعجنا.
ثامنا: التعليم
حول
هذا الموضوع كتبتُ مرارًا وتكرارًا, كما تحاورتُ مع أصدقائي عدة مرات، مما
أثار حفيظة كثير من هؤلاء الذين فشلوا في إدراك أنه ليس هناك ما هو أكثر
أهمية من التعليم, وقد قلتُ ألف مرة: إن "جودة النظام التعليمي لا يمكن أن
تكون أفضل دون تحسين حال المعلمين".
نزعم
أننا نبني دولة, وهذا خطأ؛ فالمفترض أن يقوم الشعب ببناء المدارس والتعليم
ثم تُبنى الدول حول هذه المدارس من تلقاء نفسها, إذا كانت المدارس جيدة,
ستكون الدول كذلك, أما إذا كانت سيئةً, فإن الدول ستكون سيئة مثلها، لا
يوجد شخص واحد في إسرائيل لا يفهم أن التعليم هو الشيء الوحيد الذي يضمن
تميزنا النوعي على الدول العربيَّة, من الناحية النظرية والعمليَّة, وهذا
ما يقِرُّ به المسئولون الحكوميون, "أن نظام التعليم في إسرائيل يواجه
الانهيار التام".
تاسعا: الشر والخبث
هل
سبق لك أن سألت نفسك لماذا لا يتملص نجوم هوليود من المصورين
الإسرائيليين؟ هل لأنهم اعتادوا على ذلك؟ لكن لأنهم يجدون الإقبال هنا في
إسرائيل بكثافة وعدوانيَّة, واقتحاميَّة, وانتهاك مطلق، أما في أمريكا
وأوروبا أو في أي مكان آخر تسير الأمور بشكلٍ مختلف.
لقد
أصبحنا نحن الإسرائيليون جامحين وعفويين للغاية, بل إنك ستجد هذا الشر
والخبث يظهر بوضوح في تعليقات الإسرائيليين على المقالات والبرامج
الحواريَّة، وفي مقابلة مرتجلة مع الرجل في الشارع في أعقاب هجوم إرهابي،
حيث يقول: "آمل أن تهبط صواريخ (حماس) على أرض تل أبيب أيضًا" يصرخ قائلا
في الميكروفون: "حتى يشعر المواطنون في تل أبيب بما نشعر به هنا أيضًا!"
عاشرا: التناسب
فالأمور
جميعها تتعلق بالكمية.. فكل المصائب جيدة ما دامت فرادى، كل شيء حولنا
مزدحم، وصاخب، وبلا حدود. وربما ما نحتاج إليه في الوقت الحالي أن نحصل على
ما نحصل عليه الآن لكن بكميات أقل.
-----------------------
طالع..المصدر
تعليقات