ليبيا.. حرب غير دستورية
ترجمة: حسن شعيب
ربما
تكون الإدارة الأمريكية حصلت على قرار من مجلس الأمن لإضفاء الشرعية على
حربها في ليبيا, إلا أن ميثاق الأمم المتحدة لا يمكن اعتباره بديلا عن
دستور الولايات المتحدة, الذي يمنح الكونغرس فقط صلاحية "إعلان حرب" وليس
الرئيس. لذلك يبدوا أن إدارة أوباما تفتح آفاقا جديدة للسلطة المطلقة, حيث
يتصرف أوباما وإداراته داخليا وخارجيا، بشكل متزايد، بمعزل عن الكونجرس.
وعند
قراءة التاريخ نجد أن الكونجرس, بعد حرب فيتنام, قام بتمرير قرار "صلاحيات
الحرب", والذي منح الرئيس سلطة التصرف بشكل منفرد لمدة 60 يوما للتعامل مع
"الطوارئ القومية التي ربما تنشأ نتيجة لهجوم على الولايات المتحدة أو
أراضيها أو ممتلكاتها, أو قوات الجيش", كما أعطى القانون الرئيس التنفيذي
مدة 30 يوما إضافية لفك الارتباط إذا فشل في الحصول على موافقة الكونجرس
خلال الفترة الانتقالية.
برغم ذلك, ليس لهذه الأحكام علاقة دستورية بالتدخل العسكري في ليبيا, حيث أنها لم تهاجم "القوات الأمريكية".
لقد
كان لدى الرئيس الأمريكي الكثير من الوقت للحصول على دعم الكونجرس قبل
الهجوم على ليبيا, وكان يمكنه تكوين ائتلاف واسع, من السيناتور جون ماكين
إلى السناتور جون كيري, بتعبئتهما نيابة عن قرار من الحزبين باعتبار أن
الإدارة الأمريكية تشارك في الحل الدبلوماسي الدولي للأزمة.. لكن يبدوا أن
أوباما اعتقد أن الضغط على الجامعة العربية أكثر أهمية من الكونجرس
الأمريكي.
وباستغنائه
عن الكونجرس, تجاوز أوباما بذلك قرار سلفه بيل كلينتون المريب، عندما قام
بقصف كوسوفو في 1999, ثم عاد مكتب وزارة العدل ليؤكد أن الكونجرس قد أعطى
موافقته من تخصيص الأموال لحملة كوسوفو, وقد كان هذا بسطا كبيرا للأمر,
بالنظر إلى الحقائق الفعلية, لكن أوباما حتى لم يستطع الاستفادة من ذات
الوسيلة اليائسة, حيث إن الكونجرس لم يخصص أي أموال للحرب الليبية, لذلك
يستخدم أوباما الأموال المخصصة لوزارة الدفاع للأغراض العامة لتنفيذ الحملة
الجوية الحالية، للتأكيد على أن سلطته كقائد عام تسمح له بشن الحرب دون
الرجوع إلى الكونجرس, على الرغم من إثبات الدستور غير ذلك.
مثل
هذه المزاعم قام بها العديد من الرؤساء الجدد, لكن من المدهش أن نجد
أوباما على وشك إقرار سوابق من هذا القبيل, وهو الذي انتُخِب نظرا لكثرة
المخالفات التي ارتكبها جورج بوش, لكنه الآن يتحرك على أرض لم يطأها بوش
نفسه, حيث أن بوش, برغم حديثه المفرط عن صلاحياته الأصيلة, حصل على إذن من
الكونجرس في حروبه على أفغانستان والعراق, أما أوباما فقد تخطى كلام بوش عن
صلاحياته إلى الفعل بالحرب في ليبيا, دون تفويض من الكونجرس.
من
جانبه, قال روسكو بارتليت، النائب الجمهوري "إن العمل العسكري في ليبيا
غير دستوري، موضحا أن الولايات المتحدة ليس لديها جيشا ملكيا، لذلك يعد
اختيار أوباما أحادى الجانب بتدخل الجيش الأمريكي في ليبيا إهانة للدستور",
ولا يمكننا أن نعتبر إصرار الرئيس باقتصار حملته الليبية في أهدافها
ومدتها عذرا, وهذه بالتحديد هي الشؤون التي كان ينبغي أن تكون محددة
بالتعاون مع الكونجرس. وإذا كان يزعم في الوقت الراهن الصلاحية الأصيلة,
فلماذا لا يمكن أن يعيد أوباما تحديد أهداف الولايات المتحدة من تلقاء
نفسه؟ بل والأهم من ذلك, ما الذي يمنع الرؤساء القادمون من استخدام سابقة
أوباما لتبرير إجراءات أحادية الجانب أكثر جرأة ؟
ومن
ثم توجب على الكونجرس أن يتخذ مزيدا من الخطوات الأساسية لوضع الرئاسة
المطلقة تحت السيطرة, لتمنع أي رئيس أيا كان من استخدام صلاحياته المطلقة
في شن حروب دولية كالتي قام بها بوش في العراق وأفغانستان. لكن إذا ظل
الكونجرس صامتا سيمنح الرئيس الثقة فيما يقوم به, وإذا ما فشل الكونجرس في
التعامل مع هذا الأمر, فإن الولايات المتحدة ستقترب بسرعة من الاستبداد
بالسلطة والصلاحيات المطلقة الحقيقية.
-----------------
طالع..المصدر
تعليقات